ماذا يقول البطريرك ساكو عن سرّ المصالحة والتّوبة والغفران؟
"يُخبِرنا الإنجيل عن مغفرة يسوع لأناس عديدين. والمغفرة تعني أن يصالح الإنسان نفسه ويُصلِحُها. وجعلَ يسوع مغفرة بعضنا البعض شرطًا لمغفرة الله لنا: “فإِن تَغفِروا لِلنَّاسِ زلاتِهِم يَغْفِرْ لكُم أَبوكُمُ السَّماوِيّ وإِن لَم تَغفِروا لِلنَّاس لا يَغْفِرْ لكُم أَبوكُم زلاَّتِكُم” (متى 6: 14-15)، بمعنى آخر، إغفر لأخيك بقدر ما هو ضروري ولا تَتعب من مسامحة المسيئن اليكَ “سبعين مرة سبع مرات” (متى 18: 22). الغفران يُنشئُنا ويُنشي من أساءَ الينا، لأن الحُبّ أكثر تأثيرًا وبِناءً، وإلّا سقطنا في دوامة الكراهيّة والثّأر!
يغفر لنا الله خطايانا بفعل ندامتنا، وممارستنا سرّ التوبة– المصالحة، أي سرّ الرحمة الإلهية، وبصلاتنا وفعلنا للخير أيضًا. كلَّ مرَّة نعترف بخطايانا للكاهن الذي يمارس هذه الخدمة، إنما يمارسها كما ذكرت، بإسم الرب وليس بإسمه، ننال رحمة الله وغفرانه. فالمُعَرِّف يقول في صيغة الحَلَّة: "مغفورةٌ لكَ خطاياكَ، إذهب بسلام ولا تَعُد الى إرتكاب الخطيئة".
تمرّ ممارسة سرّ التوبة حاليًا بأزمة، بسبب الجهل وحالة اللاوعي بالخطيئة، لذا تخلّى البعض عن الإعتراف، معتبرًا إياهُ ممارسة من الماضي. والبعض الآخر لم يعترف منذ المناولة الأولى، أو من يوم زواجه. هذا تضييع فرصةِ الاستفادة من رحمة الله التي يمنحها لنا بممارستنا هذا السرّ. الإعتراف– التوبة يساعدنا على تجاوز ضعفنا، وتنقية الأجواء ومنحنا فرصة للمضيّ نحو الأفضل. الكاهن يساعدك من خلال التوجيه والإرشاد، ويغفر لك باسم الله وليس بإسمه. والكاهن مُلزَم بحفظ السرّ بشكل تام حتى ولو كلَّفه ذلك حياته. فلا يمكن أن يُفشي به. ولدينا أمثلة رائعة عن كهنة تعذَّبوا وماتوا بسبب ذلك.
الخطيئة ليست شأنًا فرديًا، إنما تهمّ كل الجماعة، وهكذا الحال بالنسبة للمُصالحة. يقول القديس أوغسطينس (354 – 430 م): "لايقولنَّ أحدٌ، عندما لا أحبّ أخي فأنا أخطئ ضد إنسان، ولكن كيف لا تخطئ ضد الله عندما تخطئ ضد الحب". كيف نقدر أن نعود إلى البيت الأبوي من دون مصالحة إخوتنا؟ السرّ لا يكون صحيحًا من دون الغفران والمصالحة. ولتحديد مسؤولية الخاطئ لا بد أن تتوفر لديه المعرفة والإرادة الحُرّة. الخطايا الجسيمة تحتاج الى سرّ التوبة (الإعتراف).
توجد طريقتان للاحتفال بسرّ المصالحة: رتبة جماعية، أي ضمن الجماعة الملتئمة للصلاة والتي تُقرُّ بضعفها وخطيئتها وحاجتها إلى الغفران والعون. وتتضمن الرتبة قراءات من الكتاب المقدس، وموعظة، وفحص للضمير، وفعل الندامة، وفي ختامها يمنح الكاهن الحَلَّة– الغفران للتائب الذي يعترف فرديًا بخطاياه، ويلتزم بحياة جديدة. ورتبة فردية، لا تزال هي السائدة في معظم كنائسنا. هذه الممارسة ترتكز على اعتراف فردي أمام الكاهن الذي يمنح الحَلَّة بإسم الله. واليكم الصيغة التي اعتمدناه في سينودس 2014: "يا إلهنا المملوء رحمة، أفِضْ حنانك على خادمك هذا، وإغفر خطاياه وخلّصه منها، وليجدّده روحك القدوس، وليثبّته في سلوك طريق البِرّ والقداسة، لتكن خطاياك مغفورة بإسم الآب والإبن والروح القدس إلى الأبد". يجيب التائب: آمين. ويرسم الكاهن علامة الصليب على جبين الشخص!".
المصدر: بطريركية بابل للكلدان