الفاتيكان
28 تموز 2019, 13:46

كيف شرح البابا فرنسيس صلاة الأبانا للحجّاج في السّاحة الفاتيكانيّة؟

أطلّ البابا فرنسيس في تمام الثّانية عشرة ظهرًا من على شرفة مكتبه الخاصّ، في القصر الرّسوليّ، بالفاتيكان، ليتلو مع وفود الحجّاج والمؤمنين المحتشدين في السّاحة الفاتيكانيّة صلاة التّبشير الملائكيّ، كما جرت العادة ظهر كلّ أحد؛ فخاطبهم قائلًا بحسب "نورنيوز":

"إنّ القدّيس لوقا البشير يُحدّثُنا في إنجيل اليوم عن الظّروف التي أحاطت بتعليم يسوع صلاة الأبانا. وتلاميذ الرّبّ كانوا يعرفون كيف يُصلّون، استنادًا إلى التّقليد اليهوديّ، لكنّهم رغبوا في أن يعيشوا هم أيضًا طبيعة صلاة يسوع.

فقد لاحظ التّلاميذ أنّ الصّلاة هي بُعد أساسيّ في حياة مُعلّمهم، خصوصًا وأنّ كلّ نشاط مهمّ قام به كان مطبوعًا بالصّلوات الطّويلة. وقد اندهشوا لمّا رأووا أنّ الرّبّ لا يُصلّي كباقي معلّمي ذلك الزّمان، لأنّ صلاته كان عبارة عن رابط وثيق مع الآب؛ فرغبوا أن يشاركوا في تلك اللّحظات، لحظات الاتّحاد مع الله، كي يتذوّقوا عذوبته على أكمل وجه.

لذا، وفي يوم من الأيام، وإذ انتهى يسوع من الصّلاة في مكان مُنعزل، طلبوا منه أن يُعلّمهم كيف يُصلّون، قائلين "يا ربُّ علّمنا أن نُصلّي". وفي إطار استجابته لطلب التّلاميذ، لم يُعط الرّبُّ تفسيرًا مُجرّدًا للصّلاة، ولم يُعلّمهُم تقنيّة فاعلة تجعلهم يحصلون على شيء ما. فقد دعا خاصّته لأن يختبروا الصّلاة، من خلال جعلهم يتواصلون مباشرة مع الآب، وأيقظ في داخلهم حنينًا لعلاقة شخصيّة مع الله الآب.

وهنا تكمن حداثة الصّلاة المسيحيّة! إنّها عبارة عن حوار بين أشخاص يُحبّون بعضهم، حوار يرتكز إلى الثّقة ويعضُده الإصغاء وهو مُنفتح على الالتزام التّضامُنيّ. إنّه حوار من الإبن نحو الآب، حوار بين الأبناء والآب. هذه هي الصّلاة المسيحيّة.

من هذا المُنطلق سلّم الرّبُّ لتلاميذه صلاة الأبانا، وقد تكون أثمن عطيّة تركها لنا المُعلّم خلال حياته الأرضيّة! وبعد أن كشف عن سرّه كإبن وأخ جعلنا الرّبُّ ندخل، بواسطة هذه الصّلاة، إلى أُبوّة الله، وهذا أمر لا بُدّ من التّأكيد على أهميّته. وقد دلّنا على الوسيلة التي من خلالها ندخل في حوار مُصلٍّ ومباشر معه، عن طريق الثّقة البنويّة. إنّه حوار بين أب وإبنه وبين إبن وأبيه. إنّ ما نطلبُه في صلاة الأبانا حقّقهُ الإبن الوحيد: تقديس إسم الآب، مجيء ملكوته، هبة الخبز والغفران والنّجاة من الشّرير. عندما نطلب ذلك من الله، إنّنا نفتح أيدينا لننال منه العطايا التي أظهرها الآب في الإبن.

 

إنّ الصّلاة التي علّمنا إيّاها الرّبُّ هي خلاصة كلّ صلاة، ونحن نُوجّهُها إلى الآب دائمًا في إطار الشّركة مع الإخوة. ولا تخلو الصّلاة أحيانًا من أمور تُحيد الإنتباه عنها، لكنّ غالبًا ما نشعر بالحاجة إلى التّوقُّف عند الكلمة الأولى، ألا وهي أبانا، كي نشعر بهذه الأُبوّة في قلبنا.

بعدها روى يسوع مثل الصّديق الذي يصرُّ في طلبه ويدعونا لأن نصرُّ في صلواتنا، تمامًا كمي يفعل الأطفال الصّغار الذين يطرحون أسئلة بشأن أمور لا يفهمونها. وإنّ هذا السّن يُعرف في بلاده بسنّ الـ"لماذا"، عندما ينظرُ الأطفال إلى أبيهم ويسألونهُ لماذا هذا؟ ولماذا ذاك؟ ويطلبون التّفسيرات والإيضاحات. وغالبًا ما يطرحون السّؤال التّالي في وقت يُجيبُ فيه الآباء على السّؤال الأوّل. وهكذا لا يفهمون الأمور بالكامل، ويشعرون بانعدام الثّقة حيال مسائل كثيرة. ربّما يُريدون أن يستقطبوا اهتمام أبيهم. وإذا ما توقّفنا عن الكلمة الأولى من صلاة الأبانا نقوم بالشّيء نفسه كالأطفال. إذ نقول: أبانا، أبانا، لماذا؟ وهو يُوجّه نظره نحونا."