العراق
27 تشرين الثاني 2018, 08:47

ماذا قال البطريرك ساكو في كلمته الافتتاحيّة لمؤتمر بطاركة الشّرق؟

تلا بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو في افتتاح مؤتمر بطاركة الشّرق الكاثوليك السّادس والعشرين كلمة، جاء فيها بحسب موقع البطريركيّة الكلدانيّة الرّسميّ:

 

"إنعقاد هذا المؤتمر لبطاركة الشّرق الكاثوليك السّادس والعشرين، ولأوّل مرّة في العراق، له مغزى عميق ووقع على وجودنا المسيحيّ في هذه الظّروف الصّعبة والتّحدّيات غير المسبوقة في نوعها. إنّ قدومكم إلينا كرؤساء وآباء كنائس عريقة لهو حقًّا تعبير قويّ عن تضامنكم معنا، ووقوفكم إلى جانبنا، في كلّ ما عانيناه ونعانيه من اضطهاد وقتل وتشريد وتهجير وهجرة. مجيئكم يشجّع النّازحين على العودة إلى ديارهم ويشحن رجاءنا في البقاء والتّواصل، والاحتفاظ بإيماننا وهوّيتنا وأخلاقنا وتقاليدنا ولغتنا.

شدّد البابا فرنسيس في كلمة افتتاح سينودس الأساقفة بروما من 3- 28 تشرين الأوّل 2018 حول" الشّباب وتمييز الدّعوة"، على أهمّيّة: أن "يوقظ السّينودس قلوبنا!"، ليكون "مثمرًا بشكل كبير لإشاعة الرّجاء". وكذا الحال في مؤتمرنا هذا، فدعوني أتمنّى أن يكون لقاؤنا هذا منعطف نعمة وبركة غزيرة للمسيحيّين ولمواطنينا في هذا الشّرق المتألّم، ورجاءً بمستقبل أفضل للسّلام والاستقرار، وبمجتمع أكثر ازدهارًا.

تدعونا اليوم الضّرورة القصوى، إلى بلورة رؤية مسيحيّة مشرقيّة موحّدة تخطّط لاستراتيجيّة الحفاظ على وجودنا ودورنا. علينا أن نكون أقوى من الانقسام، وأن نرفع الحواجز النّفسيّة والتّاريخيّة ونحترم الاختلاف في الرّؤى والأفكار، والّذي هو أمرٌ طبيعيّ، فنحقّق وحدة كنائسنا الضّروريّة والمصيريّة، والّتي فضلاً عن كونها استجابة لأمنية يسوع المسيح (يوحنّا 17/27)، فإنّها سوف تساعدنا على بلوغ حضور أكثر تاثيرًا على المستقبل، خصوصًا في هذه الظّروف، حيث نواجه تحدّيات ضاغطة، منها على سبيل المثال، لا الحصر، الهجرة والأكثر جسامة في هذه التّحدّيات هو التّطرّف الدّينيّ.

ثمّة خبرة بديعة في العهد القديم عن لاهوت "التّهجير– السّبي" والعودة والبناء. هذه النّصوص تحتوي على تراث غنيّ مفيد لتطوير روحانيّة موحية وخصبة قادرة على دعم المهجّرين في العراق وسوريا وفلسطين في عمليّة عودتهم إلى ديارهم.

لقاؤنا هذا هو دعوة لكلّ الكنائس في المنطقة أن تتعاون على بلورة لاهوت المهجّرين والمهاجرين، ولاهوت العودة والاحتفال بعمليّة البناء والتّجديد. هذا اللّاهوت– الرّوحانيّة ينطلق من الرّجاء المسيحيّ، الّذي يمثّل نقاط الضّوء الّتي ينبغي أن تكبر وتنتشر وأن نتمسّك بها.

كما أنّ هذا المؤتمر هو في ذات الوقت، رسالة إلى العراقيّين وشعوب المنطقة العربيّة  لمناهضة التّعصّب وتعزيز الحوار، وإشاعة قيم السّلام والمواطنة وترسيخ مبادئ العيش المشترك من خلال الاعتراف بالآخر وقبوله واحترام خصوصيّته، هذاه الثّقافة التّي تكاد تخلو منها مجتمعاتنا في المنطقة.

وضمن أجواء التّجدّد الحقيقيّ في سبيل غد أفضل، لنا الأمل الوطيد بالحكومة العراقيّة الجديدة الّتي تشكّلت حديثًا، بأن تضع في أولويّاتها خطّة عمليّة جادّة  للمصالحة المجتمعيّة واستراتيجيّة لبناء دولة المواطنة والقانون والمساواة وتوفير الخدمات فيعيش العراقيّون بحرّيّة وكرامة وعدالة اجتماعيّة.

وأريد أن أختم كلمتي بطلب تلميذي عمّاوس من الرّب "ليمكث  معنا، فقد حان المساء ومال النّهار" ( لوقا 24/29). وشكرًا".