العراق
01 تموز 2025, 09:30

ساكو للأساقفة والكهنة في موسم الرّسل: السّلطة هي للخدمة!

تيلي لوميار/ نورسات
"أتمنّى أن نكون خدّامًا لا أسيادًا، فالسّلطة هي للخدمة، وهي محرّرة لا مكبّلة". هذا ما تمنّاه بطريرك الكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو من الأساقفة والكهنة في موسم الرّسل، منطلقًا من وصايا يسوع لتلاميذه حول الرّسالة في النّصّ التّالي: "وصَعِدَ يسوع الجَبَلَ، ودَعا الَّذينَ أَرادَهم هو فأَقبلوا إِلَيه. فأَقامَ مِنهُمُ اثنَي عَشَرَ لِكَي يَصحَبوه، فيُرسِلُهم يُبَشِّرون" (مرقس3/13- 14)،" وأَولاهُم قُدرَةً وسُلطانا... ثُمَّ أَرسَلهم لِيُعلِنوا مَلَكوتَ اللهِ، ويُبرِئوا المَرضى. وقالَ لَهم :لا تَحمِلوا لِلطَّريقِ شَيئًا، لا عصًا ولا مِزوَدًا ولا خُبزًا ولا مالًا، ولا يَكُنْ لأَحَدٍ مِنكُم قَميصان… فمَضَوا وساروا في القُرى، يُبَشِّرونَ ويَشفونَ المَرضى في كُلِّ مَكان" (لوقا 9/1-6).

وبالتّالي أكّد ساكو أنّ "السّلطة هي لإعلان "البشرى" وخدمة المحبّة"، وكتب بحسب إعلام البطريركيّة:  

قبل أن يرسل يسوع تلاميذه للتّبشير، يُحَدِّد لهم لهم الطّريقة الّتي بها يمارسون سلطتهم، في كشف غنى تعليمه. وقد نقلوا رسالته بأمانة حتّى الاستشهاد. هذه الوصايا المدهشة تمسّ الأساقفة والكهنة في كلّ زمان ومكان. هذه التّعليمات هي خارطة الطّريق للعمل الرّعويّ النّاجح تجاه من أوكلوا إليهم: الخدمة بصدقٍ واندفاع وتواضع، وسخاء ومحبّة، وتجرّد وشفافيّة على مثالِ يسوع: "أعطيتكم مِثالًا لكي تفعلوا أنتم أيضًا كما فعلت أنا". (يوحنّا 13/15).

هذا يتحقّق عندما يكون الولاء له، والعلاقة معه حميمة. لذلك لنجعل نظرنا دومًا مُصوبًّا عليه: "وجهك يا ربّ ألتمس، لا تَحجبه عنّي" (مزمور27/8-9).

روحانيّة الإصغاء المستدام إلى الله في الصّلاة والتّأمّل، تُضفي على رسالتنا بُعدًا استثنائيًّا، وتساعد على تجنّب ما هو أعوج.

تتطلّب الرّسالة برامج خاصّة واضحة للتّعليم المسيحيّ بلغات البلدان الّتي نحن فيها، وتثقيف النّاس، والاحتفال باللّيتورجيا- الّتي ليست إتمام رتب طقسيّة برتابة- ومتابعة الرّعيّة باهتمام كآباء مربّين، بانفتاح على المتغيّرات الثّقافيّة والاجتماعيّة بحسب الزّمان والمكان.

يشدّد يسوع مرّات عديدة على الالتزام بخدمة الجميع على مثاله، لاسيّما الفقراء والمساكين والخطأة، وليس المسيحيّين وحدهم، لكن الآخرين أيضًا. هذا هو الشّيء الأكثر أهمّيّة ليصبح تعليمهم  شهادةَ حياة. علينا الذّهاب إلى الّذين لا يأتون إلى الكنيسة الّذين بحاجة إلى كلمة الرّوح والمحبّة والرّجاء والسّلام والفرح، وعدم الاكتفاء بالّذين يأتون إليها، أيّام الآحاد والأعياد. ويذكر مرقس أمرًا مهمًّا هو أنّ يسوع أرسلهم اثنين اثنين (مرقس 6/7) للتّأكيد على الوحدة والشّركة.

يحذّر يسوع من المخاطر العديدة ثمّة عدّة مخاطر ينبّه عنها الانجيل: عقليّة السّيطرة، التّعالي والتّطرّف، والتّباهي والغرور والبحث عن المناصب في الجلوس عن اليمين والشّمال مثل ابني زبدى (مرقس 10/35-45).

الأسلوب اللّطيف  والتّعامل بوداعة وصدق واحترام وبشيء من الدّعابة هو وحده يقرّب النّاس منّا! لا يجدر بأسقف أو كاهن أن يُغلق بابه في وجه أحد. الأشخاص الصّادقون، لا يعرفون الكذب والنّفاق، ولا يستعملون الوعود والمال لكسب الأشخاص!

ذكرت لي سيّدة مثقّفة، أنّها اتّصلت بأحد الأساقفة الجدد لطلب مشورة، فأجابها بخشونة سائلًا: من أعطاك رقمي، كيف تتّصلين بي وأنا مطران، فأغلقت الهاتف بوجهه!! تأتيني العديد من الشّكاوى من النّاس حول كاهنهم، ومن الكهنة حول أسقفهم، أخجل من ذكرها. هذه الحركات الاستعراضيّة  تُعيق  إيصال الإنجيل "البشرى" إلى الآخرين.

تعليمات للرّسالة  

يذكر يسوع بعض التّعليمات  للرّسالة، من المؤكّد أنّ الوضع اختلف اليوم عمّا كان في زمانه، لكن معناها العميق يبقى، وهو التّجرّد والحرّيّة والثّقة. الأولويّة المطلقة للرّسالة- القضيّة- بديناميكيّة.

1. لا تكنزوا مالًا، يحذّرنا من السّعي إلى التّملّك لأنّها تعيق رسالتنا، ويشجّعنا على التّجرّد للسّير على خطاه. من المؤسف أن يحصل لبعض رجال الكنيسة أن تكون لهم ثروة يتعارك عليها الورثة بعد موتهم! ضماننا هو محبّة الجماعة الّتي نخدمها، أنّها لن تبخل علينا عندما نحتاج.  

اليوم للكاهن والأسقف راتب يكفيه، وفي حالات الصّحّة الأبرشيّة هي الّتي تتكفّل بنفقات المعالجة الصّحّيّة المكلفة. رتّبنا بيتًا للكهنة المتقاعدين في عنكاوا، لكن لا أحد يقبل أن يأتي إليه.

2. العصا، يوصي يسوع ألّا نحمل عصًا لأنّ قوّتنا ونجاحنا هما بنعمة الله وبركاته. لقد ترك أساقفتنا في العقد الأخير "عصا الرّعايا".

3. القميصان، يسوع لا يدعو إلى إهمال الذّات أو "البهذلة"، فالهندام يعكس شخصيّة المرء. الكياسة والنّظافة مطلوبتان اجتماعيًّا.  

4. لا خبزًا في الطّريق. إطعام الرّسول كان يعتمد على كرم المسيحيّين. أتذكّر كانت العائلات في القرى الكلدانيّة، هي الّتي تتكفّل بإطعام كاهنها بالتّناوب. اليوم تغيّر الوضع. الكاهن يسكن في الكنيسة وله مطبخ ويدبّر طعامه.

نحن في سنة يوبيل الرّجاء، أتمنّى أن نكون خدّامًا لا أسيادًا، فالسّلطة هي للخدمة، وهي محرّرة لا مكبّلة. وعلينا أن نجسّد في ذاتنا مثال المسيح و نقف شهودًا له."