21 أيار 2014, 21:00
قصة اليوم: الملاك والشيطان
\"وقال الله: \"لنَصنَعِ الإنسان على صورَتِنا كمِثالِنا، وليَتَسَلَّطْ على سَمكِ البحرِ وطَيرِ السماءِ والبَهائِمِ وجميع وُحوشِ الأرضِ وكُلِّ ما يَدِبُّ على الأرض\". فَخَلَقَ اللهُ الإنسانَ على صورَتِهِ، على صورةِ الله خَلَقَ البَشَرَ، ذَكَراً وأُنثى خَلَقَهُم.\"
يُحكى أن حاكماً ايطالياً دعا فناناً تشكيلياً شهيراً وأمره برسم صورتين مختلفتين ومتناقضتين عند باب أكبر مركز روحي في البلاد. أمره أن يرسم صورة ملاك ويرسم مقابلها صورة الشيطان لرصد الاختلاف بين الفضيلة والرذيلة. وقام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصور، فعثر على طفل بريء وجميل تطل السكينة من وجهه الأبيض المستدير وتغرق عيناه في بحر من السعادة. ذهب معه الى والديه واستأذنهم استلهام صورة الملاك من خلال جلوس الطفل أمامه كل يوم حتى ينهي ذلك الرسم مقابل مبلغ مالي. وبعد شهر أصبح الرسم جاهزاً ومبهراً للناس وكان نسخة من وجه الطفل. ولم ترسم لوحة أروع منها في ذلك الزمان.
ثم بدأ الرسام في البحث عن شخص يستوحي منه وجه صورة الشيطان، وكان الرجل جاداً في الموضوع لذا بحث كثيراً وطال بحثه لأكثر من اربعين عاما وصار الحاكم يخشى أن يموت الرسام قبل أن يستكمل التحفة التاريخية. لذلك أعلن عن جائزة كبرى ستمنح لأكثر الوجوه إثارة للرعب. وزار الفنان السجون والعيادات النفسية والحانات وأماكن المجرمين ولم يجد ضالته. كانوا جميعاً بشراً لا شياطين.
وذات يوم عثر الفنان فجأةً على الشيطان! وكان عبارةً عن رجل سيء يشرب زجاجة خمر في زاوية ضيقة داخل حانة قذرة. اقترب منه الرسام وحدّثه بالموضوع، ووعده بمبلغ كبير من المال إذا سمح أن يرسمه. فوافق الرجل، وكان قبيح المنظر اصلع وله شعرات تنبت في وسط رأسه كأنها رؤوس الشياطين! وكان عديم الروح ولا يأبه بشيء ويتكلم بصوت عال، فمه خالٍ من الأسنان. فرح به الحاكم لأن العثور عليه سيتيح استكمال تحفته الفنية الغالية.
جلس الرسام أمام الرجل وبدأ برسم ملامحه مضيفاً إليها ملامح الشيطان. وذات يوم التفت الفنان الى الشيطان الجالس أماه وإذا بدمعة تنزل على خده فاستغرب وسأله إذا كان يريد أن يدخن أو يحتسي الخمر! فأجابه الرجل بصوت اقرب الى البكاء المختنق: أنت يا سيدي زرتني منذ أكثر من أربعين عاماً حين كنت طفلاً صغيراً واستلهمت من وجهي صورة الملاك وأنت اليوم تستلهم مني صورة الشيطان. لقد غيرتني الايام والليالي بسبب أفعالي حتى أصبحت نقيض ذاتي! وانفجرت الدموع من عينيه وارتمى على كتف الفنان وجلسا معاً يبكيان أمام صورة الملاك.
إن الله يخلقنا جميعنا كالملائكة ولكننا نحن نغير صورتنا ونشوه أنفسنا بسبب معاصينا. فلا تلوث روحك ونور وجهك وبصيرتك بالأفعال السيئة.