كلّنا مشروع "قدّيس"!
من قاتل محترف إلى كاهن، تحوّل كبير طرأ على حياة آغا الّذي حيّره كيف أنّ البابا لم يمت يومها مع أنّه أحكم قبضته وصوّب مباشرة نحو الهدف، بل عاش وزاره في سجنه ليصفح عنه قبل أن يصدر عام 2000 توصية يطلب فيها العفو عنه.
تحوّل ليس بغريب في حياتنا المسيحيّة، الحادثة ربّما فجّرت لديه مجموعة تساؤلات وجوديّة وهو قابع في سجنه، فانقشع النّور عن عينيه وارتدّ إلى حضن الآب بعد ضلال وضياع وصراع، مهّد له صفح الحبر الأعظم عنه.
هي حالة من حالات مشابهة عديدة، ففي كنيستنا أمثلة كثيرة تشهد على قدرة الله أن يُمسك بيد كلّ خاطئ ويُنهضه، ولعلّ أبرز من يُضرب به المثل هنا هو بولس الرّسول الّذي تحوّل من "شاول" أكبر مضطهد للمسيحيّين إلى رسول الأمم والأمين على كلمة الله فجال الأرض مبشّراً بها مدافعاً عن المسيحيّة.
ولا ننسى "لصّ اليمين" الّذي كان أوّل من سكن الفردوس لأنّه اعترف بيسوع.
وكم من إنسان عاش مغامرات طائشة فسقط في قعر الهوّة ولم يعرف للخلاص سبيلاً إلّا بعد تجربة روحيّة خرجت به إلى الحياة.
فحبس الخطئية ليس من الضّروريّ أن يكون زنزانة حقيقيّة حيث يقبع مرتكبها وراء القضبان لسنوات، السّجن الأكبر هو "الضّمير"، وعذابه هو جلدات يتلقّاها الخاطئ على عدد الثّواني والأيّام. جلدات لا بدّ أن تقوده إلى اليقظة والصّحوة في مرحلة ما والتّوبة والنّدامة الحقيقيّتين.
الرّبّ يعرف متى وأين وكيف يعمل، المطلوب أن ننهض بعد كلّ سقطة متشبّهين بالطّفل الّذي عندما يقع أرضاً يمدّ يديه نحو والده وأمّه اللّذين يمسكان بهما ليقف على رجليه من جديد. لتكن لدينا الإرادة نفسها مع الله، بحيث إن سقطنا في الخطيئة نتيجة ضعف بشريّ ما، لنمدّ يدينا نحو الله الأب فتشتبكا بيديه وتتشبّثا بهما لأنّنا نثق أنّ فيه الخلاص، وهنا تتجلّى الكرامة في الغفران.
كلّنا أرض خصبة قابلة للزّرع الطّيّب من مواسم الله الوفيرة. كلّنا مشروع كهنة وراهبات وعلمانيّين قدّيسين. الضّعفاء بيننا والخطأة منّا هم التّحدّي الأكبر ولكن لا مستحيل عند الله، أفَلم يرسل ابنه يسوع لأجل هؤلاء بالذّات؟