لبنان
23 آذار 2018, 14:46

كنيسة في مزيارة تخليدًا لذكرى ريّا الشّدياق

وضع رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران جورج بو جوده حجر الأساس لكنيسة القدّيسة ماريا غوريتي في مزيارة- زغرتا، تخليدًا لذكرى الفقيدة ريّا الشّدياق.

 

البداية كانت بمباركة المطران بو جوده للّوحة الحجريّة الّتي سترفع على حائط الكنيسة، ثمّ ترأّس القدّاس الاحتفاليّ وعاونه فيه خادم الرّعيّة الخوري جوزف فضّول والخوري طوني بو نعمه ولفيف من كهنة الأبرشيّة.

للمناسبة، كانت كلمة للمحتفل قال فيها: "ستّة أشهر مضت على استشهاد العزيزة ريّا بعد أن تعرّضت للتّعذيب من قبل شخص ناكر للجميل عاش في بيتها وأمّن لنفسه ولأهله حياة لائقة وكريمة وعامله فرنسوا وعائلته معاملة اعتبروه فيها وكأنّه من أفراد العائلة، ووثقت به العزيزة ريّا فأتت إلى البيت لوحدها واثقة بأنّها في مأمن من كلّ خطر ليس فقط على حياتها، بل أيضًا على أخلاقها، فإذا به كالوحش الكاسر يحاول الاعتداء عليها، وعندما جاهدت قدر المستطاع للدّفاع عن نفسها وشرفها، إذا به يقتلها بوحشيّة لا مثيل لها، نجعل منها شهيدة للقيم والأخلاق والشّرف الّتي تربّت عليها في عائلتها المعروفة بالالتزام المسيحيّ والأخلاقيّ والاجتماعيّ.
لقد أردتم، أيّها العزيز فرنسوا مع زوجتك الفاضلة ماريو جميع أفراد العائلة أن تكرّموا ذكراها اليوم ببناء كنيسة على اسم القدّيسة الشّهيدة ماريا غوريتي الّتي استشهدت هي أيضًا دفاعًا عن طهارتها عندما حاول ابن جيرانها، السّاكن مع عائلته في ذات البيت الّتي كانت تسكن فيه عائلتها، الاعتداء عليها. أودّ بالمناسبة أن أعطي لمحة عن هذه القدّيسة لمن لا يعرف الكثير عنها، كي تكون هذه الكنيسة الصّغيرة مزارًا يؤمّه المؤمنون، وبصورة خاصّة الفتيات والصّبايا لطلب شفاعتها، خصوصًا وأنّنا نعيش في عصر ومجتمع أصبحت القيم الأخلاقيّة فيه بالنّسبة للكثيرين وكأنّها أمور من الماضي، وكأنّ التّقيّد بها روح رجعيّة وهم يدعون إلى التّحرّر من هذه القيم وأصبحوا يشرّعون ليس فقط الإباحيّة الجنسيّة، بل أكثر من ذلك، كلّ القوانين والشّرائع الّتي تدعونا الكنيسة للتّقيّد بها، حفاظًا على قيمة الإنسان وأهمّيّته وهو المخلوق على صورة الله ومثاله والخليقة الوحيدة الّتي أرادها الله لذاتها.
ولدت ماريا غوريتي في 16 تشرين الأوّل سنة 1890، وكانت بكر عائلة تتألّف من ستّة أولاد. في التّاسعة من عمرها انتقلت عائلتها للسّكن في بلدة أخرى، مع عائلة فيها شابّ اسمه "السندرو" الّذي أخذ بجمالها وهي في الثّانية عشرة من عمرها، فقدّم لها العروضات والإغراءات فرفضتها. وبما أنّهما كانا يسكنان معًا في منزل واحد فقد تحوّلت حياتها إلى جحيم، فسعت جهدها ألّا تبقى وحدها معه في البيت. في 5 تمّوز 1902 فاجأها وهي في المطبخ، فدافعت عن نفسها بكلّ قواها لكنّه تطرّف بتصرّفه فطعنها بالسّكّين أربع عشرة طعنة. في اليوم التّالي تناولت القربان المقدّس وقالت للكاهن وهي على فراش الموت، إنّي حبًّا بيسوع أسامحه، فليغفر له الله، ليأتي هو أيضًا معي إلى الفردوس.
حكم على السندرو بالسّجن مدّة ثلاثين سنة. وفي سنة 1910 رأى في الحلم أنّ ماريا تقدّم له أربع عشرة زنبقة، واحدة عن كلّ طعنة كان قد طعنها إيّاها، فارتدّ عن ضلاله. وبعد مرور تسعة وعشرين سنة حرّر من السّجن، فقصد أمّ ماريا وطلب منها الغفران. في 24 حزيران سنة 1950، أعلنت ماريا قدّيسة على يد البابا بيوس الثّاني عشر، وكانت أمّها حاضرة وبجانبها السندرو.
بوضعنا حجر الأساس هذا اليوم، أردتم يا أهل ماريا الأعزّاء أن تجعلوا من هذه الكنيسة الصّغيرة مزارًا يؤمّه المؤمنون، وبصورة خاصّة الفتيات والصّبايا ليطلبن شفاعة القدّيسة ماريا غوريتي لتكون لهنّ قدوة في مجابهة صعوبات الحياة وجميع الإغراءات الّتي يتعرّضن لها، وبصورة خاصّة تلك الّتي تنشرها الكثير من وسائل الإعلام الاجتماعيّة في برامجها التّلفزيونيّة وبواسطة الإنترنت، وكأنّها تسعى إلى المتاجرة بالأخلاق والقيم، وكان جسم الإنسان وبصورة خاصّة جسد المرأة أصبح سلعة للمتاجرة ولكسب الأموال. إنّ في هذه المبادرة من قبل فرنسوا وزوجته دعوة إلى جميع العائلات، الآباء والأمّهات للعمل بكلّ إمكاناتهم للحفاظ على أخلاق أبنائهم وبناتهم من كلّ ما يتعرّضون له من تجارب وإغراءات، فيقتدوا بالقدّيسة ماريا غوريتي وبالعزيزة ريّا في الدّفاع عن القيم والأخلاق الّتي يتربّون عليها، حفاظًا على مجتمعنا اللّبنانيّ وبصورة خاصّة مجتمعنا المسيحيّ من كلّ المخاطر الّتي تتهدّده".