الفاتيكان
19 تشرين الأول 2020, 14:00

"قرار شجاع" طرحه البابا فرنسيس لاستئصال الجوع، ما هو؟

تيلي لوميار/ نورسات
"إنّ الجوع بالنّسبة للبشريّة، ليس مجرّد مأساة ولكنّه عار أيضًا"، هذا ما أكّده البابا فرنسيس في رسالة فيديو وجّهها يوم الجمعة إلى المدير العامّ لمنظمة الأغذية والزّراعة للأمم المتّحدة"Qu Donguy" ، في اليوم العالميّ للأغذية، دعا فيها إلى سياسات وإجراءات ملموسة لاستئصال الجوع في العالم، فقال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"في اليوم الّذي تحتفل به منظّمة الأغذية والزّراعة بالذّكرى الخامسة والسّبعين على تأسيسها أرغب في أن أحيّيكم وأن أحيّي جميع أعضائها. إنّ مهمّتكم جميلة ومهمّة لأنّكم تعملون من أجل التّغلّب على الجوع وانعدام الأمن الغذائيّ وسوء التّغذية. إنّ الموضوع المقترح لهذا العام لليوم العالميّ للأغذية مهمّ جدًّا: "معًا ننمو ونتغذّى ونحافظ على الاستدامة. أفعالنا هي مستقبلنا". يؤكّد هذا الموضوع على الحاجة إلى العمل بشكل مشترك وبإرادة ثابتة من أجل توليد مبادرات تعمل على تحسين البيئة من حولنا وتعزيز رجاء العديد من الأشخاص والعديد من الشّعوب.

على مدار هذه السّنوات الخمس والسّبعين، تعلّمت منظّمة الأغذية والزّراعة أنّه لا يكفي إنتاج الغذاء، ولكن من المهمّ أيضًا ضمان استدامة النّظم الغذائيّة وتقديم أنظمة غذائيّة صحّيّة ويمكن للجميع الوصول إليها. يتعلّق الأمر بتبنّي حلول مبتكرة يمكنها تغيير الطّريقة الّتي ننتج بها الغذاء ونستهلكه من أجل رفاهيّة مجتمعاتنا وكوكبنا، فنعزّز هكذا المرونة والاستدامة على المدى الطّويل. لذلك، في هذه الفترة الّتي تشهد صعوبة كبيرة بسبب وباء فيروس الكورونا، من الأهمّيّة بمكان دعم المبادرات الّتي تنفذّها منظّمات مثل منظّمة الأغذية والزّراعة وبرنامج الأغذية العالميّ والصّندوق الدّوليّ للتّنمية الزّراعيّة (IFAD) من أجل تعزيز الزّراعة المستدامة والمتنوّعة، ودعم الجماعات الزّراعيّة الصّغيرة والتّعاون في التّنمية الرّيفيّة في البلدان الأشدّ فقرًا.

نحن ندرك أنّه علينا أن نستجيب لهذا التّحدّي في عصر مليء بالتّناقضات: من جهة، نحن نشهد تقدّمًا غير مسبوق في مختلف مجالات العلوم. فيما ومن جهة أخرى، يواجه العالم أزمات إنسانيّة متعدّدة. للأسف، نرى أنّه وفقًا لآخر إحصائيّات منظّمة الأغذية والزّراعة، على الرّغم من الجهود المبذولة في العقود الأخيرة، يزداد عدد الأشخاص الّذين يكافحون الجوع وانعدام الأمن الغذائيّ، وسيؤدّي الوباء الحاليّ إلى تفاقم هذه الأرقام بشكل أكبر. إنّ الجوع بالنّسبة للبشريّة، ليس مجرّد مأساة ولكنّه عار أيضًا. ويسببه، بشكل كبير، التّوزيع غير المتكافئ لثمار الأرض، بالإضافة إلى قلّة الاستثمار في القطاع الزّراعيّ، وعواقب تغيّر المناخ وزيادة النّزاعات في مناطق مختلفة من الكوكب. من ناحية أخرى، يتمّ التّخلّص من أطنان من الطّعام. إزاء هذا الواقع، لا يمكننا أن نقف مخدَّرين أو مشلولين. جميعنا مسؤولون.

توضح لنا الأزمة الحاليّة أنّ هناك حاجة إلى سياسات وإجراءات ملموسة لاستئصال الجوع في العالم. أحيانًا تأخذنا المناقشات الجدليّة أو الإيديولوجيّة بعيدًا عن تحقيق هذا الهدف ونسمح بأن يستمرّ إخوتنا وأخواتنا في الموت بسبب نقص الطّعام. وبالتّالي سيكون القرار الشّجاع إنشاء "صندوق عالميّ" بالأموال المستخدمة في الأسلحة والمصاريف العسكريّة الأخرى من أجل القضاء بشكل دائم على الجوع والمساهمة في تنمية البلدان الأشدَّ فقرًا. بهذا الشّكل يمكننا أن نمنع العديد من الحروب وهجرة العديد من إخوتنا وعائلاتهم الّذين يضطرون إلى مغادرة منازلهم وأوطانهم سعيًا وراء حياة أكثر كرامة.

حضرة المدير العامّ، إذ أعرب عن رغبتي في أن يكون نشاط منظّمة الأغذية والزّراعة أكثر ثباتًا وخصوبة، أستمطر بركة الله عليكم وعلى جميع الّذين يتعاونون في هذه المهمّة الأساسيّة المتمثّلة في زراعة الأرض وإطعام الجياع والحفاظ على الموارد الطّبيعيّة، لكي نعيش جميعًا بكرامة واحترام ومحبّة."