الفاتيكان
10 تموز 2019, 06:30

كيف تفاعل البابا فرنسيس مع آلام الشّعب الأوكرانيّ؟

عقد رئيس أساقفة كييف المطران Svjatoslav Shevchuk مؤتمرًا صحفيًّا في الفاتيكان، عقب لقائه وأعضاء السّينودس الدّائم في الكنيسة الأوكرانيّة للرّوم الكاثوليك مع البابا فرنسيس، وقد سلّط فيه الضّوء على أهمّ المواضيع الّتي توقّف عندها البابا على مدى يومين، في 5 و6 تمّوز/ يوليو الجاري.

ونقلاً عن "فاتيكان نيوز"، صرّح رئيس الأساقفة في مقرّ إذاعة الفاتيكان أنّ "البابا برغوليو أراد أن يأخذ على عاتقه آلام الشّعب الأوكرانيّ ومعاناته خلال لقاء تميّز بالإصغاء والتّأمّل، وشكّل أيضًا فرصة نعمة. كما حثّ فرنسيس كنيسة الرّوم الكاثوليك في أوكرانيا وباقي الكنائس الكاثوليكيّة الشّرقيّة على العمل من أجل النّموّ والازدهار. وتحدّث رئيس أساقفة كييف عن إطلاق نموذج جديد من العلاقة والشّركة بين البابا فرنسيس والكنائس الشّرقيّة الكاثوليكيّة معربًا عن أمله بأن يتحوّل هذا الأمر إلى مسيرة متواصلة. أضاف سيادته قائلاً إنه خلال اليوم الأوّل من اللّقاء أيّ في الخامس من الشّهر الجاري وجّه الأساقفة الأوكرانيّون الكاثوليك دعوة للبابا كي يزور بلادهم، مشيرًا إلى أنّ زيارة من هذا النّوع يمكن أن تشكّل مؤشّرًا ملموسًا يقود إلى وقف النّزاع المسلّح الدّائر في منطقة دونباس، وأردف أنّ فرنسيس أكّد لضيوفه أنّه سيفكّر بهذا الأمر.
وذكّر سيادته الصّحفيّين بأنّ أوكرانيا تعاني منذ خمس سنوات من نتائج حرب عنيفة تدور رحاها في المناطق الشّرقية، وما يزيد الطّين بلّة الأزمة الإنسانيّة وقد أدّت الحرب والأوضاع الإنسانيّة المتردّية إلى موت ثلاثة عشر ألف شخص، بحسب المعطيات الرّسميّة، ناهيك عن أكثر من ثلاثين ألف جريح. واعتبر المطران شيفشوك أنّ الأرقام الواقعيّة تصل إلى ضعفي هذا العدد، وذكّر بأنّ عمليّات القصف والهجمات المسلّحة استهدفت خلال الأسبوعين الماضيين، الأطبّاء والقوافل الصّحّيّة. وأضاف أنّه في هذا السّياق وبغية تقديم شهادة للرّجاء ما يزال كهنة الكنيسة الكاثوليكيّة يعملون بلا انقطاع في إحدى عشرة رعيّة في مناطق القتال ويفعلون ذلك في أوضاع من الخطر الشّديد. وتابع سيادته قائلاً: لا يستطيع هؤلاء الكهنة أن يفعلوا الكثير لكن حضورهم بين النّاس يشكّل دليلاً على عدم تخلّي الله عنهم.
وفي سياق حديثه عن الأوضاع الإنسانيّة الرّاهنة في أوكرانيا أكّد رئيس أساقفة كييف أنّ هذا الموضوع شكّل محورَ مباحثات الأساقفة الزّائرين مع البابا فرنسيس ولفت إلى أنّ الأساقفة سلّطوا الضّوء على مشكلة بيئيّة- إنسانيّة في غاية الخطورة موضحًا أنّه خلال الأشهر القليلة المقبلة سيجد أربعة ملايين شخص أنفسهم بدون مياه صالحة للشّرب. وأضاف أنّ البابا أبدى اهتمامًا كبيرًا بالأوضاع الصّعبة الّتي يعيشها العديد من الأطفال، مشيرًا بنوع خاصّ إلى تعرّض الآلاف من هؤلاء الصّغار لنتائج الصّراع المسلّح، وبينهم من بُترت أطرافهم.
ولفت المطران شيفشوك في هذا المجال إلى المبادرة الّتي تحمل اسم "البابا من أجل أوكرانيا" الموجّهة إلى جميع المواطنين الأوكرانيّين بدون تفرقة أو تمييز، لاسيّما الأشخاص الّذين يعانون من النّقص في المواد الغذائيّة ويحتاجون إلى السّكن والطّعام والمياه والأدوية والعناية السّيكولوجيّة. وأضاف سيادته أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة المحلّيّة أطلقت ما سمّاه بـ"تحدّي إعادة التّأهيل"، لافتًا إلى أنّ هذه الحملة موجّهة إلى الأشخاص الّذين فقدوا أحد أطرافهم بسبب الألغام وهم مرغمون اليوم على السّفر إلى خارج البلاد من أجل تلقي العلاج. وكشف عن السّعي إلى فتح مركز يعالج هذه الحالات بالتّعاون مع الكرسيّ الرّسوليّ مشيرًا في هذا السّياق إلى التّعاون القائم بين مستشفيات طبّ الأطفال في الفدراليّة الرّوسيّة ومستشفى "الطّفل يسوع" في روما وقد تمّ التّوقيع على الاتّفاق خلال الزّيارة الرّسميّة الّتي قام بها إلى روما الرّئيس الرّوسيّ فلاديمير بوتين الأسبوع الفائت.
ولم تخل مناقشات البابا فرنسيس مع الأساقفة الأوكرانيّين من الإشارة إلى القضايا الّتي تعني كنيسة الرّوم الكاثوليك في أوكرانيا ومن بينها مسألة المسكونيّة، خصوصًا وأنّ هذه الكنيسة تنشط في بلد تنتمي فيه نسبة واحد وسبعين بالمائة من المواطنين إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة وأربعة عشر بالمائة إلى كنيسة الرّوم الكاثوليك. وأكّد رئيس أساقفة كييف في هذا السّياق أنّ الكنيسة الّتي يمثّلها مستعدّة للحوار مع الجميع، وهي لا تنوي الغوص في المسائل والسّجالات الدّاخليّة الأرثوذكسيّة، وذلك في إشارة واضحة إلى استقلال الكنيسة الأرثوذكسيّة الأوكرانيّة عن بطريركيّة موسكو والتحاقها ببطريركيّة القسطنطينيّة.
وفي معرض حديثه عن المشهد السّياسيّ في أوكرانيا اليوم، خصوصًا بعد انتخاب الرّئيس Volodimir Zelensky  وبداية المشاورات البرلمانيّة المبكّرة المرتقبة في الحادي والعشرين من تمّوز يوليو الجاري، قال رئيس أساقفة كييف إنّ كنيسة الرّوم الكاثوليك في أوكرانيا تطالب بقيام مؤسّسات أكثر فعاليّة تضع نفسها في خدمة الفقراء والضّعفاء ولا تغضّ الطّرف عن الكرامة البشريّة والخير العامّ والتّضامن والمساعدة، لافتًا في هذا السّياق إلى أنّ أكثر من مليون مواطن يهاجرون سنويًّا، وشدّد على أهمّيّة الاستثمار في أوكرنيا من أجل خلق فرص العمل".