كوفيد-19: هل يمكن تطعيم العالم؟ 5 تحدّيّات أمام مرفق كوفاكس للتوزيع العادل للقاحات
تُعدّ اللقاحات جزءًا أساسيًّا من الحلّ لإنهاء جائحة كـوفيد-19، ومنذ المراحل الأولى للأزمة، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى ضرورة وجود نهج منسّق لضمان حصول الجميع، وليس فقط الأشخاص الذين يعيشون في البلدان الغنية، على الحماية الكافية من الفيروس الذي ينتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم.
ومن هذا المنطلق، أنشئ مرفق كوفاكس، وهو المبادرة العالمية الوحيدة التي تعمل مع الحكومات والمصنّعين لضمان التوزيع المنصف وتوفير لقاحات كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم لكل من البلدان ذات الدخل المرتفع والمنخفض.
نستعرض معكم خمسة تحديات تواجه مرفق كوفاكس، وكيف يمكن التغلب عليها:
1) الضوابط على التصدير
في بداية الجائحة، قامت اليونيسف بإنشاء مخزون من نصف مليار حقنة ووضعها في مستودعات خارج البلدان المنتجة لها. وقد أثبتت هذه الخطوة جدواها فيما بعد: فقد فرضت البلدان ضوابط على تصدير الحقن، وارتفعت الأسعار وكانت الإمدادات محدودة.
كما فرضت عدة دول ضوابط على تصدير اللقاحات، مما دفع بمنظمة الصحة العالمية للتحذير من "قومية اللقاحات" التي تشجع على الاكتناز، وما لذلك من تأثير على رفع الأسعار وإطالة أمد الجائحة والقيود اللازمة لاحتوائها والمعاناة الإنسانية والاقتصادية المرافقة لها. ويتطلّب وصول الجرعات لأذرع الناس سلسلة إمداد عالمية معقدة، من المكوّنات اللازمة لإنتاج اللقاح، إلى السدادات والأنابيب الزجاجية والبلاستيكية، إلى المحاقن.
لهذا السبب، يمكن أن يتسبب حظر التصدير أو الضوابط المفروضة على أي من هذه المنتجات في حدوث اضطرابات كبيرة في توزيع اللقاح. وبسبب الطرق العديدة التي يمكن من خلالها لضوابط التصدير أن تحد من العرض، لذلك إذا تمكنت البلدان الفقيرة من تصنيع اللقاحات بنفسها، ستكون لها فرصة أفضل في حماية مواطنيها.
وتقول مسؤولة الاتصالات لكوفاكس في منظمة الصحة العالمية، ديان أباد-فيرجارا: "تدعم منظمة الصحة العالمية البلدان في جهودها لاكتساب واستدامة تكنولوجيا وقدرات إنتاج اللقاحات، من خلال مبادرات مثل شبكة مصنّعي اللقاحات في البلدان النامية، ومساعدتهم على بناء قواعد تصنيع إضافية – وخاصة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية – وهو ما سيكون ضروريًّا لتلبية الطلب المستمر على اللقاحات المعزّزة للمناعة ضدّ كوفيد-19 واللقاحات المستقبلية".
وأضافت أن توسيع الإنتاج على الصعيد العالمي من شأنه أن يجعل البلدان الفقيرة أقل اعتمادًا على تبرعات الدول الغنية.
2) إيصال اللقاحات للمحتاجين إليها ليس سهلًا
في حين أن جميع البلدان التي هي جزء من كوفاكس لديها البنية التحتيّة اللّازمة لنقل اللقاحات مباشرةً من الطائرة إلى المستودعات المبرّدة، فإن الخطوات التالية لذلك يمكن أن تكون أكثر تعقيدًا.
وقال جيان غاندي، منسّق إمدادات اليونيسف لمرفق كوفاكس: "غانا هي أول دولة تتلقى جرعات كوفاكس، لديها سجل جيّد في توزيع الجرعات، لكنّ بلدانًا أخرى، مثل تلك الموجودة في غرب أفريقيا الفرنكوفونيّة، وجدت صعوبة في حشد الموارد اللّازمة لتقسيم الجرعات وتوزيعها في جميع أنحاء أراضيها على البلدات والقرى حيث تكون هناك حاجة إليها. وهذا يعني أنه في العديد من البلدان الفقيرة، يتمّ توزيع معظم الجرعات في المراكز الحضرية الكبيرة".
وأضاف السيّد غاندي أنه يجب التأكد من عدم تفويت أي شخص للجرعة: "ولكن، على المدى القصير، على الأقل، فإن تركيز الجرعات في المدن يعني إيلاء الأولوية لتطعيم العاملين الصحيين وغيرهم من العاملين على الخطوط الأمامية في المناطق الحضرية، حيث تعرّضهم الكثافة السكانية العالية لخطر أكبر للإصابة".
3) الحاجة إلى مزيد من التمويل لبدء التوزيع في أفقر الدول
إحدى طرق تسريع توزيع اللقاحات، والتسليم من المستودعات في المناطق الحضرية إلى المناطق النائية، هي ببساطة المال. تقول السيّدة ديانا أباد-فيرجارا: "التمويل هو مصدر قلق دائم، حتى في الاستجابة للجائحة".
وتضيف المسؤولة الأممية أنه لمواصلة توفير اللقاحات لأعضائها الـ 190، يحتاج كوفاكس على الأقل 3.2 مليار دولار في عام 2021، وكلما تم تحقيق هدف التمويل هذا بشكل أسرع، زادت سرعة وصول اللقاحات إلى الناس.
مساهمات العديد من البلدان، ولاسيّما الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، قطعت شوطًا كبيرًا في سد فجوة تمويل اللقاحات. ومع ذلك، فإن تمويل تسليم تلك اللقاحات يمثل مشكلة أكبر.
وتقدّر اليونيسف أن هناك حاجة إلى ملياري دولار إضافية لمساعدة أفقر 92 دولة على دفع تكاليف الضروريات مثل الثلاجات وتدريب العاملين الصحيين، ونفقات التطعيم، ووقود شاحنات التوصيل المبرّدة، وتدعو المانحين إلى توفير 510 مليون دولار منها على الفور كجزء من نداء إنساني لتلبية الاحتياجات العاجلة.
4) الجرعات الزائدة في الدول الغنية
يجد كوفاكس نفسه في منافسة مع دول فردية تعقد صفقات مباشرة مع شركات الأدوية، مما يشكل ضغطًا إضافيًّا على الإمدادات المتاحة من لقاحات كوفيد-19. وفي الوقت نفسه، قد تجد البلدان الغنية أن لديها زيادة في الجرعات.
يقول السيّد غاندي: "ندعو هذه البلدان إلى مشاركة جرعاتها الزائدة وتقاسمها مع كوفاكس واليونيسف في أسرع وقت ممكن، لأن الأمر سيتطلب بعض الإجراءات القانونية والإدارية والتشغيلية لإيصالها إلى من يحتاجون إليها. لسوء الحظ، لا نرى حاليًّا عددًا كبيرًا جدًّا من البلدان ذات الدخل المرتفع على استعداد للمشاركة".
وحذّرت السيّدة ديانا من أن نهج "أنا أولًا" الحالي يميل لصالح أولئك الذين يمكنهم الدفع أكثر، وهذا سيكلف أكثر في نهاية المطاف من الناحية المالية ومن ناحية الأرواح أيضًا.
وأضافت تقول: "لكن من المهم ملاحظة أن الصفقات الثنائية لا تمنع أي بلد من تلقي جرعات أو المساهمة في كوفاكس، لاسيّما من خلال تقاسم الجرعة".
5) التردد في الحصول على اللقاحات: مصدر مستمر للقلق
على الرغم من الأدلة الدّامغة على أن التطعيم ينقذ الأرواح، إلّا أنّ التردّد في الحصول على اللقاح، وهو أمر موجود في كلّ بلد، لا يزال يمثل مشكلة تحتاج إلى معالجة مستمرة.
هذه الظاهرة، مدفوعة جزئيًّا بالمعلومات المغلوطة المحيطة بجميع جوانب كوفيد-19، والتي كانت مصدر قلق حتى قبل إعلان حالة الطوارئ الصحية العالمية. وفي أيّار/مايو، أطلقت الأمم المتحدة حملة Verified، التي تحارب الأكاذيب والرسائل المشوشة، بمعلومات موثوقة ودقيقة حول الأزمة.
تقول المسؤولة في منظمة الصحة العالمية: "طوال فترة الجائحة، كان هناك قدر هائل من تناقل المعلومات الخاطئة، تعمل منظمة الصحة العالمية جاهدة لمكافحتها، فضلا عن بناء الثقة في اللقاحات، وإشراك المجتمعات المختلفة في هذه الجهود".