صحّة
09 نيسان 2024, 06:05

لماذا يستخدم البعض يدهم اليسرى بينما يستخدم الغالبية اليمنى؟

سكاي نيوز
تُلقي دراسة جديدة الضوء على المكوّن الوراثي المسؤول عن استخدام بعض الأشخاص اليد اليسرى. وحدّد باحثون طفرات نادرة من جين له دور في تحديد شكل الخلايا، ووجدوا أنّها أكثر شيوعًا بنحو 2.7 مرّة في الذين يستخدمون اليد اليسرى.

وفي حين أن هذه الطفرات الجينية لا تمثّل سوى جزء صغير، ربما 0.1 بالمئة، من الأسباب المسؤولة عن استخدام اليد اليسرى، قال الباحثون إن الدراسة تظهر أن هذا الجين المسمى (تي.يو.بي.بي4بي) قد يلعب دورًا في تطوّر ما يُعرف بعدم تناظر الدماغ، وهو الأمر المسؤول عن تحديد اليد المهيمنة.

 

عدم تناظر الدماغ

ويكون لشطري الدماغ عند معظم البشر تركيب تشريحي متباين قليلًا، وهما مسؤولان عن وظائف مختلفة.

وقال كلايد فرانكس العالم المتخصص في علم الأعصاب الحيوي بمعهد ماكس بلانك لعلم النفس اللغوي في هولندا، ومن المعدين الرئيسيين للدراسة التي نشرت يوم الثلاثاء الماضي في دورية نيتشر كوميونيكيشنز "على سبيل المثال، يهيمن الفص الأيسر من الدماغ على اللغة عند معظم البشر، بينما يتولى الفص الأيمن المهام التي تتطلب توجيه الاهتمام البصري إلى مكان ما".

وأضاف "وعند معظم الناس أيضًا، يتحكّم نصف الدماغ الأيسر في اليد اليمنى المهيمنة. وتعبر الألياف العصبية ذات الصلة من اليسار إلى اليمين في الجزء السفلي من الدماغ. وفي الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى، يتحكّم النصف الأيمن في اليد المسيطرة.

والسؤال هو ما الذي يجعل عدم تناظر الدماغ يتطوّر بشكل مختلف عند مستخدمي اليد اليسرى؟"

يتحكّم الجين (تي.يو.بي.بي4بي) في بروتين يندمج في خيوط تسمى الأنابيب الدقيقة توفر البنية الداخلية للخلايا. وقال فرانكس إن تحديد الطفرات النادرة في هذا الجين، والتي تكون أكثر شيوعًا في أصحاب اليد اليسرى، يشير إلى أنّ الأنابيب الدقيقة تشارك في تكوين عدم التناظر الطبيعي للدماغ.

 

طفرات جينية نادرة

وأضاف فرانكس "يمكن للطفرات الجينية النادرة لدى عدد قليل من الأشخاص تحديد الجينات الدالة على آليات تطور عدم تناظر الدماغ لدى جميع البشر. ويمكن أن يكون الجين (تي.يو.بي.بي.فور.بي) مثالًا جيدًا على ذلك".

واستندت النتائج إلى بيانات وراثية تغطي أكثر من 350 ألف شخص في منتصف العمر وكبار السن في بريطانيا، 11 بالمئة منهم عُسْر.

وقد يكون تحديد اليد المهيمنة عند معظم الأشخاص نتيجة الصدفة.

وقال فرانكس "نعتقد أن معظم حالات العُسر تحدث ببساطة نتيجة الاختلاف العشوائي في أثناء نمو دماغ الجنين، دون تأثيرات وراثية أو تأثر بالمجتمع المحيط. على سبيل المثال، التقلبات العشوائية في تركيزات جزيئات معينة خلال المراحل الرئيسية لتكوين الدماغ".

واستخف العديد من الثقافات على مر القرون بالعُسر وحاولت إجبار مستخدمي اليد اليسرى على استخدام أيديهم اليمنى. وفي اللغة الإنجليزية، كلمة "يمين (رايت)" تعني أيضا "صحيح" أو "مناسب"، وكلمة "شرير" مشتقة من كلمة لاتينية تعني "على الجانب الأيسر".

 

التأثيرات الثقافية والنفسية

وذكر فرانكس أن انتشار استخدام اليد اليسرى يختلف في أجزاء مختلفة من العالم، مع انخفاض المعدلات في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط مقارنة بأوروبا وأمريكا الشمالية.

وأضاف "يعكس هذا على الأرجح قمع استخدام اليد اليسرى في بعض الثقافات، مما يجعل الأطفال الذين يستخدمون اليد اليسرى يتحولون إلى استخدام اليمنى، وهو ما كان يحدث أيضًا في أوروبا وأميركا الشمالية".

وقد يكون للنتائج الجديدة استخدامات في مجال الطب النفسي. وقال فرانكس إنه في حين أن الغالبية العظمى من العُسر لا يعانون من مشكلات نفسية، فإن المصابين بالفصام هم أكثر عرضة بنحو الضعف لأن يستخدموا اليد اليسرى أو يجيدون استخدام كلتا اليدين، كما أن المصابين بالتّوحّد هم أكثر عرضة بثلاث مرات تقريبًا.

وأضاف فرانكس "بعض الجينات التي لها دور في تطور الدماغ خلال المراحل المبكرة قد يكون لها دورًا في عدم تناظره وفي السمات النفسية. وجدت دراستنا أدلة توحي بذلك، وقد رأينا ذلك أيضًا في دراسات سابقة حيث نظرنا إلى الطفرات الجينية الأكثر شيوعًا".