الفاتيكان
01 تشرين الثاني 2021, 14:50

كيف تكون قدّيسًا؟

تيلي لوميار/ نورسات
تلا البابا فرنسيس، ظهر الإثنين، صلاة التّبشير الملائكيّ لمناسبة عيد جميع القدّيسين، مع وفود الحجّاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس.

وقبل الصّلاة ألقى البابا كلمة روحيّة توقّف فيها عند التّطويبات الّتي ترسم درب القداسة، فقال بحسب "فاتيكان نيوز": "نحتفل اليوم بعيد جميع القدّيسين، وفي اللّيتورجيا يتردّد صدى رسالة يسوع: التّطويبات. إنّها تُظهر لنا الدّرب الّذي يؤدّي إلى ملكوت الله والسّعادة: درب التّواضع والرّحمة والوداعة والعدالة والسّلام؛ وأن تكون قدّيسًا يعني أن تسير على هذا الدّرب. لنتوقّف الآن عند جانبين من جوانب أسلوب الحياة هذا: الفرح والنّبوءة.

الفرح. يبدأ يسوع بكلمة "طوبى". إنّه الإعلان الرّئيسيّ، الإعلان عن سعادة لا سابق لها. إنّ الطّوبى والقداسة ليست برنامج حياة يقوم فقط على الجهود والتّنازلات، وإنّما هو قبل كلّ شيء أن نكتشف فرح كوننا أطفالًا محبوبين من الله. إنّها ليست إنجازًا بشريًّا، إنّها عطيّة ننالها: نحن قدّيسون لأنّ الله الّذي هو القدّيس يأتي ليقيم في حياتنا. لهذا ننال الطّوبى! وبالتّالي إنَّ فرح المسيحيّ ليس عاطفة لحظة أو تفاؤل بشريّ بسيط، وإنّما يقين القدرة على مواجهة كلّ موقف تحت نظر الله المحبّ، بالشّجاعة والقوّة اللّتين تأتيان منه. إنَّ القدّيسين قد عاشوا أيضًا وسط ضيقات كثيرة هذا الفرح وشهدوا له. بدون الفرح، يصبح الإيمان ممارسة صارمة وظالمة، ويواجه خطر أن يصاب بمرض الحزن. كان أحد آباء الصّحراء يقول إنّ الحزن هو "دودة في القلب" تفسد الحياة. لنسأل أنفسنا حول ذلك: هل نحن مسيحيّون فرحين؟ هل ننشر الفرح أم أنّنا أشخاص حزينين مملّين بوجه جنائزيّ؟ لنتذكّر على الدّوام: لا وجود لقداسة بدون فرح!

الجانب الثّاني: النّبوءة. إنَّ التّطويبات موجّهة للفقراء والمحزونين والجياع إلى البرّ. إنّها رسالة معاكسة للتّيّار. في الواقع، يقول العالم إنّه لكي تحصل على السّعادة يجب أن تكون غنيًّا وقويًّا وشابًّا وقويًّا على الدّوام وأن تتمتّع بالشّهرة والنّجاح. لكنَّ يسوع يقلب هذه المعايير ويقوم بإعلان نبويّ: يمكننا أن نبلغ ملء الحياة الحقيقيّ باتّباعه ومن خلال عيش كلمته. وهذا يعني أن نكون فقراء في داخلنا، وأن نفرغ ذواتنا لكي نُفسح المجال لله. إنَّ الّذي يعتقد أنّه غنيًّا وناجحًا وآمنًا، يؤسّس كلّ شيء على نفسه ويغلق نفسه على الله وإخوته، بينما من يعرف أنّه فقير وأنّه لا يكفي نفسه يبقى منفتحًا على الله والقريب ويجد الفرح. وبالتّالي فالتّطويبات، هي نبوءة بشريّة جديدة، وأسلوب جديد للعيش: يجعل المرء نفسه صغيرًا ويوكل نفسه إلى الله، بدلاً من أن يسعى للظّهور على حساب الآخرين؛ يكون وديعًا بدلاً من أن يسعى لفرض ذاته؛ يعيش الرّحمة ويمارسها بدلاً من أن يفكّر بنفسه فقط؛ يلتزم لصالح العدالة والسّلام، بدلاً من أن يُغذّي، من خلال التّعايش أيضًا، الظّلم وعدم المساواة. القداسة هي أن نقبل ونضع قيد التّنفيذ، بمساعدة الله، هذه النّبوءة الّتي تحدث ثورة في العالم. لذلك يمكننا أن نسأل أنفسنا: هل أشهد لنبوءة يسوع؟ هل أعبّر عن الرّوح النّبويّة الّتي نلتها في المعموديّة؟ أم أنّني أتأقلم مع وسائل الرّاحة في الحياة ومع كسلي، وأعتقد أنّ كلّ شيء يكون على ما يرام إذا كانت أموري على ما يرام؟ هل أحمل إلى العالم الحداثة الفرحة لنبوءة يسوع أم التّذمُّر المُعتاد للأمور الّتي لا تسير على ما يرام؟

لتعطنا العذراء القدّيسة شيئًا من نفسها، تلك النّفس الطّوباويّة الّتي عظّمت بفرح الرّبّ، الّذي "يحطُّ المقتدرين عن الكراسي ويرفع المتواضعين".