الفاتيكان
29 حزيران 2023, 11:15

كيف عكست القدّيسة ميري ماكيلوب الغيرة الرّسوليّة في حياتها؟

تيلي لوميار/ نورسات
في مقابلته العامّة الأخيرة قبل تعليق المقابلات خلال شهر تمّوز/ يوليو، تابع البابا فرنسيس سلسلة تعليمه الأسبوعيّ حول الغيرة الرّسوليّة، متوقّفًا عند مثال مؤسّسة جمعيّة راهبات القدّيس يوسف للقلب الأقدس القدّيسة ميري ماكيلوب "الرّاهبة المميّزة" التّي كرّست حياتها للتّنشئة الفكريّة والدّينيّة للفقراء في المناطق الرّيفيّة في أستراليا.

"وُلدت ماكيلوب بالقرب من سيدني من والدَين مهاجرين من اسكتلندا إلى أستراليا، ومنذ صغرها شعرت بدعوة الله لها كي تخدمه وتشهد له لا فقط بالكلمات، بل في المقام الأوّل بحياة بَدَّلها حضور الله. إنّ ميري كانت على ثقة بأنّ الله يدعوها إلى نشر النّبأ السّارّ وجذب أشخاص آخرين إلى لقاء الله الحيّ. إنّ القدّيسة ماكيلوب قد قرأت بحكمة علامات الأزمنة وأدركت أنّ الأسلوب الأفضل لها للقيام بهذا هو من خلال تربية الشبّاب، وذلك وعيًا منها بأنّ التّربية الكاثوليكيّة هي شكل من البشارة بالإنجيل، أسلوب كبير للكرازة.

إنّ كلّ قدّيس هو رسالة وتصميم من قِبل الآب من أجل التّأمّل في لحظة بعينها من التّاريخ في أحد جوانب الإنجيل وتجسيد هذا الجانب، وينطبق هذا على ميري ماكيلوب وذلك في المقام الأوّل بقيامها بتأسيس المدارس."

أمّا غيرتها الرّسوليّة، فتمثّلت في العناية بالفقراء والمهمّشين، بحسب قول البابا الّذي شدّد على أهمّيّة الفقراء والمهمّشين بالنّسبة لدروب القداسة، إذ "لا يمكن لأحد أن يواصل السّير على درب القداسة إن لم يكرّس ذاته لهم أيضًا بشكل أو بآخر"، لافتًا إلى أنّ  كون الفقراء مَن يلفت الانتباه إلى اللّامساواة الّتي هي الفقر الأكبر في العالم، وندّد بتخصيص الموارد لصنع الأسلحة لا لتوفير الغذاء.

وتابع البابا فرنسيس تعليمه قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّ هذا الاهتمام بالفقراء والمهمّشين هو ما دفع ميري ماكيلوب إلى التّوجّه إلى أماكن لا يريد آخرون أو لا يمكنهم التّوجّه إليها... فافتتحت أوّل مدرسة في ١٩ آذار مارس ١٨٦٦ في عيد القدّيس يوسف وذلك في بلدة صغيرة في جنوب أستراليا لتلي ذلك مدارس أخرى كثيرة أسّستها مع أخواتها في الرّهبنة في المناطق الرّيفيّة في أستراليا ونيوزيلندا"، وشدّد على أنّ الغيرة الرّسوليّة تؤدّي إلى تكاثر الأفعال.  

وتابع: "إنّ ميري ماكيلوب كانت على ثقة بأنّ هدف التّربية هو التّنمية المتكاملة للأشخاص سواء كأفراد أو كأعضاء في جماعة، كما وكانت تدرك ما يتطلّبه هذا من حكمة وصبر ومحبّة من قِبل المعلّمين. إنّ التّربية لا تتمثّل في ملء العقول بالأفكار، بل في مرافقة وتشجيع الطّلّاب في مسيرة النّموّ الإنسانيّ والرّوحيّ من خلال الكشف لهم عن أنّ الصّداقة مع يسوع القائم تُوسّع القلوب وتجعل الحياة أكثر إنسانيّة."

وشدّد البابا في هذا السّياق على الحاجة إلى ميثاق تربويّ قادر على الجمع بين العائلات والمدارس والمجتمع بكامله.

بعدها، توقّف البابا عند جانب آخر من الغير الرّسوليّة لميري ماكيلوب دفعها إلى القيام بأعمال محبّة أخرى، من بينها تأسيسها بيت لرعاية المسنّين والأطفال الّذين يعيشون بمفردهم. فأعمالها كانت تنبع من "ثقة القدّيسة في العناية الإلهيّة، فقد واجهت مصاعب في رسالتها ما بين الالتزامات الماليّة والاهتمام بالتّكوين المهنيّ والرّوحيّ للرّاهبات وإدارة المدارس، هذا إلى جانب ما عانت منه في مرحلة لاحقة من مشاكل صحّيّة. إلّا أنّها كانت دائمًا في هدوء وسكينة، حاملة بصبر الصّليب الّذي هو جزء لا يتجزّأ من رسالتها".

وإنطلاقًا من هنا، أكّد البابا على أنّ "سرّ العمل الرّسوليّ يكمن في العلاقة المستمرّة مع الرّبّ، فهو مَن يعطي خبز الضّيق وماء الشّدّة ومَن يستجيب لصوت الصّراخ."

وفي الختام، دعا البابا إلى الاقتداء بالعمل الرّسوليّ للقدّيسة ميري ماكيلوب، ضارعًا "كي تعضد هذه القدّيسة بمَثلها وشفاعتها العمل اليوميّ للوالدين والمعلّمين، معلّمي التّعليم المسيحيّ والمربّين جميعًا، وذلك من أجل خير الشّباب ولمستقبل أكثر إنسانيّة مفعم بالرّجاء".