أوروبا
29 كانون الثاني 2025, 14:20

كتاب عن مسيحيّي العراق، كاتبه ألمانيّ وكاتب توطئته البابا فرنسيس

تيلي لوميار/ نورسات
"الإرث المسيحيّ في العراق" كتاب جديد للمتحدّث بلسان الكنيسة الكاثوليكيّة الألمانيّة والمستشار لدى الدّائرة الفاتيكانيّة للاتّصالات الصّحفيّ واللّاهوتيّ ماتياس كوب، صادر باللّغة الألمانيّة ويضيء على تاريخ المسيحيّة في بلاد الرّافدين، مع تسليط الضّوء على زيارة البابا فرنسيس إلى البلاد في العام 2021، وعلى النّشاط الدّبلوماسيّ للكرسيّ الرّسوليّ فيها.

وما يميّز هذا الكتاب أيضًا هو توطئتة الّتي كتبها البابا فرنسيس باللّغة الإيطانيّة وتُرجمت إلى الألمانيّة.

وفي تفاصيل التّوطئة، وبحسب "فاتيكان نيوز"، فإن البابا "يتذكّر بامتنان زيارته الرّسوليّة إلى العراق الّتي قام بها عام ٢٠٢١ على الرّغم من الجائحة والشّكوك بشأن الأوضاع الأمنيّة، موضحًا أنّه شاء هذه الزّيارة ليعبّر عن محبّته وتضامنه مع المسيحيّين ومع جميع الأشخاص ذوي الإرادة الصّالحة. وقال إنّ هؤلاء الأشخاص لديهم مكانة ثابتة في قلبه وصلواته.

تابع البابا فرنسيس توطئة الكتاب لافتًا إلى أنّه على الرّغم من الصّعوبات الكثيرة الّتي يواجهها العراق فهو ينظر إلى البلاد بأمل ورجاء كبيرين، نظرًا للمقوّمات الهائلة الّتي تتمتّع بها. وهذه الموارد هي في المقام الأوّل المواطنون العراقيّون المدعوّون إلى المشاركة في عمليّة إعادة إعمار المجتمع المدنيّ، وتعزيز الدّيمقراطيّة والالتزام لصالح حوار صادق وواقعيّ بين الأديان. ومن هذا المنطلق– أكّد الحبر الأعظم– اكتسبت أهمّيّة كبيرة الزّيارة الّتي قام بها إلى المرجع الشّيعيّ في العراق آية الله علي السّيستانيّ.

هذا ثمّ أشار إلى أنّ هذا اللّقاء الّذي تمّ في النّجف شكّل مؤشّرًا هامًّا بالنّسبة للعالم كلّه، ألا وهو أنّ العنف باسم الدّين هو انتهاك للدّين نفسه. وأضاف فرنسيس أنّ للأديان واجبًا تجاه السّلام، وعليها أن تعيش هذا السّلام وأن تعلّمه وتنقله للآخرين. ولفت إلى أنّه يفكّر أيضًا بزيارته إلى مدينة أور، جنوب العراق، حيث التقى بممثّلين عن مختلف الدّيانات تحاوروا وصلّوا معًا تحت النّجوم نفسها الّتي نظر إليها أبونا إبراهيم منذ آلاف السّنين عندما رفع عينيه نحو السّماء.

بعدها توقّف البابا فرنسيس عند الإرث الغنيّ لتاريخ المسيحيّة في العراق الّذي يعود لألفي سنة خلت. وقال إنّه يفكّر بالمدارس اللّاهوتيّة المسيحيّة في بلاد ما بين النّهرين، وبالتّعايش السّلميّ القائم منذ مئات السّنين وسط المسيحيّين والمسلمين بين نهري دجلة والفرات. وأشار إلى أنّه يفكّر أيضًا بتنوّع الطّقوس الكاثوليكيّة في المنطقة، وبالصّراع الّذي كان قائمًا بين المذاهب المسيحيّة وبزمن الاضطهادات مع بداية القرن العشرين، وبعمليّات الثّأر السّياسيّ، وباستمرار الحضور المسيحيّ لغاية يومنا هذا.

وفي سياق حديثه عن كتاب ماتياس كوب كتب البابا أنّ هذا الإرث وهذا التّاريخ يطّلع عليهما القارئ ضمن سياق الدّراسات الدّينيّة، الّتي تأخذ في عين الاعتبار كمًّا هائلًا من الأعمال الأدبيّة. وأضاف أنّ المؤلّف كرّس قسطًا هامًّا من الكتاب لتسليط الضّوء على الالتزام الكنسيّ في العراق وعلى نشاط الكرسيّ الرّسوليّ مع ممثّليه الدّبلوماسيّين، الّذي يعكس اهتمام الأحبار الأعظمين بالعراق وبالمسيحيّين المقيمين هناك. وأشار البابا إلى أنّ المجلّد يقدّم صورة عن البلاد، هي بمثابة فسيفساء، تشجّع المسيحيّين في العراق على الاهتمام أكثر بتاريخهم الغنيّ، والحفاظ على إرثهم حيًّا، من أجل مستقبل مهدّد بسبب الهجرة وانعدام الاستقرار السّياسيّ.

في ختام توطئة الكتاب أكّد الحبر الأعظم أنّه لا يمكن أن نتصوّر العراق بدون مسيحيّيه، لأنّهم يساهمون– بالتّعاون مع باقي المؤمنين– في صنع الهويّة المميّزة لهذا البلد الّذي، ومنذ القرون الأولى، يشكّل فسحة للتّعايش والتّسامح والقبول المتبادل. وأمل أن يُظهر العراق والعراقيّون للشّرق الأوسط وللعالم كلّه أنّ العيش معًا بسلام ممكن على الرّغم من كلّ الاختلافات."