مار جاورجيوس يكلّل دعوة جديدة في تربل
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران درويش عظة هنّأ فيها أهالي البلدة بالشّمّاس الجديد وبعيد شفيع الرّعيّة قائلاً: "أعايدكم بعيد القدّيس جاورجيوس شفيع الكنيسة وشفيع الرّعيّة، أعايد كلّ من يحمل اسم هذا القدّيس الشّهيد وأعايد كاهن الرّعيّة الأب جوني أبو زغيب وأشكره على خدمته هذه الرّعيّة.
كما يسرّني أن أقدّم لكم اليوم شمّاسًا رسائليَّا جديدًا للأبرشيّة ابن هذه البلدة المرنّم جورج فرج، وقد اتّخذ له اسم الأخ ديمتريوس، وقد لقّب هذا القدّيس الشّهيد بالمفيض الطّيّب.
اختار الرّبّ الأخ ديمتريوس جورج ليساعد كاهن الرّعيّة في بعض الخدمات الأسراريّة. والشّمّاس الجديد مشهود له بمحبّته للكنيسة وغيرته الرّسوليّة. نبارك له ولكم هذه الرّسامة ونطلب من الرّبّ أن يبارك خدمته.
يروي لنا يوحنّا الإنجيليّ حادثة أعجوبة مخلّع بركة بيت حسدا، أي بيت الرّحمة. وقد اختارت كنيستنا هذه الحادثة في زمن القيامة لتؤكّد لنا بأنّنا أبناء القيامة، وبأنّ القيامة تمنحنا نعمة الحياة الجديدة. والكنيسة الأولى كانت تُعمّدُ الموعوظين، طالبي العماد، في سبت النّور، أيّ في زمن القيامة، بذلك ينتقل المعمّد في زمن الفصح إلى الحياة الجديدة، لأنّ المسيح افتتح بقيامته زمنًا جديدًا.
كان النّاس يؤمنون بأنّ ملاكًا ينزل من السّماء مرّة في السّنة ويبارك ماء البركة، والمريض الأوّل الّذي ينزل فيها يُشفى، وقد تجمّع في ذلك النّهار مرضى كثيرون حول البركة. وفي لحظة مرَّ يسوع أمام رجل مُقعد، مُقيّد الرّجلين، لا يستطيع أن يتحرّك فالمرض سلبه الحرّيّة والمبادرة منذ ثمان وثلاثين سنة. بادره يسوع وقال له: "قُم احمل فراشك وامش". لم يغتسل في البركة ولم يسأل الرّجل الغريب من أنت؟ ومن أين أتيت؟ ومن أعطاك القدرة أن تشفيَني؟. نهض بكلّ بساطة ومشى.
يقارن الآباء القدّيسون بين مياه بركة عين حسدًا ومياه المعموديّة، فمياه البركة كانت تتحرّك وتُبارَك مرّة في السّنة، أمّا مياه المعموديّة فهي تتحرّك وتُبارَك باستمرار وهي في كلّ مكان في العالم. في البركة كان النّاس ينتظرون ملاكًا ليحرّك المياه، أمّا في المعموديّة فالرّوح القدس هو الّذي ينحدر ويختم المعمّد إلى الأبد.
المياه في بيت حسدا كانت تشفي الجسد أمّا مياه المعموديّة فتشفي الإنسان من الخطيئة.
في البركة كان واحدًا ينال الشّفاء أمّا في المعموديّة فالبشريّة كلّها صارت قادرة أن تنال نعمة الشّفاء.
يقول القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفمّ إنّ النّصّ الإنجيليّ الّذي يتحدّث عن البركة هو تصوير مسبق للمعموديّة وتحريك الماء إشارة إلى ما سيعمله الرّوح القدس.
يضيف على ذلك القدّيس أمبروسيوس ويقول "إنّ نزول الملاك يرمز إلى نزول الرّوح القدس الّذي ينزل في أيّامنا ويقدّس الماء الّتي تحرّكها صلاة الكاهن. في ذلك الوقت كان الملاك خادمًا للرّوح القدس والآن نعمة الرّوح أمست دواء لأمراض نفوسنا وأجسادنا.
عندما يمرُّ بنا يسوع نستغني عن البركة، نستغني عن كلّ شيء، لأنّنا نجد فيه ينبوع الماء الحيّ، والمحبّة المحيية، والقوّة الخالقة الّتي تُغيّرنا وتمنحنا حياة جديدة.
سأل المسيح المخلّع "أتريد أن تبرأ؟" وكان جوابه "ليس لي إنسان يساعدني.. أحيانًا كثيرة نعيش كالمخلّع، ننتظر على حافّة البركة، نطلب من يحرّك فينا الهمّة، نعيش الرّتابة، ننتظر أن يقدّم لنا النّاس خبزنا اليوميّ، نفقد الرّجاء ولا نعود نعرف معنى الحياة. وعندما يسألني يسوع هل تريد الشّفاء؟ نجيبه: الآخر لا يساعدني، يعني الحقّ على الآخرين، أبرر نفسي وأضع الملامة على غيري، أخترع القصص والأخبار لأغطّي فشلي ورتابة حياتي. أنا أعلم في قرارة نفسي بأنّي خاطئ، لكنّني أخترع الأعذار.
إنّ كلمة الرّبّ تحييني عندما أعترف بخطيئتي وأتّكل عليه، فعنده وحده الشّفاء. لقد مرّ يسوع بالرّجل المخلّع وهو يمرُّ بي أيضًا ويقول لي: "قم وامش" فيسوع هو القيامة والحياة الجديدة وهو الدّرب والطّريق والحياة. آمين".