كلّاس: إكرامًا للمرأة وإنصافًا لها في يومها العالميّ...!
"أوَّلُ واجباتنا الوطنيّة هو التّشارُكُ في هذه الاحتفاليّة الحضاريّة التّخصّصيّة واللّقاءات التّوعويّة والتّحفيزيّة الدّافعة بالمرأة لأن تأخذ المبادرة وتواجه التّحدّيات وتثبت أنّها موجودة، ولَنْ تتهاون بحقوقها ولن تُقَصِّرَ بدورها، ترشُّحًا وانتخابًا وتنخيبًا وتمثيلاً وتشريعًا وشفافيّةً وحُكمًا نظيفًا وإدارةَ مجتمع، وهي المُستَحِقَّةُ أَنْ تكون كلّ ذلك.
إنّ وجوبيّة التّشارك في إطلاق الفاعليّات والنّدوات واللّقاءات المتخصّصة تهدف إلى دعم المرأة اللّبنانيّة للمطالبة بحقوقها ومساعدتها لتحقيق ما تطمح إليه من أهداف، بما يؤسِّسُ لمجتمعٍلبنانيّ سياسيّ أكثرَ تماسكًا وأمتنَ تكامليّةً، على قاعدة احترام خصوصيَّاتِ هذا المجتمعِ وبناءِ تشاركيّتهِ السّويّة، وإبرازِ تنوُّعِهِ الدّينيّ والحضاريّ والثّقافيّ، إضافة إلى تظهيرِ نَوعِيَّتِه القائمةِ على مُثلِّثِ ركائز، قوامه: الحرّيّة، والحقِّ والمسؤوليّة.
من هذا المُثلَّثِ القِيَمِيِّ، أنظرُ إلى نضالاتِ المرأة، الجاهدة إلى تقعيدِ أسسِ تشجيعِها والأخذ بيدها ورسم الطّريق لها للتّعرّفِ إلى مكانتها الحقيقيّة، والتّشبُثِ بحقوقها، وتحميلها مسؤوليّة أخذ المبادرة لأن تجهرَ بحقّها وتحميلها مسؤوليّة أن تسعى وتأخذ وتطالب، وتعاند، وتُسوِّقَ أفكارها وتضعَ برنامجَ حضورٍ لمستقبلها.
ومن موقع الثّقة المجتمعيّة بقدرات المرأة، في الفكر والتّربية والثّقافة والعلم والقضاء والإدارة والدّبلوماسيّة والأحزاب والإعلام والفنِّ والتّشريع والوزارة والاقتصاد والشّفافيّة، أعتبر أنّ المرأة أجدرُ من الرّجل وأكثرُ صلابةً وأقوى مناعةً منه في التّصدّي للخطأ ومحاربة الفساد وفرض قواعد الشّفافيّة والإصلاح، لأنّها أثبتت حضورها وأكَّدتْ دورها في هذه المسؤوليّات المتنوّعة، إنخراطًا وفعلًا وتفاعلًا وقيادةً ونجاحًا، في كلّ مهمَّةٍ تولَّت مسؤوليّتها.
إنّ ما يعترض المرأة في مسيرتها نحو تحَمُّلِ مسؤوليّاتها الوطنيّة والتّشريعيّة، ونحن على قرابة سنة من التّهيُّوءِ للموسم الانتخابيّ النّيابيّ، وفي ظلِّ القانون الحاليّ، ترتَسِمُ الأسئلة والإشكاليّات التّالية:
١- ما هو الاستعدادُ الفعليّ، لا اللّفظيّ، للقوى والأحزاب والتّجمّعات السّياسيّة بأن تعلنَ تُرَشيحَ سيداتٍ على لوائحها، وفق نصوص القانون الحاليّ؟
٢- هل تتضمّن برامج الأحزاب واللّوائح الانتخابيّة بنودًا تستجيب لمطالب وحقوق النّساء وتتلاقى مع انتظاراتِهِنّ وتطرح همومهنّ؟
٣- متى تنتقل المرأة اللّبنانيّة مِنْ "ناخبة حرّة" إلى "مُرَشَّحَة فرديّة" إلى "مرشِّحَةِ قياديّة"؟
٤- وكيف تكون المرأة حاجة سياسيّة لا عددًا في قوائم الشّطب وأصواتًا في صناديق الاقتراع؟
قد يكون بعضُ الحلِّ في أن تبادر الكتلُ وتسارِعَ عن قناعة، فتوسِّعُ من عدد المرشَّحَات على لوائحها، لتتيحَ لهُنَّ فرص النّجاح، منعًا للاحتكار السّياسيّ والإقطاع التّرشيحيّ والحصريَّة التّمثيليّة، في الدّوائر والتّوزيعات المذهبيّة. وهذه أقصر الطّرق لإنصاف المجتمع من خلال إنصاف المرأة وترسيخ القواعدِ التّعادلِيّة في المسؤوليّات، ترشيحًا وانتخابًا وتمثيلاً وممارسةً.
عبثًا نتكلّم عن مجتمع حضاريّ خارج الكيانيّة الفكريّة للمرأة؛ ولا عن بيئة فريدة بعيدًا عن حرّيّتها في التّفكير والتّعبير والحضور السّياسيّ والدّور الوطنيّ؛ ولا عن فعلها وتفاعلها تأثُرًا وتأثيرًا، في مجال تأكيد العيش السّلاميّ وتجسيد حوار الحياة، الذي أثبتتْ المرأة أنّها رائدته بثقةٍ وحرّيّةٍ وتمايزٍ.
الانتظارات من احتفاليّات الكلام في يوم المرأة، بما تحمله من إضاءات وتنبيهاتٍ، تُؤشِّرُ إلى إيجابيّاتٍ على مستوى بَثِّ الوعي والدّفعِ التّشجيعيّ لأن تستعيدَ المرأةُ دورها وتثبِتَ حضورها، وتلقي علينا مسؤوليّة الإنصاف، نحنُ المُنَظِّرين لها والدّاعمين لدورها، ونحنُ المسؤولين عن قصورها وإقصائها الجزئيّ وغير المُبرَّرِ، عن المشاركة بالحياة السّياسيّة تشريعًا وحُكمًا تنفيذيًّا وعلى غير مستوى، رغم ما أثبتته بقدراتها من نجاحات على كلّ المستويات.
قد تكون المرأة مسؤولة عن تقصيرها، في بعض الظّروف؛ لكنً الأكيد أنّنا نحن مسؤولون عن إقصائها.
نحن نريدها سيّدة برلمانيّة قياديّة مُشرِّعَةً فاعلة ومؤثّرة. ولا نرتضي لها دورًا هامشيًّا كتمثيل رفع العتب أو تلوينة للائحة. وإذا كان حضور المرأة في البرلمان حاجة وطنيّة تستجيب لمطالب الهيئات التي تهتمّ بشؤونها فإنّ نسبة تمثيلها البرلمانيّ هو مقياس تقدّم المجتمع وتظهير مكانة المرأة فيه. ومن هذا المقياس وعلى هذا الأساس، فإنَّ احترام حضورها في البرلمان هو أوّلاً من مسؤوليّة الأحزاب والكتل والقوى السّياسيّة المُرشِّحَة. وما على المرأة إلّا أن تجاهرَ وتبادر لاستعادة حضورها وفرضِ حقوقها.
فحقوقها من حقوقنا المجتمع كلّه، وكرامتها من كرامة الوطن..!
في يوم المرأة، أدعو للمرأة اللّبنانيّة بالخير، باقاتِ ورود محبّة وتقدير، متمنيًا للمناضلات والرّائدات وحاملات هموم المرأة وتطلُّعاتِها كلَّ الخير، وللثّكالى والأرامل وكسيراتِ الخاطر هناءةَ القلبِ، وللمعنّفات ومسلوبات الحقوق الحماية بالقوانين والاحترام بالممارسة وحفظ كرامتهن الإنسانيّة.
كلُّ الاحترام لجهود المرأة في حقل التّوعية على الحقوق، والتّشجيعِ للارتقاء. فعندما تطالب المرأة بحرّيّتها، فهذا حقُّها. أمّا إذا طالبت بتحرُّرها فهذا عيْبٌ مجتمعيّ ومعناه، أننا مُقصِّرونَ ومتهاونون بحقوقها، وليس ذلك واقع الحال."