الفاتيكان
14 كانون الثاني 2022, 12:50

ماذا يقول البابا فرنسيس عن الرّؤية والتّمييز والعمل؟

تيلي لوميار/ نورسات
الرّؤية، والتّمييز، والعمل، ثلاث كلمات ركّز عليها البابا فرنسيس في كلمته أمام مسؤولي حركة العمل الكاثوليكيّ في فرنسا لمناسبة حجّهم إلى روما تحت شعار "رسلاً اليوم"، فـ"التّلاميذ، وحين ساروا مع يسوع على طريق عمّاوس، أخذوا في تذكّر الأحداث الّتي عاشوها ثمّ تعرّفوا على حضور الله في هذه الأحداث ثمّ قاموا بالعمل من خلال العودة إلى أورشليم لإعلان قيامة المسيح."

من هنا، تحدّث البابا أوّلاً عن "الرّؤية" فقال بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّها تعني التّوقّف وملاحظة الأحداث الّتي تشكّل حياتنا وتاريخنا، جذورنا العائليّة، الثّقافيّة، المسيحيّة. ثمّ أشار إلى الذّاكرة باعتبارها نقطة البداية في تنشئة حركة العمل الكاثوليكيّ".

وأضاف: "إنّ التّذكّر بالمعنى الأقوى لهذه الكلمة يعني أن نفهم لاحقًا معنى ما عشناه، وأن نلمس كيف كان الله حاضرًا في كلّ لحظة. إنّ رهافة ورقة عمل الرّبّ في حياتنا تجعلنا في بعض الأحيان لا ندرك هذا العمل على الفور فنحتاج إلى ذلك البعد الزّمنيّ للمس استمراريّته." وذكَّر بتأكيده في الرّسالة العامّة Fratelli tutti على أنّه لا يمكن السّير إلى الأمام أو النّموّ بدون ذاكرة متكاملة ومنيرة.

وفي تأمّله في الكلمة الثّانية "التّقييم" والّتي يمكن استبدالها بكلمة "التّمييز"، فقال: "إنّها اللّحظة الّتي نتساءل فيها ونضع محلّ النّقاش، والمرجع في هذه المرحلة هو الكتاب المقدّس. إنّ هذا يعني تقبُّل أنّ حياتنا تمرّ عبر كلام الله". وذكَّر هنا بكلمات بولس الرّسول في رسالته إلى العبرانيّين "إِنَّ كَلامَ اللهِ حَيٌّ ناجع، أَمْضى مِن كُلِّ سَيفٍ ذي حَدَّين... وبِوُسْعِه أَن يَحكُمَ على خَواطِرِ القَلْبِ وأَفكارِه". وأضاف أنّه اختار في الرّسالة العامّة Fratelli tutti مَثل السّامريّ الصّالح للتّأمّل في علاقتنا مع العالم ومع الآخرين، وبشكل خاصّ مع الأكثر فقرًا. وتابع أنّ بإمكاننا في اللّقاء بين أحداث العالم وحياتنا من جهة وكلمة الله من جهة أخرى أن نميّز النّداءات الّتي يوجّهها إلينا الرّبّ. ثمّ توقّف عند السّينودسيّة مشدّدًا على أنّها "ليست مجرّد نقاش أو بحث عن موافقة أغلبيّة وكأنّنا في برلمان، كما أنّها ليست خططًا أو برامج يجب تطبيقها، بل هي أسلوب يجب اعتماده، بطله الأساسيّ هو الرّوح القدس الّذي يعبِّر عن نفسه في المقام الأوّل في كلمة الله الّتي تُقرأ ويتمّ التّأمّل فيها وتَقاسمها معًا".  

هذا و"تحدّث البابا فرنسيس أيضًا عن تثبيت الأنظار على صليب يسوع والّذي يعني، وحسب ما يقول القدّيس بولس، قبول أن نضع حياتنا تحت نظرة يسوع وهذا اللّقاء بين فقرنا البشريّ وألوهيّته المحوِّلة." ودعا الأب الأقدس ضيوفه من هذا المنطلق إلى أن يتركوا مكانًا هامًّا لكلمة الله في حياة جماعاتهم وأن يوفّروا فسحة للصّلاة والتّعبّد.

وأخيرًا توقّف البابا فرنسيس عند الكلمة الثّالثة: "العمل" والّتي نجدها في اسم الحركة، فقال: "إنّ الإنجيل يعلِّمنا أنّ هناك في العمل دائمًا مبادرة الله." وذكَّر هنا بكلمات القدّيس مرقس في حديثه عن التّلاميذ عقب القيامة "والرَّبُّ يَعمَلُ مَعَهم ويُؤَيِّدُ كَلِمَتَه بِما يَصحَبُها مِنَ الآيات". وأضاف: "إنّ العمل ينتمي إلى الله، ويكمن دورنا في دعم وتسهيل عمل الله في قلوبنا متكيّفين مع الواقع الّذي يتطوّر بشكل دائم." وأشار في هذا السّياق إلى أنّ "مَن تصل إليهم حركة العمل الكاثوليكيّ اليوم يختلفون عمّن كانوا في السّابق، وخاصّة الشّباب الّذين يبحثون اليوم عن علاقات أقلّ إلزامًا وأكثر لحظيّة، هم أكثر ضعفًا وهشاشة من الأجيال السّابقة وأقلّ تجذّرًا في الإيمان، إلّا أنّهم يبحثون عن المعنى والحقيقة وليسوا أقلّ سخاء." وقال البابا لضيوفه بالتّالي إنّ رسالتهم كحركة عمل كاثوليكيّ هي الوصول إليهم كما هم، وجعلهم ينمون في محبّة المسيح والقريب، وقيادتهم إلى التزام ملموس أكبر كي يكونوا أبطال حياتهم وحياة الكنيسة كي يتغيّر العالم.

وفي الختام، شكر البابا فرنسيس مسؤولي حركة العمل الكاثوليكيّ على خدمتهم السّخيّة الّتي تحتاج إليها الكنيسة بشكل أكبر اليوم في هذا الزّمن الّذي يتمنّى فيه البابا لكلّ واحد منهم أن يجد مجدّدًا فرح معرفة صداقة المسيح وإعلان الإنجيل. ثمّ طلب منهم أن يذكروه في صلواتهم وأوكل مسؤولي الحركة وأعضاءها إلى شفاعة مريم العذراء ومنحَهم البركة الرّسوليّة.