SQLSTATE[08004] [1040] Too many connections (Connection: mysql, SQL: select * from `categories` where `categories`.`id` = 151 limit 1)
لبنان
03 تشرين الأول 2017, 05:00

لمحة عن زيارة البطريرك الرّاعي إلى أبرشيّة زحلة المارونيّة

زار البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الرّاعي أبرشيّة زحلة المارونيّة يومي السّبت والأحد، يرافقه راعي أبرشيّة زحلة المارونيّة المطران جوزف معوض وكهنتها. وللمناسبة كان للبطريرك محطّات عديدة رسّخت هذه الزّيارة في ذاكرة الكنيسة وأبنائها.

 

الانطلاقة كانت من المطرانيّة المارونيّة حي نظّم استقبال شعبي لافت لغبطته يومي الزيارة تميز بالحضور الأمني والعسكري بدءا من مدخل زحلة مرورا بشوارعها فرفعت الأعلام البطريركية واللبنانية واليافطات المرحبة والصور العملاقة لغبطته وللمطران معوض وشاركت الفرق الموسيقية للكشافة بعزف الترانيم المرحبة والدينية مع بداية كل محطة من الزيارة.

كما تقدمت الحركات الرسولية من اخويات وطلائع وفرسان الوفد البطريركي عند مدخل الأحياء رافعة الرايات. ورفعت اقواس الترحيب واطلقت المفرقعات النارية ونثرت الزهور والأرز واطلقت الزغاريد وسط حضور رسمي وسياسي واجتماعي من ابناء البلدة والمنطقة.

ولقد رحب المطران معوض بالبطريرك الراعي والوفد المرافق في دار المطرانية بحضور الوزير السابق خليل الهراوي، مطران الأبرشية الأسبق جورج اسكندر، المتروبوليت نيفون الصيقلي، ولفيف من كهنة الأبرشية  والراهبات والرهبان وفعاليات المنطقة.

وشدد معوض على ان هذه الزيارة الراعوية "تمنح المنطقة حركة داخلية تسهم بتعاون جميع أبنائها وتعزز الإيمان وتقويه، وتمنح أبناء المنطقة ثقة وتساعدهم على الثبات في أرضهم،" مضيفا " نرفع صلاتنا الى الله كي يمنح غبطتكم القوة لمتابعة رسالتكم على الصعيدين الكنسي والوطني من أجل أن تنمو الكنيسة على قامة السيد المسيح ، وأن يساهم كلامكم في تصويب العمل السياسي من أجل الخير العام. فالناس جميعا ينتظرون كلامكم الذي يوصل ما في قلوبهم الى المسؤولين في الدولة".

بدوره، شكر البطريرك الراعي المطران معوض على دعوته لهذه الزيارة كما شكر أبناء زحلة على حفاوة الإستقبال، لافتا الى أنها "تندرج في خط شركة ومحبة"، وقال: "نحن نعيش اليوم  أزمة سياسية واقتصادية ومعيشية وأمنية كبيرة من بينها أزمة النازحين مع نتائجها وأخطارها، ولولا العناية الإلهية وشفعائنا وقديسينا نحن لا نعرف كيف كان للبنان أن يبقى واقفا. انا آسف لسقوط الضحايا يوما بعد يوم، وآخرها ضحية مزيارة التي هزت لبنان، وادعوكم الى التكاتف من أجل وضع حد نهائي لمثل هذه المأساة".

ومن جهة ثانية لفت غبطته الى ان البرنامج يشمل زيارة عدد من المدارس في البلدة وذلك في اطار الزيارات التي يقوم بها الى المدارس الكاثوليكية للإطلاع على اوضاعها، مؤكدا ان "المدارس الكاثوليكية تبقى ضرورة لمجتمعنا، وأنه مهما اشتدت الصعوبات واجبنا الحفاظ عليها وعلى طلابها وإداراتها والأهل، ولا يمكن للدولة التنصل من دعم هذه المدارس التي هي ذات منفعة عامة".

 

وتوجه البطريرك الراعي والوفد المرافق الى دار بلدية زحلة، والتقى رئيس البلدية المهندس اسعد زغيب واعضاء المجلس البلدي. بعد الترحيب عدد زغيب للإنجازات التي قامت بها البلدية من مشاريع إنمائية، عارضا لمشروعين إنمائيين الأول يهدف الى  توسيع المنطقة السياحية، والثاني وضع مركبات نقل بيئية في زحلة لحل موضوع زحمة السير والتلوث البيئي.

واكد زغيب أن "برنامج عمل البلدية هو الإنماء وخلق فرص عمل لأبناء البلدة"، داعيا السياسيين الى "الإلتزام بشعار البطريرك الراعي شركة ومحبة من اجل التطور والنمو على كافة الأصعدة،" لافتا الى ان "مشكلة البلدية هي كما باقي البلديات، مسألة النزوح السوري وما ينتج عنه من صعوبات وأزمات". فتمنى على الدولة "وضع حد لهذا الأمر من خلال تنظيم توجيهات تحل هذه المشكلة"، معتبرا "ان مساعدة الهيئات الدولية للنازحين السوريين من دون المرور بالبلديات أمر خطير جدا".

بدوره، أبدى البطريرك الراعي دعمه وتأييده الكامل لهذه المشاريع الإنمائية، منوها ب "ثقة أهل زحلة بمجلسهم البلدي الذي يعمل لتطوير المدينة وايجاد فرص عمل لأهلها"، وقال: "نعلن تضامننا معكم في الصرخة التي أطلقتموها في قضية النزوح السوري ، فهم ينافسون اللبنانيين على لقمة عيشهم، ولا يمكننا أن نهجر شعبنا لأننا نقوم بعمل خير مع إخوتنا".

ولفت غبطته الى أن "مساحة سوريا هي أكبر من مساحة لبنان ب18مرة، ولا يمكننا انتظار همة الدول لحل مشكلة النزوح، فهذه الدول لا تهتم إلا بمشاريعها السياسية. علينا أن نعمل معا متكاتفين لتسهيل عودتهم الى بيوتهم، لا حقدا ولا بغضا لأنه فضلا عن الإقتصاد المرهق الذي نعاني منه، هناك الفلتان الأمني والاعتداءات والسرقات التي تهز بلدنا".

وختم غبطته قائلا: "نشدد على أنه لا يمكن للمؤسسات الدولية الدخول الى المناطق والتعاطي مع النازحين من دون المرور بالبلديات، ونحن سنرفع الصوت بهذا الشأن. شعبنا بحاجة الى تطمين معنوي والى وجود سلطة عامة تهتم به. وفي ظل عجز هذه السلطات عن إتمام دورها، نقول انه بإمكان البلديات الأخذ على عاتقها الكثير من القضايا وإتمام عدد من الأمور ذات المنفعة العامة".

وسلم رئيس واعضاء المجلس البلدي درعا تذكارية لغبطته.

 

وانتقل بعدها البطريرك الراعي والوفد المرافق الى دار مطرانية سيدة النجاة للروم الكاثوليك، حيث التقى  المطران يوحنا عصام درويش وجمهور الدير بحضور فاعليات البلدة. فرفعوا الصلاة في الكنيسة وألقى بعدها  درويش كلمة ترحيبية أشار فيها الى أن "زحلة اليوم ترحب بزيارة البطريرك الراعي راعيا وأبا لنا، وتعتبر هذين اليوم مقدسين ومباركين"، وقال: "شعاركم شركة ومحبة نعيشه في زحلة من خلال  الشركة مع بعضنا، كإخوة متجاوبين مع صلاة سيدنا يسوع المسيح ليكونوا واحدا. نطلب صلواتكم يا صاحب الغبطة لنستمر في عيشنا المشترك مسلمين ومسيحيين على الرغم من كل الصعوبات التي نمر بها". 

بدوره، شكر البطريرك الراعي المطران درويش على كلمته وقال: "زحلة نموذج لعيش الشركة والتكامل، وهذا يشكل أجمل عمل راعوي ومسكوني للكنيسة. من المؤكد أننا نعيش صعوبات كثيرة في لبنان، والناس تنظر الى الكنيسة لأنها الرجاء والمحبة، وتسألها المساعدة. نحن نتفهم هذا الأمر، ونود المساعدة في هذه المرحلة الصعبة على كافة المستويات، علينا مساعدة أجيالنا الجديدة التي بدأت تفقد الأمل بلبنان ونقول لهم أن الوطن لهم، وليس للغريب الذي يحقره ويهدمه". 

وختم غبطته: "تعلمون أن زيارتنا الراعوية اليوم تشمل ايضا زيارة المدارس للإستماع الى اوضاعها والمساعدة على حل مشاكها. اننا نأسف لعدم سماعنا اي كلام جيد عن مدارسنا، سواء من المعلمين او من الاهالي اوالطلاب على الرغم من تقديمها الكثير لهم. لقد اعتدنا على هذا الأمر، ولكنه لن يثنينا عن تقديم الدعم والمساعدة بل سيحفزنا لوضع ثقة أكبر بالله لمساعدتنا، وحل هذه المشاكل". 

وفي ختام الزيارة قدم درويش صليبا مذهبا كهدية تذكارية لغبطته.

 

ثم زار البطريرك الراعي مركز المحافظة في سرايا زحلة، والتقى المحافظ  القاضي انطوان سليمان والقائمقامين ورؤساء اتحادات البلديات ورؤساء الدوائر وفاعليات البلدة.

ورحب سليمان بغبطته ، متمنيا أن "ينبت شعار "شركة ومحبة"، "المزيد من التضافر والتكامل بين مختلف مكونات الوطن، ليعيش لبنان بسلام"، مشيرا الى ان "هذه الزيارة للسرايا لها بعدها الكبير، لأنها التمست بركة صاحب الغبطة الرسولية".

بدوره، نوه غبطته ب "مسيرة سليمان وبحضوره في منطقة البقاع، موجها من خلاله تحية لشقيقه رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان"، وقال: "لا يمكننا الفصل بين عملنا الكنسي والمدني فهو متكامل، وزيارتنا اليوم تساعدنا على أن نحمل معا الحمل الثقيل جراء الأزمات والصعوبات في لبنان. من جهتنا ككنيسة عملنا هو تقوية الإيمان والرجاء بالله والثقة بالنفس، وأنتم كمسؤولين مدنيين عملكم يقضي بمساعدة الناس على حل مشاكلهم. نصلي لله أن يأخذ بيدنا جميعا لإعادة إحياء بلدنا الحبيب لبنان".

ووقع البطريرك الراعي كلمة على السجل الذهبي وتسلم هدية تذكارية.

 

بعدها توجه غبطته الى دار مطرانية زحلة للروم الأرثوذكس، وكان في استقباله المطران انطونيوس الصوري والمتروبوليت نيفون الصيقلي وحشد من الكهنة والمؤمنين. والقى الصوري كلمة  شدد فيها على "المحبة الكبيرة التي يحملها الناس في قلوبهم ولا سيما الأرثوذكس لصاحب الغبطة رأس الكنيسة المارونية،" فهم "يقدرون جرأته وصدقه ومحبته الحقيقية لهذا البلد، لأنه الصوت الصارخ في برية عالمنا اليوم".

وتابع الصوري: "نحن أبرشية زحلة وبعلبك نعيش فرحة استقبالكم، ولكننا ايضا سنحملكم هموم هذه المنطقة، فأهلها بحاجة لفرص عمل لكي يترسخوا في أرضهم ويتمنون أن يكون لأبنائهم دورا في مؤسسات الدولة، طالبين منكم بهمتكم ومتابعتكم لهواجسنا أن تساعدونا لتحقيق التطور في منطقتنا".

بدوره، عبر البطريرك الراعي عن سعادته بزيارة المنطقة، قائلا: "نهنئكم بأبناء أبرشيتكم وزيارتنا هي للتأكيد على تعاوننا مع بعضنا البعض في عملنا المشترك الرسولي والرعوي والإجتماعي وسط هذه الظروف."

أضاف غبطته: "الشعب يسأل دائما أين هي الكنيسة؟ ولا سيما في الأوقات الصعبة، وهذا دليل على ثقتهم بها، لذلك علينا ككنيسة أن نكون على مستوى آمال الشعب، ونساعده للخروج من أزمته من خلال الحفاظ على مؤسساتنا المتنوعة لتوفير فرص عمل أكثر".

وتابع غبطته: "أما الحل الأساسي، فيبقى أن تتحمل الدولة مسؤوليتها، ونحن لا نكف عن مخاطبتها ومخاطبة ضمير المسؤولين، وكما يقول بولس الرسول نقول لهم "لا يحق لهم بذلك" للبنان تاريخ مجيد، لا يمكنكم تبديده".

وقدم المطران  الصوري أيقونة الرب يسوع وعصا رعاية لصاحب الغبطة.

 

ثم زار غبطته الكلية الشرقية في زحلة، وكان في استقباله الامين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار ورئيس الكلية الأب سابا سعد والهيئتين التعليمية والإدارية ولجنة الأهالي وعدد من الطلاب. وفي المسرح رحب سعد بغبطته، مشيرا الى ان هذه الزيارة "تأتي بعد 79 سنة على زيارة البطريرك العريضة للكلية وهي تأتي بالنفس نفسه والنهج ذاته، فتلاقيها عائلة الشرقية وعائلتا يسوع الملك وحضانة الطفل بالحماسة ذاتها. انها زيارة تاريخية من صرح بكركي التاريخي الى صرح ثقافي ضارب في الزمن".

وتابع سعد: "تأتون في وقت تبلغ فيه التحديات التربوية التي تواجه المدارس ذروتها محاولة أن تحجب الرسالة الكاثوليكية والتي هي آخر أسوار الكنيسة، وهي تشكل الدافع والغاية من وجود أصرحتنا التربوية والتعليمية، فإن سقطت سقط الهيكل على من فيه".

وأضاف سعد:"نسر لكم بمكنونات القلب ونلخص معاناتنا بالتالي، يؤلمنا باننا نتعرض لأبشع حملة منظمة ومخطط لها ويتبناها بكل أسف بعض إعلامنا، رسالتنا تفرض علينا صون الكرامة وحقوق الأستاذ وعدم إهمال صوت أبنائنا والأهالي. ما يضني جرحنا، تصرفات بعيدة عن الرسالة الكاثوليكية، من بعض ممن يسمون أنفسهم مدارس كاثوليكية، توحي بالنفعية والتجارية، أما وقد أقرت السلسلة فلا يسعنا الا المطالبة بإصلاحها لتكون عادلة وعملية".

وختم سعد: "ندعو القطاع التربوي في لبنان الى إصلاح المناهج التربوية لتلبي تطلعات جيل نريده منفتحا يلفظ العصبية البغيضة. نلقي هم مدارسنا على عاتقكم يا صاحب الغبطة لعلمنا انكم تبقون الأب والمرشد والمدرسة الحكيمة والمرجع الصالح لصوت الفقراء. نناشدكم رفع صوتكم صوت مئات آلاف الأهالي لرفع الغبن عن مؤسساتنا".

بدوره، قال البطريرك الراعي: "ما من أحد منا يجهل دور المدارس الكاثوليكية التي حافظت على المستوى العلمي في لبنان، ويؤلمنا اليوم ما تتعرض له على الرغم من اننا نفهم وجع الأهل ولكننا نرى أيضا أن المدارس أمام أمرين:إما متابعة رسالتها وتقديم المزيد من المساعدة التي تجهلها الناس واما الإقفال. وفي هذا الخصوص أنا قدمت في رسالتي الرعوية لهذه السنة وبالأرقام كمية المساعدات التي تقدمها المدارس الكاثوليكية للطلاب. ولكن ما من احد يعترف بحصوله عليها. على المدارس المضي قدما على الرغم من كل هذه الصعوبات. نقول لمدارسنا ولرهباننا ولمطرانياتنا، انه علينا الحفاظ على مدارسنا لأنها كنز للبنان، ونرفض أن تكون بسبب الأوضاع المتردية فقط لنخبة من الناس بل هي للجميع، وإلا فهي تفقد مبرر وجودها. انها علامة رجاء لكل الناس. نطالب الدولة بتحمل مسؤوليتها تجاه هذه المدارس ولتتحمل فرق الزيادات التي وضعت، والمراقبة والسهر على عدم زيادة الأقساط في ما بعد".

و قدم رئيس المدرسة لغبطته درع سيدة البشارة كهدية تذكارية.

 

بعدها رفع غبطته الصلاة في كنيسة  قلب يسوع في ثانوية راهبات القلبين الأقدسين بحضور رئيسة دير المعلقة مار يوسف الصخرة الأم نعمات ناصيف وجمهور الدير من راهبات، والمؤمنين وعدد من الطلاب والأهالي. وبعد انشاد جوقة المدرسة التراتيل احتفاء بالمناسبة لفتت الأم الرئيسة ماري انجيل مراد في كلمة لها الى ان "البطريرك الراعي هو تلميذ راهبات القلبين الاقدسين وهذا فخر للرهبنة"، مشددة على اهمية زيارته للمدارس والتواصل مع اداراتها ولجانها للوقوف على احوالها والمساعدة على حل مشاكلها." 

بدوره شدد غبطته على "ضرورة العمل لزيادة ثقة طلابنا بوطنهم، فهم يعيشون أزمة ثقة، ونؤكد لهم اننا سنحافظ عليهم وعلى معلمينا، لأن يد الله معنا". 

 

واختتم البطريرك الراعي جولة قبل ظهر اليوم الأول من زيارته الى أبرشية زحلة المارونية، بزيارة ثانوية مار يوسف للراهبات الانطونيات زحلة - كسارة، حيث نظم له استقبال رسمي حضره عدد من نواب المنطقة السابقين والحاليين وفعاليات رسمية وسياسية واجتماعية ودينية وعسكرية اضافة الى رئيسة الرهبنة الانطونية الام جوديت هارون، رئيسة المدرسة الأم جيروم صخر، مجلس المدبرات، الآباء العامون، امين عام المدارس الكاثوليكية  بطرس عازار، ممثلو الجامعات، مجلس الاهل ولجنة الاساتذة وأفراد الهيئتين  التعليمية والإدارية وعدد من الطلاب.

استهل غبطته الزيارة بازاحة الستارة عن لوحة تذكارية تخلد المناسبة، وتوجه بعدها الى مسرح المدرسة ىحيث القت الأم صخر كلمة قالت فيها:"تأتي إلينا اليوم يا صاحب الغبطة لتنير هذا البقاع بحضورك وانتصاحب الكلمة الحق النابعة من ابوتك وغيرتك على كل لبناني، تحل بيننا في بيتك في ثانوية مار يوسف للراهبات الانطونيات وهي  من بين اوائل المدارس في زحلة والبقاع على صعيد الاتساع والابداع والثقافة وفرص النجاح! مدرسة يعتبر البعض ان من يدخلها هم النخبة، ولكننا يا ابينا نطمئنكم اننا نخرج من مدرستنا النخبة،على مساحة كل الوطن والعالم."

وتابعت صخر:" كل مدارس الراهبات الانطونيات هي صروح خرجت وتخرج النخبة للبنان منذ اكثر من ثمانين سنة، نساهم ببناء الوطن، ليس في اعلاء بناء الحجر، بل ببناء هامات من ابنائنا يمشقها الفكر والانفتاح والعلم، اجيال من المفكرين ارتادوا مدارسنا بنينا فيهم لبنانا جديدا، فاسمحوا لي، يا سيدنا، ان اوجه امامكم وأمام الحضور المشرف تحية شكر لاجيال من الراهبات الانطونيات افنين العمر كسيدهم يسوع من اجل الانسان كل انسان وكل الانسان، واشكر رئيسة هذه المسيرة التربوية الام جوديت هارون الساهرة ، ككل راهبة، على هذه الرسالة السماوية، واطمئن الجميع بان السهرومحبة الناس وحدهما سر نجاح مؤسساتنا، وليس دخولنا في متاهات الجدل والكلام الفارغ الذي اصبح خبزنا اليومي اليوم، في الاعلام وفي الساحات العامة. وفي وسائل التواصل الاجتماعي."

واضافت صخر:"تأتي إلينا اليوم يا صاحب الغبطة تزور الابرشية بكل مكوناتها، تتفقّد الأبناء والبنات، تحاكي الأديار والكنائس، تثبِّت الكهنة والرهبان والراهبات، وتلامس إيمان المؤمنين.

تأتي إلينا في زحلة الى المدينةٌ التي احتضنَت الكنيسة وأهلَها، ودَفعت على مرِّ قرونٍ من الزمن ثمناً باهظاً لأمانتها للإنجيل وهي مستمرة على هذا النهج.    تأتي من البطريركيّة المارونية، من قلبِ جبل لبنان النابض إلى البقاع وخيره وصموده وثباته الرائع  حتّى الأمس القريب كان الخطر داهماً  فما حصل في القاع في الصيف الماضي ما زال ماثلاً أمام العيون.

تأتي لتشهدَ على تحرير أبطال الجيش للجرود أبطالٌ في ساحةِ الوغى حرّروا الارض والانسان، وكانوا في الوقت عينه رسل سلامٍ إلى هذه القرى والمدن. تأتي في زمنٍ وصلت فيه العواصف قبل حلول الشتاء والهجمةُ على مدارسنا، التي صاغت لبنان العلم والابداع والثقافة، تكاد تكون غير مسبوقة كأننا نسينا فضل أهلنا علينا.

وتابعت صخر:" نحن نشعر بقشعريرة الفساد تنخر بلدنا وتسير به من دون استراتيجية مستقبلية، فيغزوه استهلاك آني، وقوانين آنية، وتحالفات آنية، تحرم الناس من الطمأنينة، فيجتاحنا الانهزام، لأن الدولة خذلتنا، والقيمون على شؤون الخير العام خذلونا، وموازنة الدولة التي يفترض ان تكفي كل اولادها تختفي بسحر ساحر فتخذلنا، وتدخل المواطنين في صراعات متأتية من حرمان حقهم بالكرامة والعلم والسلام الداخلي. بلدٌ يسمح كلّ عابر سبيل لنفسه أن يتنطح على الكنيسة، وهي التي تقوم بدورها افضل قيام، ولا بد لنا من الاقرار، بأن افضل خدمات انسانية وتربوية واج تماعية وروحية تقدمها الكنيسة وليس الدولة، ثم يأتي من يكرز علينا التضحية والمسؤولية، كأنه قادر ان يلاقي خدمة تؤمنها له الدولة وهي القيمة عليه! ورغم ذلك فان هذه الزيارة الأبوية هي اشراق امل وموقف حق نابع من ايماننا، وليس من الشعبوية، ومتى كان الحق ديموقراطياً؟ ليصبح صوت الجلبة مرجعية!"

وقالت صخر:" لذا تأتي والتعزيةُ تسبقُك. تأتي لتقول لنا أن الرب هو في وسط الكنيسة وهي لن تتزعزع ، لن تتزعزع في عملها ولن تتزعزع في شهادتها ولن تتزعزع في زرع الرجاء بين ابنائها وكيف تتزعزع وصاحب الغبطة ,راعي البشارة, كان الصوت الصارخ في وجه كل مسوؤل او مرجعية سياسية ,يوم استقال هؤلاء من مسؤولياتهم الوطنية , ويوم فرغوا الوطن من مرجعياته الدستورية, يومها لم تتردد في رفع العصا وكم نحن بحاجة بان تبقى العصا علامة تحذير لكل من يسعى الى تخريب لبنان. وستبقى علامة للامل حيث يتراجع الكثيرون امام اي إشكال وأن الله معنا، وإن كان معنا فمن يقدر علينا عندما نكون جميعاً شعب الله. نحن بحاجةٍ إلى أن يولد فينا الرجاء من جديد الرجاء بأن الله معنا إلى انقضاء الدهر."

بدوره، شدد البطريرك الراعي على "أهمية العمل لإيجاد خطة للحفاظ على مدارسنا الكاثوليكية،" معتبرا ان" زيارة اليوم هي للتأكيد على الوحدة والتضامن وسط الازمة التي يعيشها اللبنانيون".

واكد غبطته ان" الكنيسة هنا "لتقوي الشعب، فلبنان عمره سبعة وتسعون سنة، ومن المؤسف أن المسؤولين فيه لا يعنيهم هذا الامر أبدا، فعدم معالجة هذه المشاكل التي تعاني منها الأجيال الطالعة، سيجعلنا نخسرهم، لذلك علينا مقاومة هذا الاهمال، وبناء ثقة شبابنا بوطنهم"، مجددا "الفخر بأن تكون المدارس الكاثوليكية هي التي حافظت على المستوى الرفيع في لبنان"، ومؤكدا "أنه مهما كلف الامر سنحافظ عليها لخير الأجيال الطالعة، وسنعمل معا لوضع خطة لمواجهة العاصفة التي تضربها". 

وقدمت ادارة المدرسة لغبطته ايقونة العذراء مريم بتوقيع الأب شربل ابو عبود.

 

بعدها توجه غبطته لوضع حجر الأساس للبناء الجديد لمدرسة مار الياس لراهبات العائلة المقدسة المارونيات في زحلة، فنظم له استقبال شاركت فيه الى فعاليات البلدة الهيئات التعليمية والطلابية والإدارية في المدرسة. ورحبت الأم الرئيسة ماري ريمون ابي حبيب  بغبطته والوفد المرافق معددة في كلمة لها لعمل وأهداف المدرسة ومبادئ الرهبنة التي تديرها والتي وضعها المثلث الرحمة البطريرك الياس الحويك، مشددة على "ان اولوياتها تبقى الإهتمام بالأسرة والدور الريادي للمعلم عملا بمقولة "إذا أردت ان تهدم مجتمعا اهدم الأسرة بتغييب دور الأم، واهدم المدرسة بعدم إعطاء المعلم حقه ودوره".

بدوره أثنى البطريرك  الراعي على "الدور الريادي لهذه الرهبنة المعروفة بأنها رهبنة البطريرك الحويك"،واصفا اياها ب"الوديعة." وشدد على "ان الزيارة ليست عابرة وإنما هي للتأكيد على الإلتزام بأرادة المؤسس الذي نلتمس من الرب أن يظهر قداسته".

وشكر غبطته الله "لأنه في قلب الصعوبة والمشاكل التي يواجهها الأهالي والمدارس يرتفع بناء جديد يوفر المزيد من فرص العمل ويستقبل المزيد من الطلاب"، مؤكدا على "ضرورة الحفاظ على المدرسة والأهالي والطلاب، فهذه المدارس ليست لنخبة معينة من الناس، ونحن نرفض أن تكون لتلك النخبة، إنما هي مفتوحة لجميع ابناء الوطن، انطلاقا من ذهنية البطريرك الحويك".

 

بعد الظهر استهل البطريرك الراعي جولته على ابرشية زحلة المارونية بزيارة منزل المكرم الاب بشارة ابو مراد الراهب المخلصي في حي مار الياس المخلصية في زحلة، حيث رفع الصلاة مع المؤمنين، ودون على السجل كلمة سأل فيها الله "ان يظهر عظائمه في المكرم ويرفعه على المذابح شفيعا للمؤمنين". 

 

ثم توجه غبطته الى كنيسة مار يوسف للرهبنة الانطونية في زحلة، حيث كرس مذبحها الجديد. والقى رئيس الرهبنة قدس الأباتي العام كلمة بالمناسبة قال فيها:" إذا كان مجدُ لبنانَ قد أُعطيَ لكُم، فما عسانا نقولُ عن مجدِ زحلة، عن عراقَتِها، عن ثباتِها على مسيحيَّتِها وتوطيدِها لمسكونيَّتِها وعيشها المشتركِ مع سائرِ الطوائفِ والمذاهب! زحلة، يا صاحبَ الغبطة، تُهديكم تراثَها الوطنيَّ والدينيَّ، وتضعُه بتصرُّفِكُم لِيُسهِم في تحقيق شعاركم: شركة ومحبَّة. قيل في زحلة: زحلة يا دار السلام! يتوطَّد هذا السلامُ اليومَ، يا صاحبَ الغبطة، بحلولِكم في هذه الدارِ، ويعلو مجدُ زحلة بهذه اللفتةِ الكريمةِ من نيافتِكم. يسمو فخرُ زحلة أيضًا في هذه السنةِ التي أعلنتموها سنةَ الشهادة والشهداء. فَمَن مِن اللبنانيِّين يَنسى شهادة زحلة وشهداءَها؟ مَن لا يتشبَّه ببطولاتِ أهلِها وأحبَّائها؟"

وتابع ابوجودة:" طلبتُم يا صاحبَ الغبطة في رسالتِكم حول الشهادةِ والشهداء أن ترفعَ لكم كلُّ أبرشيَّةٍ أو رعيَّةٍ أسماءَ الشهداءِ الذين صبغوا الأرضَ بدمائِهم، وبَيَّضُوا حُلَلَهم بدمِ الحمل. فَها زحلة تقدِّمُ لكم اليومَ كُلَّ أبنائِها الذين استُشهِدُوا، والذين لا يزالون يؤدُّون الشهادةَ الحقيقيَّةَ للربِّ يسوع. ويشرفني أيضا أن أرحب بكم في دير مار يوسف زحلة التابع للرهبانية الأنطونية والعامل، باشراف مطرانية زحلة المارونية، على خدمة ابناء الرعية وبناتها. اننا نطلب بركتكم يا صاحب الغبطة للأبرشية، وعلى رأسها سيادة المطران جوزف معوّض السامي الاحترام الذي يرعانا بمحبته وغيرته الرسولية. كما نطلب بركتكم لرهبانيتنا الأنطونية ولهذا الدير وللرعية التي نخدمها منذ سنة 1756 وحتى يومنا هذا. واسمحوا لي بمشاركتكم تاريخ هذا الدير وشهادته."

وأضاف ابو جودة:" في ثنايا طرحة عروس البقاع حِيكت قصّة دير أنطوني جُمعت خيوطُه بأيدي رهبانٍ اجتمعت نواياهم على تشييدِ دير صغير يضمّ كنيسة يصلّي فيها موارنةُ زحلة بعدما منحهم الأمير بشير قيدبيه عهدَ رئاسة الأباتي إبراهيم عون قطعة أرض فأخذ دير مار يوسف مكانه وتوسّع منذ العام ألفٍ وسبعِ مئة وستة وخمسين 1756، ضمن تطلّع أنطونيّ لوجود أكبر يتسع لبرامج رعويّة وخدمة تشمل أبناء زحله في نطاق يحوي أنشطة روحيّة مع الشبيبة ولقاءات دينيّة وثقافيّة وأدبيّة. كبرتِ الرعيّة وصار مار يوسف شفيعَ الزحليّين الموارنة على امتداد القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وشهدت البلدة البقاعيّة ولادة مدرسة مار يوسف مطلع القرن العشرين (1905)، ليُفتح بابُ التعليم أمام أبناء زحلة. ويزور الأهالي المدرسة والدير باعتبارهما محجًّا للعلم والثقافة والانفتاح في القرن العشرين. وقد علّم الرهبان الأنطونيون تلاميذَهم لا الدروس الأساس فحسب بل خدمة القداس والطقوس السريانية المارونية لجذب المبتعدين عن كنيستهم الأم.

وفي ظروفٍ اجتماعيّة متفاوتةٍ انقسمت مدرسة مار يوسف عام ألفٍ وتسعِ مئة وخمسةٍ وثلاثين إلى مدرستين: الأولى للصبيان والأخرى للبنات ليتّخذ مجمع المدبّرين عام ألفٍ وتسعِ مئة وأربعين قرارًا بدعوة الراهابات الأنطونيات إلى فتح مدرسة للبنات في زحلة عبرَ تسلّمِهنّ المدرسة واستملاكِها في نطاق دير مار يوسف للرّهبان الأنطونيين."

وقال ابو جودة:"هذا الجانبُ التربويّ المتطوّر توازى وتكثيفَ الأنطونيون برامجهم الرّعويّة ورسموا منهجيّة للحركات الرعائيّة قضت بتأسيس مجلسٍ رعويّ عام ألفٍ وتسعِ مئة وسبعة وستين قوامُه تنظيمُ دوراتٍ لتعليمِ اللاهوت، وسهراتٍ انجيلية، وإيجاد مساحاتِ لقاء وحوار في تماهٍ مع مقرّراتِ المجمعِ الفاتيكانيِّ الثاني، لا سيّما بوجهها المسكونيّ، إذ مدّ الأنطونيون جسرًا متينًا مع سائر الطوائف في زحلة وجذبوا إلى مار يوسف حركاتٍ شبيبيّة مختلفة. انبثق ضوؤها من مذبح كنيسة مار يوسف ليشعّ وينيرَ دربَ المؤمنين. ويسيروا معًا من نقطة الضوء: دير مار يوسف الأنطوني. في السبعينيات، أضيف المبنى المسمّى "النادي" ليستضيف النشاط الرعويّ. وفي الثمانينات رُمّمت الكنيسة والدير بطبقةٍ إضافيّة، وفي بداية الألفيّة الثالثة أنشئت الصالة الرعويّة الجديدة ومرآب السيارات. مشهديّة إيمانيّة تسامت كلمة صلاة ولقاءاتٍ وحواراتٍ، فوسّع الأنطونيون دائرتها برياضات سنويّة أحياها وألقى عظاتِها كبار الوعّاظ من مختلف الطوائف ومن بينهم غبطتكم."

وختم ابو جودة:" باسم رهبان هذا الدير، وباسم ابناء هذه الرعية المسكونية وبناتها، وباسم حركاتها الرسولية الناشطة، ال13 نرحب بكم يا صاحب الغبطة ونشكر زيارتكم مصلين مع غبطتكم لتحقيق أمانيكم ورسالتكم المطبوعة بالغيرة الانجيلية والحرص على لبنان وعلى مصلحة جميع المواطنين. إنَّ البطاريكَ إنْ هَزَّتْ صَوالِجَةً، تَهزُزْ عُروشاً، تُقَوِّضْ، تَنقَشِعْ حُجُبُ! أيّها الراعي الصالحُ هُزَّ الصولجانَ وخلِّصْ لبنانَ."

بدوره شكر البطريرك الراعي الاباتي ابو جودة على  كلمته، موجها التحية لكل ابناء الرهبنة وللرعية وللرئيس العام السابق الاباتي داوود رعيدي الذي كان حاضرا. ثم شرح لكلمة شركة بمعناها اللاهوتي اي الاتحاد بالله، مشيرا الى "أن عمل الرهبنة في الكنيسة يساعد الناس على عيش هذه الشراكة مع الله"، واعتبر "ان جمال زحلة في تنوعها هو عيش الوحدة في التنوع"، لافتا الى "اللقاءات التي جمعته اليوم مع كل مطارنة الكنائس والمدارس والناس من مختلف انتماءاتهم".

ووجه غبطته تحية لكل شهداء زحلة مذكرا بوجوب ذكر شهدائنا دائما.

بعدها عرض وثائقي عن دير مار يوسف زحلة وباسم الرهبنة قدم ابو جودة  عصا الرعاية لغبطته  صنعت من شظايا القذائف كرمز لسنة الشهادة والشهداء وعلى رأسها مجسم للكنيسة.

 

 

واختتم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، اليوم الأول من زيارته الراعوية الى أبرشية زحلة المارونية، بترؤس قداس الهي في كنيسة مار انطونيوس الكبير في زحلة، حضره حشد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين والفاعليات ولفيف من الأساقفة ورجال الدين والراهبات ورؤساء اتحادات بلديات وبلديات ومخاتير وأهالي المنطقة.

وبعد تلاوة الانجيل، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان "حيث تكون الجثة هناك تجتمع النسور" (متى24: 28)، جاء فيها:" يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية في كنيسة مار انطونيوس الكبير الرعائية في زحلة العزيزة، ومع سيادة أخينا المطران جوزيف معوض السامي الاحترام، الذي أشكره على دعوتي لهذه الزيارة الراعوية، وعلى تنظيمها مع كل الذين عاونوا وتعبوا. فإني أحييهم جميعا، وبخاصة رئيس الدير، وكاهن الرعية، والآباء معاونيه أبناء الرهبانية اللبنانية المارونية الجليلة، صاحبة الحضور الديري والروحي والراعوي في هذه المدينة من جيل إلى جيل".

أضاف غبطته: "في ختام اليوم الأول لزيارتي، أود الإعراب عن سعادتي لزيارة السادة المطارنة الأجلاء من مختلف الكنائس، وخمس مدارس، ورعية مار يوسف للآباء الأنطونيين. فنقدم هذه الذبيحة المقدسة على نيتكم ونية كل الذين واللواتي زرناهم في رعية مار انطونيوس الكبير، سائلين للجميع فيض النعم الإلهية والخير والنجاح. ونذكر موتاكم وكل المرضى والمتألمين.

نصلي من أجل نمو الإيمان في العائلات وفي الأجيال الطالعة".

واستطرد غبطته: "ونلتمس من الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء ومار يوسف ومار انطونيوس، الاستقرار في لبنان ونهوضه من أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية؛ ونهاية الحروب وإحلال السلام في المنطقة، وعودة جميع النازحين إلى أراضيهم وأوطانهم حفاظا على حقوقهم كمواطنين وعلى ثقافتهم وحضارتهم، وحماية للبنان من أخطار أعدادهم المرهقة، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية".

وتابع غبطته: "حيث تكون الجثة هناك تجتمع النسور" (متى 24: 28). يستعمل الرب يسوع هذه الاستعارة ليؤكد لنا أنه كما تجتمع النسور لتأكل، هكذا المؤمنون يجتمعون في كل يوم أحد ليغتذوا من كلام الحياة، ومن جسد الرب ودمه. فالمسيح عندما يأتي في حياتنا اليومية، فلكي يكون لنا هذاالقوت؛ وعندما يأتي في ساعة الموت، فلكي يشركنا في وليمة عرس الحمل

في رؤيا يوحنا، يقول لنا الرب عن مجيئه اليومي: "ها أنا واقف على الباب أقرعه. فإن سمع أحد صوتي وفتح الباب، دخلت إليه وتعشيت معه. وتعشى معي" (رؤ3: 20). إنه في اقتراب دائم من كل واحد منا، يقرع باب عقله وقلبه وضميره، ينتظر فتح الباب، ويقاسمه زاد الحياة الروحي والمعنوي".

وأردف غبطته: "يأتي إلينا ليحمينا من كل تعليم ضال، فينبهنا عن ظهور "مسحاء وكذبة" و"أنبياء كذبة"، ويعني بهم أصحاب التعليم غير الصحيح وغير السليم. وهو تعليم إما مفرط في التفسير الذي يوسع الضمائر ويحلل كل شيء، وإما متمسك بالحرف الذي يقتل ويحجر المواقف ويكبل الضمائر والعقول والإرادات. وقال الرب: "إن قال لكم أحد... فلا تصدقوا" (الآية 23). هذا "الأحد" لا يحل مكان الكنيسة المؤتمنة على التعليم الصحيح، وقد سلمها الرب يسوع سلطة التعليم، "ومفاتيح الحل والربط"، بشخص بطرس وخلفائه الأحبار الأعظمين، وبشخص الرسل الاثني عشر وخلفائهم الأساقفة المتحدين في الشركة مع الحبر الروماني.

هذا "أحدهم" الذي يدلي برأيه أو بنظريته، غير المنسجم مع تعليم الكنيسة الرسمي، يقول المسيح: "لا تصدقوه". فالله هو "السر العظيم"، ومعرفته لا تأتي من رأي ونظرة في أمور الدين، بل من كشف الله عن ذاته في سر التجسد والفداء، وفي تعليم الكنيسة الرسمي. إن أجمل إعلان لإيماننا هو القول: "إيماني إيمان بطرس، إيمان بطرس إيماني". هذا يعني أننا بالإيمان نخوض مغامرة مع الله، يجعلها الإيمان جميلة وسهلة، وتحولها قلته إلى عبء مرهق وبغيض.

يسمي الرب يسوع هؤلاء المعلمين "مسحاء دجالين وأنبياء كذبة" (الآية 24)، لا ليحكم عليهم، بل ليوضح أنه لا يوجد إلا مسيح واحد، ونبوءة واحدة، وتعليم واحد. فيجب الانتباه إلى التيارات والممارسات والأقوال والأفعال المنافية لوصايا الله وتعليم الإنجيل والكنيسة".

وقالغبطته: "إنكم أيها الأحباء، حماة التعليم الصحيح. فالرعاة الأساقفة ومعاونوهم الكهنة يعلمون هذا التعليم بسلطان إلهي في الأبرشية والرعايا. والرهبان والراهبات والمربون في مدارسنا الكاثوليكية وينقلون هذا التعليم إلى التلامذة ويثقفون إيمانهم، حتى يصبح حضارة اجتماعية. فمهما اشتدت الصعوبات المالية على مدارسنا، ينبغي أن تحافظ على وجودها، على طلابها وهيئة معلميها وموظفيها وأولياء الطلاب الذين وضعوا ثقتهم فيها. والله يعرف، في سر عنايته، كيف يجد المخارج لكل أزماتنا".

أضاف غبطته: "وفي كل حال، نجدد من هنا الطلب إلى الدولة اللبنانية أن تتحمل مسؤوليتها تجاه المدارس الخاصة عامة، والكاثوليكية خاصة، لأنها ذات منفعة عامة، فتدعمها ماليا، وحاليا بفرق الزيادات الجديدة المترتبة، منعا لرفع الأقساط وإرهاق الأهالي بعبئها، وحماية لحريتهم الدستورية في اختيار المدرسة التي يريدونها لأولادهم، ومحافظة على المستوى الثقافي المعروف في مجتمعنا اللبناني". 

 

واستهل الرّاعي اليوم الثاني من زيارته الراعوية الى أبرشية زحلة المارونية، بلقاء الهيئات واللجان والمجالس الراعوية في المطرانية.

بعدها زار كنيسة مار شربل ومزار السيدة العذراء، حيث استقبله رئيس وجمهور دير مار انطونيوس للرهبنة اللبنانية المارونية.

 

ثم توجه برفقة المطران جوزف معوض الى رعية مار انطونيوس الكبير في الكرك، حيث بارك تمثال القديس انطونيوس البدواني الجديد في ساحة الكنيسة.

وبعد رفع الصلاة داخل الكنيسة، رحب الخوري ايلي بشعلاني كاهن الرعية  بصاحب الغبطة والوفد المرافق، معتبرا أن هذه الزيارة هي "تاريخية للبلدة، وهي تعزز فيها الرجاء للمضي بمسيرة الشراكة والمحبة."

 بدوره، منح غبطته المؤمنين بركته الرسولية، شاكرا لهم حفاوة الإستقبال وداعيا اياهم الى التشبث بايمانهم لأنه السبيل الوحيد الى الخلاص."

 

بعدها توجه غبطته الى المعلقة في زحلة، وقد نظم له استقبال شعبي ورسمي حاشد، بحضور أمين سر الرهبنة اللبنانية  المارونية الأب ميشال ابو طقة ممثلا الرئيس العام للرهبنة وآباء وكهنة وراهبات ورؤساء وممثلي هيئات سياسية وحزبية وعسكرية وتربوية واجتماعية واختيارية وبلدية.وحشد من المؤمنين. 

بداية، ألقى خادم رعية مار جرجس الأب انطوان بدر كلمة ترحيبية اعتبر فيها "هذا اليوم هو يوم تارخي، فالمعلقة التي استقبلت منذ مئتي عام ونيف ابنة حملايا القديسة رفقا، تستقبل اليوم ابن حملايا رأس الكنيسة المارونية صاحب الغبطة البطريرك الراعي، يحمل بركاته الأبوية لابناء المعلقة بكل كنائسها". 

وتابع بدر: "بلدتنا بحق مدينة الشراكة المسكونية نلتقي فيها عائلة واحدة موارنة وارثوذكس وملكيين كاثوليك انسجاما مع شعار غبطتكم "شركة ومحبة".

وأشار الى "الدور التاريخي والتجاري والحكومي البارز التي لعبته المعلقة على مر السنين، لافتا الى أن "أولى سرايا الجيش اللبناني تنظمت في هذه البلدة". 

وختم بدر: "نقف اليوم لنستقبلكم وأنتم ما زلتم صوت الضمير والحق الصارخ في وجه الظلم والظالمين، حاملين قضايا الناس ومعاناتهم انسجاما مع رسالة البطريركية المارونية على امتداد الاجيال". 

بدوره، وجه غبطته  تحية الى شعب المعلقة، لافتا الى أن "هذه الصفحة التاريخية أعادتنا الى الجذور لنكون حاضرنا ونستشرف مستقبلنا"، محييا "الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن زحلة وعن لبنان".

وقال غبطته: "نعيش اليوم أزمة هوية، ولكننا لن نسمح بأن تستمر هذه الأزمة. عمرنا على الساحل اللبناني ألفي سنة. هناك تكونت أولى الجماعات المسيحية لنكون شهودا للانجيل والقيم، نحن متجذرون في هذه الارض، وشهداؤنا دفعوا ثمنا غاليا للحفاظ على لبنان، فعلينا أن نكون على مستوى هذا الدم الغالي، وأن نعيش هويتنا اللبنانية العريقة". 

وختم البطريرك الراعي: "نتكل عليكم للمحافظة على الروح الوطنية والكنسية وجعل شبيبتنا تحب لبنان أكثر وتلتزم به أكثر".

وفي الختام، قدمت الهدايا التذكارية لغبطته الذي زار كنيسة مار انطونيوس للروم الارثوذكس وكنيسة سيدة المعونات وكنيسة مار جرجس، في حضور فعاليات البلدة والمؤمنين الذين منحهم بركته الرسولية، والذين قدموا باسم رعاياهم الهدايا التذكارية. 

 

وتابع البطريرك الراعي زيارته فوصل الى باحة كنيسة مار الياس - حوش الأمراء، حيث استقبله المؤمنون يتقدمهم كاهن الرعية الأب طوني برهوم، السيدة الأولى منى الهراوي والوزير السابق خليل الهراوي وحشد من الفعاليات والمؤمنين ورجال الدين.

وألقت الهراوي كلمة قالت فيها: "من متابعتنا  لجولاتك الراعوية في لبنان وعالم الإنتشار، نتمثل بمسيرتك يا صاحب الغبطة على خطى المسيح في زياراته المدن والقرى تبشيرا. يا سيدي، يكون أن يصطدم عهدك البطريركي بالصعوبات الوطنية التي يجتازها لبنان وتعطيها من قلبك ورعايتك في هذا الزمن المحاط بأشواك الصليب، ولكن إيماننا بك كبير، في أنك الحضور المطمئن في هذه الحقبة المريرة من تاريخ لبنان. أقولها في ثقة اليقين كما عشتها قبل سنوات مريرة، فالرئيس الياس الهراوي عانى في عهده الصعب، أشواك الصليب، لكن الله قدره أن ينقل لبنان من تمزق الدويلات الى لحمة الدولة".

وختمت الهراوي: "ها نحن اليوم معكم يا صاحب الغبطة على طريق الجلجلة التي تقود الى القيامة، قيامة لبنان من عذاباته، ونحن رعيتك التي تعرف انها معك، سوف نصل الى القيامة مهما طال زمن الآلام".

بدوره، رحب غبطته بالحضور، مستذكرا "روح رئيس الجمهورية الراحل الياس الهراوي"، لافتا الى أن الراحل كان قد "تلقى سر العماد في كنيسة مارالياس وحمل إسم شفيعها، وإنه بإيمانه الكبير إجتاز الصعوبات".

وتابع غبطته: "الصعوبات ضرورة في حياتنا، وحوش الأمراء أعطت ولا تزال تعطي الأمراء بالمفهوم الديني ، أمراء بالمحبة والسلام والتواضع والأخوة. هناك الكثير من التفاهة في الحياة، ولكي يكون لهذه الحياة قيمة فعلية، علينا أن نكون الملح الذي يعطيها الطعم والقيمة، فكونوا هذا الملح الذي يحمي ايضا من الفساد، وليبدأ كل واحد منا بنفسه للحفاظ على عائلاتنا وبيئتنا من أي فساد".

بعدها، رفع غبطته في  كنيسة مار الياس الصلاة، ثم تسلم الهدايا التذكارية. 

 

وظهرا ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذبيحة الإلهية في كاتدرائية مار مارون - زحلة، عاونه راعي أبرشية زحلة المارونية المطران جوزاف معوض، رئيس الرهبنة الانطونية الآباتي مارون أبوجودة والأبوان وديع الجردي وجوزاف أبوعسلي، في حضور فعاليات رسمية وسياسية من وزراء، ونواب سابقين وحاليين، هيئات رسمية مدنية، عسكرية، رؤساء بلديات، اتحادات بلديات، مخاتير ومجالسهم، رؤساء لجان راعوية، حركات كشفية، رسولية، رهبان، راهبات وحشد كبير من المؤمنين من أبناء المنطقة والبلدات المجاورة.

قبل البدء بالقداس، ألقى المطران معوض كلمة قال فيها: "تعبر زيارتكم يا صاحب الغلطة عن محبتكم لأبناء الكنيسة في هذه الأبرشية، وهذه مناسبة لننقل اليكم هواجسنا وآمالنا ملتمسين من غبطتكم أن تشملوها باهتمامكم. تزداد هجرة الشباب لبلداتهم بحثا عن العلم والعمل، لذلك ترى الأبرشية نفسها مدعوة الى العمل على تنمية هذا الإنتماء لدى المؤمنين، الإنتماء الى أرضهم وبلداتهم وعائلاتهم".

وقال معوض: "زحلة مدينة نابضة بالحياة، تشهد على التعاون بين الأكليروس والمؤمنين بمختلف الكنائس، وتنتظر الإنتخابات النيابية التي نتمنى أن تحصل بتنافس حضاري، وباختيار مسؤول من قبل الشعب"، شاكرا للراعي وللمؤسسة الإجتماعية المارونية "المشروع السكني الذي أتمته في ضهور زحلة"، آملا في أن "يتم العمل على تنقية نهر الليطاني الذي هو شريان حيوي للمنطقة ودعم قطاع الزراعة على مساحة الأبرشية".

وختم معوض بالقول: "أنتم البطريرك الراعوي والوطني، تقودون الكنيسة بكلمة الحق التي تنير البصائر، وتديرون شؤونها التنظيمية، وتعلون في الوطن صوت الضمير، وأنتم ما برحتم تدعون الى اداء سياسي واقتصادي متجرد ومنتظم يخدم المصلحة العامة، وأمام ما يواجه المواطن من صعوبات ويقود الى إيجاد تمويل مناسب لسلسلة الرتب والرواتب ولا سيما في القطاع التربوي، انه آداء يحفظ الدولة والمؤسسات، بعيدا عن الحسابات الفئوية وتدخلات النافذين. نشكر لكم هذه الزيارة التي جددت الأبرشية في مختلف المجالات في الرعايا والمدارس وزادتها ثباتا في الإيمان".

وبعد الانجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان:

"تعظم نفسي الرب لأن القدير صنع لي العظائم" (لو1: 46 و49)، قال فيها: "تحتفل الكنيسة اليوم بحسب تقليد التقوى الشعبية بأحد الوردية المقدسة، وتتلو في الكنائس مسبحتها الوردية الكاملة بأسرارها الأربعة: الفرح، والنور، والحزن والمجد. وتتلوها وفقا للنية التي شاءتها السيدة العذراء في ظهوراتها في لورد سنة 1858، وفي فاطيما سنة 1917، وهي ارتداد الخطأة إلى التوبة وإيقاف الحروب وإحلال السلام، وتجنيب العالم كوارث الحروب والكوارث الطبيعية.

وتحتفل الكنيسة اليوم أيضا بعيد القديسة تريز الطفل يسوع.

إننا في هذين العيدين "نعظم الله مع مريم الكلية القداسة، على العظائم التي أجراها فيها، وأجراها على مدى تاريخ الكنيسة الخلاصي، وفي شخص القديسة تريز الطفل يسوع. وهو ينتظر من كل إنسان أن يكون معاونا له، لكي يواصل عظائمه كل يوم".

أضاف غبطته: "يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية في هذه الكاتدرائية مع سيادة أخينا المطران جوزيف معوض السامي الاحترام، الذي أشكره على دعوتي لزيارة مدينة زحلة العزيزة، بعد أن زرنا في السابق معظم رعاياها، بل كلها. لقد شملت هذه الزيارة التي دامت يومين: جميع السادة المطارنة، وثماني رعايا، وسبع مدارس. فتفقدنا أوضاعها، وشجعنا على العمل الراعوي وخدمة الرسالة التربوية. وشددنا روابط الشركة الكنسية، وأثنينا على الوحدة والتعاون القائمة بين رعاة الكنائس الأجلاء، والعمل الرسولي المشترك.