الفاتيكان
01 حزيران 2019, 14:00

ماذا تعني صلاة "الأبانا" الذي نرفعُها إلى الله؟

عقب لقائه بعد ظهر الجمعة بطريرك ومجمع الكنيسة الأرثوذكسية في رومانيا في مقر البطريركيّة في بوخارست، توجّه البابا فرنسيس إلى الكاتدرائيّة الأرثوذكسيّة الجديدة لرفع صلاة الأبانا. وألقى فرنسيس كلمةً لهذه المناسبة، كرّر في بدايتها الشّكر والتّأثر لوجوده في هذا المكان المقدّس، ثم تحدّث عن رفع صلاة الأبانا فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"إنّ صلاة الأبانا تعكس هويّتنا كأبناء، واليوم بشكل خاصّ، كأخوة يصلّون جنبًا إلى جنب، وهذه الصّلاة تحتوي أيضًا يقين وعد يسوع لتلاميذه "لن أدعكم يتامى" (يو 14، 18).

 

وأُريدُ أن أتقاسم معكم بعض التّأمُّلات، انطلاقًا من صلاة الأبانا. أوّلًا، إنّنا، وفي كلّ مرة نقول فيها "أبانا"، نؤكّد أنّه لا يمكن لهذه الكلمة أن تكون بدون صيغة الجمع "أبانا". وأتضرّع إلى الآب ليساعدنا على أن نأخذ حياة الأخ على محمل الجدّ، ألا ندين أخينا على أفعاله أو محدوديّته، بل أن نقبله باعتباره ابن لله الآب. أبانا "الذي في السّموات"، السّموات التي تعانق الجميع والتي يُطلع منها الله شمسه على الأشرار والأخيار (راجع متى 5، 45). وأطلُب من الله ذلك الوئام الذي لم ننجح في الحفاظ عليه على الأرض، وذلك بشفاعة الأخوة والأخوات الكثيرين الذين يسكنون سماء الآب بعد أن آمنوا وأحبّوا وتألّموا، وذلك في أيامنا أيضًا، لمُجرّد كونهم مسيحيّين.

 

ليتقدّس إسمك: ليكن اسم الرّبّ لا إسمنا ما يُحرّكنا ويوقظنا في ممارسة المحبّة. إنّنا وحين نصلّي ننسى أنّ الشّيء الأوّل هو تسبيح اسم الله. كما، وأطلُب من الله المساعدة كي نبحث عن حضوره وحضور الأخ.

 

وعن ملكوت الله، إنّنا نتوق إليه ونطلبه لأنّنا نرى ديناميكيات العالم لا تتماشى معه، وهنا تجدر الإشارة إلى منطق المال والمصالح والسّلطة. وأتضرّع إلى الله كي نؤمن بما نصلّي ونتخلّى عن ضمانات السّلطة المريحة والإغراءات الدّنيويّة واعتقادنا الفارغ بأنّنا مكتفون ذاتيًّا.

لتكن مشيئتك، لا مشيئتنا: الله يريد خلاص الجميع. وإنّنا نحتاج إلى توسيع آفاقنا كي لا نحصر في محدوديّتنا مشيئة الله الخلاصيّة الرّحومة التي تريد معانقة الجميع. وأطلُب من الآب أن يرسل إلينا، وكما في العنصرة، الرّوح القدس صانع الشّجاعة والفرح ليُحثّنا على إعلان بشرى الإنجيل السّارة فيما يتجاوز حدود إنتماءاتنا ولغاتنا، ثقافاتنا ودولنا.

 

وعن خبز يومنا: إنّنا بحاجة إلى خبز يومنا، يسوع الذي هو خبز الحياة (راجع يوحنا 6، 35 48)، هو أيضًا خبز الخدمة. وأُذكَّركم هنا بغسل يسوع أقدام التّلاميذ وطلبه منهم أن يغسل بعضهم أقدام بعض، أي أن يخدموا بعضهم البعض. وأتضرّع إلى الله كي يغذّي فينا، وبينما يمنحنا خبز يومنا، الحنين إلى الأخ والحاجة إلى خدمته. وإنّنا نطلب من الله أيضًا خبز الذاكرة ونعمة تعزيز الجذور المشتركة لهويّتنا المسيحيّة. كما أن يُحفّز فينا الخبز الذي نطلبه الرّغبة في أن نكون زارعي شركة صبورين. وإن الخبز الذي نطلبه اليوم هو أيضًا الخبز الذي يُحرَم منه كثيرون كلّ يوم.

 

إنّ صلاة الأبانا هي صرخة أمام مجاعات المحبّة في زمننا والفرديّة واللّامبالاة التي تدنّس إسم الله. وأتضرّع إلى الله كي يُذكِّرنا حين نصلّي بأنّنا في حاجة للتّقاسم وسدّ جوع الآخرين، لأنّ الرّخاء يكون حقيقيًّا فقط حين يكون للجميع.

 

أمّا عن شجاعة أن نغفر لمن أساء إلينا مثلما نطلب من الله أن يغفر ذنوبنا، أطلب من الله أن يُساعدنا كي لا نستسلم للخوف وألّا نرى في الانفتاح خطرًا، وكي نتحلّى بالقدرة على المغفرة والسّير، والشّجاعة للبحث دائمًا عن وجه الأخ.

 

أمّا بالنّسبة للشّرّ، فإنّه يدفعنا على الانغلاق على الذّات. وأطلب مساعدة الله لنا حين يكون ميلنا إلى الإنعزال قويًّا، والذي يعني إبتعادنا عن الله، وعن القريب. كذلك أطلُب من الله أيضًا أن يُشجّعنا على أن نجد في الأخ ذلك الدّعم الذي وضعه الآب بقربنا كي نسير نحو الله، وأيضًا أن تكون لدينا شجاعة أن نقول معًا أبانا."