الفاتيكان
19 آذار 2019, 14:29

ماذا قال البابا فرنسيس لموظّفي ديوان المحاسبة الإيطاليّ؟

إستقبل البابا فرنسيس الاثنين موظّفي ديوان المحاسبة الإيطاليّ، في قاعة بولس السّادس بالفاتيكان، موظّفي ديوان المحاسبة الإيطاليّ. وللمناسبة وجّه إليهم كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

 

"إنّ مؤسّسة الجمهوريّة الإيطاليّة هذه تجسّد المبادئ الأخلاقيّة نفسها الّتي تتماشى مع نمط عمل الدّولة الّتي من واجبها أن تعتني وتعزّز الخير العامّ للمجتمع. إنّ ديوان المحاسبة في الواقع يقوم بخدمة فريدة موجّهة بحسب العدالة نحو الخير العامّ. وهذا الأمر ليس مجرّد مبدأ إيديولوجيّ أو نظريّ بل يرتبط بشروط التّنمية الكاملة لجميع المواطنين ويمكن تحقيقه آخذين بعين الاعتبار كرامة الشّخص البشريّ في شموليّته.

هذا المبدأ جوهريّ أيضًا لكي تتمِّموا بحكمة وظيفة القاضي المحاسب. فهي لا تتطلّب مهنيّة مرتفعة واختصاصًا وحسب وإنّما ضميرًا شخصيًّا نزيهًا وحسًّا بالعدالة والتزامًا سخيًّا تجاه المؤسّسات والجماعة أيضًا. إنّ المراقبة الدّقيقة للمصاريف توقف التّجربة، المتكرّرة في الّذين يشغلون مناصب سياسيّة أو إداريّة، في إدارة الموارد لا بشكل حذر وإنّما لأهداف تحيُّزية ولاتّفاقات انتخابيّة. ولذلك "من الضّروريّ إعطاء مساحة أكبر لسياسة سليمة، قادرة على إصلاح المؤسّسات وتنسيقها، وتزويدها بممارسات صالحة، تسمح بتخطّي الضّغوطات والخمول الفاسد. مع ذلك يجب التّأكيد على أنّ أفضل الآليّات تفشل، في نهاية الأمر، عندما تغيب الأهداف العظيمة، والقيم النّبيلة، والمفهوم الإنسانيّ الغنيّ بالمعنى، أيّ جميع هذه الأمور القادرة على أن تعطي لكلّ مجتمع توجّهًا نبيلاً وسخيًّا" (كُن مسبّحًا، عدد ١٨١).

في هذا المنظار، يأتي أيضًا الدّور المهمّ الّذي يلعبه قضاء المحاسبة في سبيل الجماعة ولاسيّما في الكفاح الدّائم ضدّ الفساد. إنّها إحدى الآفات الّتي تمزِّق النّسيج الاجتماعيّ لأنّها تؤذيه على الصّعيدين الأخلاقيّ والاقتصاديّ: في الواقع ومن خلال وهم الأرباح السّريعة والسّهلة يفقر الفساد الجميع ويُفقد النّظام كلّه الثّقة والشّفافيّة والمصداقيّة. يشكّل ديوان المحاسبة، في ممارسته للمراقبة والإشراف على إدارة ونشاطات المصالح العامّة، أداة للوقاية من الأمور غير الشّرعيّة والانتهاكات وللقضاء عليها. وفي الوقت عينه يمكنه أن يقدّم أدوات لتخطّي العجز والانحرافات.

من جهتهم، على مدراء المصالح العامّة أن يشعروا أكثر بمسؤوليّة العمل بشفافيّة وصدق ويعزّزوا علاقة الثّقة بين المواطن والمؤسّسات إذ أنّ انفصالهما عن بعضهما البعض يشكّل أحد أخطر مظاهر الأزمة الدّيمقراطيّة. إنّ الخيور العامّة هي موارد ينبغي حمايتها من أجل مصلحة الجميع ولاسيّما الأشدَّ فقرًا؛ وإزاء الاستعمال غير المسؤول لها تُدعى الدّولة للسّهر ومعاقبة التّصرّفات غير الشّرعيّة. يا قضاة ديوان المحاسبة الإيطاليّ أُشجّعكم على الاستمرار بسلام وجدّيّة في عملكم الأساسيّ في تحديد الأوقات المهمّة لتنسيق الاقتصاد العامّ؛ وليحرِّككم على الدّوام اليقين بأنّكم تقومون بخدمة موجّهة لكي تُنمّى في المجتمع ثقافة الشّرعيّة.

أوجّه إليكم جميعًا أنتم الحاضرين هنا أيضًا الدّعوة لعيش زمن الصّوم هذا كمناسبة لتحدّقوا النّظر إلى المسيح، المعلّم والشّاهد للحقيقة والعدالة. كلمته هي ينبوع إلهام لا ينضب لجميع الّذين يتكرّسون لخدمة الخير العامّ. إنّ يسوع المسيح يحثّنا على مواجهة الشّرّ والذّهاب إلى جذور المشاكل، يعلّمنا أن نكافح لا بحثًا عن بطولات وهميّة وإنّما بالشّجاعة المتواضعة لمن يسير قدمًا في عمله الخفيّ ويواجه الضّغوطات الّتي يمارسها العالم عليه. وإذ أكلكم لحماية القدّيس يوسف، الرّجل البارّ، أبارككم وأبارك عملكم وأسألكم أن تصلّوا من أجلي".