الأراضي المقدّسة
03 تشرين الثاني 2023, 07:15

كيف تقيس عظمة الحبّ؟

تيلي لوميار/ نورسات
"كيف تقيس عظمة الحبّ؟" و"ما الّذي يحرّرنا من المظاهر والإعجاب؟"، سؤالان يجيب عليهما إنجيل متّى 23: 1- 12، الّذي يتأمّل به بطريرك القدس للّاتين عشيّة الأحد الحادي والثّلاثين من الزّمن العاديّ أ.

ويقول بيتسابالا في هذا السّياق بحسب موقع البطريركيّة: "يعتبر الفصل 23 من إنجيل متّى فصل انتقاليّ: فبعد رواية الأمثال والمشاورات مع القادة الدّينيّين، وقد تبيّن بأنّهم لا يريدون الانفتاح على بشارة الملكوت. يتوجّه يسوع بحديثه مع الجموع والتّلاميذ (متّى 23: 1).

يتحدّث يسوع مع الجموع، ولكنّه يحذّر من القادة الدّينيّين، الّذين أنهى حديثه معهم للتّوّ: أمن المعقول أن يكون مرشدو القطيع، هم أوّل من انغلق على أنفسهم؟ وقاوموا النّعمة؟ كيف سيتمكّن النّاس من الوصول إلى الملكوت إذا أصرّ قادتهم على البقاء خارجه؟

يستخدم يسوع كلمات قاسية جدًّا تجاه القادة الدّينيّين، ولكن في الواقع، هذه الكلمات موجّهة للجميع: الشّرّ الّذي يعيش في قلوبهم يسكن أيضًا في قلوبنا. ولهذا السّبب يجب أن نكون يقظين دائمًا.

إنجيل اليوم (متّى 23، 1- 12) يجيب على تساؤلين:

الأوّل هو: كيف تقيس عظمة الشّخص؟

الفرّيسيّون أناس مهمّون، لهم مكانتهم في المجتمع، يعرفون الشّريعة، ويعملون أعمالًا صالحة، ولهم أماكن شرف في الولائم، والجميع يدعوهم "رابي".

هل هذه هي العظمة الحقيقيّة؟ جواب يسوع: كلّا. عظمة الإنسان لا تقاس بما يقوله أو يفعله.

لأنّ الإنسان قادرعلى أن يقول كلمات جيّدة، وأن يعمل أعمالاً جميلة: ولكن، كما هي الحال مع الكتبة والفرّيسيّين، فإنّ كلّ ما يفعلونه، يفعلونه لأنفسهم، ولمجدهم، ولمتعتهم الخاصّة.

يقول يسوع إنّ العظمة الحقيقيّة تكمن في أولئك الّذين يعرفون كيف يضعون أنفسهم في خدمة الآخرين، وبالتّالي فإنّ الحياة تقاس بالمقدرة على الخدمة: "ليكون أكبركم خادمًا لكم" (متّى 23، 11).

ولكن من هو الخادم؟

إذا كان الفرّيسيّون هم الّذين يضعون أحمالًا ثقيلة على أكتاف النّاس، ولا يحرّكونها ولو بإصبع (متّى 23: 4)، فإنّ الخادم هو الّذي يفعل العكس تمامًا، هو الّذي يحمل أثقال الآخرين. فالخادم هو الّذي يحرّر الآخرين من أعباء الحياة، ويأخذها على عاتقه، ويساعدهم على حملها.

ومن يستطيع أن يفعل هذا؟

فقط أولئك الّذين لا يبحثون عن المظاهر قادرين على ذلك: إذا كنّا أطفالًا مدعوّين للعمل في الكرم، إذا كنّا مدعوّين إلى وليمة زفاف ملك عظيم، فلا حاجة للبحث عن أيّة طريقة لإضفائها على الحياة، سوى شيء واحد وهو الحبّ، لأنّك إذا أحببت، فلن تحتاج للبحث عن المظاهر. الحبّ يكفي لحياة جميلة.

وها نحن هنا أمام السّؤال الثّاني: ما الّذي يحرّرنا من المظاهر والإعجاب؟

بالنّسبة ليسوع، الشّيء الوحيد الّذي يحرّرنا هو أن نجعل أنفسنا في خدمة الآخرين، أي أن نعيش المحبّة.

علينا ألّا نلقي بأعبائنا ثقيلة على الآخرين، بل أن نتّحد معهم برباط الأخوّة: "أنتم جميعًا إخوة" (متّى 23، 8)، جميعكم متساوون في الكرامة أمام الآب.

بهذه الطّريقة فقط نتحرّر من العبء الثّقيل المتمثّل في تحقيق ذواتنا من خلال السّعي لكسب تعاطف الآخرين ونظرتهم لنا: لأنّ نظراتهم وتعاطفهم لا يمكنها أن تغذّي حاجتنا إلى الحبّ والحياة،  كما ولا يمكن للألقاب أو السّلطة أن تملأ هذا الفراغ.

تبدأ الحياة الحقيقيّة عندما نخرُج من منطقة راحتنا ونحاول العيش كأشخاص مستعدّين للعمل الشّاقّ ومساعدة الآخرين ، مثل أيّ شخص آخر، في مدرسة المعلّم الأوحد، يسوع المسيح، الّذي نيره لطيف وحمله خفيف (مت 11: 30)."