الفاتيكان
22 نيسان 2016, 08:15

كنائس أوروبا هل أصبحت مجرّد متاحف؟

في جولةٍ على عددٍ من الكنائس التي ارشدنا إليها وكان معظمها مغلقاً سؤالٌ يطرح نفسه، هل سنشهد ونحن في أوائل القرن العشرين على كنائس أوروبا تتحول لمجرّد متاحف؟ ففي وسط العاصمة المسيحيّة الأشهر في العالم والتي تعجّ بتاريخ القديّسين وبمعاهد اللاهوت، باتت الكنائس التي تشكّل الشرايين الأساسية لهذه المدينة فارغة ومن بين أبرز كنيستين قصدناهما وهما: كنيسة Chiesa Del Jesù حيث يرقد القديّس اغناطيوس مؤسس الرهبة اليسوعية والتي وجدناها مقفلة.

 فتوقّفنا عند كنيسة Santa Maria In Vallicella  أي كنيسة القديّسة ماريا التي تقع في الوادي نسبةً لموقعها الجغرافي أو كما هو متعارفٌ عندهم إذ يطلقون عليها اليوم إسم  Chiesa Nuova أي الكنيسة الجديدة، ولكن ما لفتنا فيها لم يقتصر فقط على ما لها من قيمةٍ فنيّة كبيرة تشير الى العصر الباروني التي أسست فيه إنّما لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقديّس فيليبو نيري مؤسس جماعة كاثوليكية غير اكليريكيّة من الفقراء الواعظين والمصليّن والمرنّمين في الآن عينه والتي اعترف فيها البابا غريغوار الثالث عشر رسمياً عام 1575. أمّا هذه الكنيسة الكاثوليكية فتقع في قلب المدينة الخالدة بين الفاتيكان والكابيتول والفوروم الروماني. بنيت في القرن السادس عشر وهي تحفة فنيّة بكلّ ما للكلمة من معنى, بحيث عند دخولها يغوص الزائر في أجواءٍ سماوية تزيّن سقفها حيث الملائكة المنحوتة والمرسومة تنقله مع لوحات القديسين لعالمٍ من الخشوع، وتضمّ الى جانب مذبحها الأساسي أربعة عشرة مذبحها لكلّ منها إسمه وهي على التوالي: مذبح الصليب، مذبح الإنزال عن الصليب، المذبح الثالث هوللصعود، المذبح الرابع حلول الروح القدس، الخامس لصعود العذراء، السادس تكليل العذراء، والمذبح السابع هو مذبح للعذراء بين القديّسين Carlo Boromeo والقديس Ignazio Di Loyola.
أمّا من الجهة الأخرى فتندرج المذابح السبعة وهي على التوالي: تقدمة يسوع للهيكل، سجود الماجوس للطفل يسوع، سجود الرّعاة للطفل يسوع، زيارة مريم لأليصابات، مذبح بشارة الملاك لمريم العذراء، تقدمة مريم للهيكل، وأمّا الأخير فهو للقديس فيليبو نيري. والجدير بالذكر، أنّ جسد القديس ما يزال محفوظاً في كابيلا صغيرة داخل الكنيسة في قبرٍ زجاحي معروضٍ للعيان. فمن هو فيليبو نيري وكيف ارتبطت سيرته التي يجهلها الكثيرون بهذه الكنيسة؟ فيليبو نيري هو شابٌ مثقّف، محبٌ لله يتحدّر من عائلةٍ مرموقة في فلورنسا، ولد عام 1515 أي في الفترة المظلمة من تاريخ روما حيث كانت خالية من المدارس، وكان البؤس منتشرًا وأعداداٌ هائلة من الأطفال مشرّدة، جائعة ومتروكة كانت تجوب الشوارع معتمدةً على السرقة للاستمرار في الحياة. تحت شعار المحبّة ترك هذا الرجل حياة الرفاهية وخصّص نفسه لخدمة الآخر فجمع هؤلاء الأطفال والشبّان مقدّماً لهم المأوى والمأكل والمشرب وارشدهم لمعرفة الله عبر التعليم والترنيم مبتعداً عن أسلوب القسوة السائد في ذلك العصر باحثاً عن الفرح معهم شرط الابتعاد عن الخطيئة. الى جانب ذلك، عرف القديس فيليبو نيري بالتواضع، بالتسوّل من أجل الحب ومن أشهر جمله مقولة: " أنا أفضّل الجنّ" التي في اطارها رفض حياة الترف ورفض المناصب الروحية الكبيرة التي عرضت عليه من قبل الباباوات والكرادلة. 
فيليبو نيري الذي اعتبر من الأشخاص الذين ساهموا الى جانب عددٍ من الكرادلة بنهضة الكنيسة الكاثوليكية في روما، وبعد أن اعترف البابا غريغوار الثالث عشر بمجموعته الصغيرة التي أسسها في ذلك الحين وفي مرسوم الاعتراف أوكل اليه ولمجموعته كنيسة Santa Maria In Vallicella  التي كانت في حالةٍ سيئة في ذلك الحين فما كان منه الاّ أن أعاد ترميمها فعرفت بالـ Chiesa Nuova وأقيم فيها أولأ قداس بعد الترميم عام 1577.