قدّيسو اليوم: 18 أيار 2017
ولما كانت سنة 303 أثار الملك ديوكلتيانوس الاضطهاد على المسيحيين، هرب المسيحيون من بيوتهم، ولجأت البتولات منهم الى القفار، حفاظاً على فضيلتهن. وأرسل الوالي فقبض على أعيان المسيحيين وقيدهم بالسلاسل وطرهم في السجن، فكان القديس تاودوطوس يساعد المضطهَدين، ويشجعهم على الثبات في ايمانهم، يزور المسجونين ويعزيهم ويدفن الشهداء، غير مبال بغضب الوالي. فجمع في بيته كمية وافرة من الحنطة والاقوات التي لم تكرس للاوثان وأخذ يوزعها على المؤمنين حفظاً لحياتهم. وكان منزله كمستشفى للمرضى ومعبد للصلاة. ولم ينفك عن تحريض الجميع على الاحتمال والصبر حتى النهاية. وقد سعى في بناء كنيسة لدفن ذخائر الشهداء.
فألقى الوالي القبض على القديسة طاكوسة مع ست عذارى وكلفهن تقديم الذبائح للاوثان، فأبين، فأنزل بهن أنواع العذابات وأمرّها، وهن صابرات، ثابتات في ايمانهن. ثم أمر فغرقوهن في بحيرة هناك فنلن اكليل الشهادة. فأتى تاودوطوس وبعناية الهية، تمكن من انتشال جثثهن ودفنها باكرام.
ولما عرف الوالي بذلك، امر بسجنه، ثم أخرجه من السجن وأذاقه من العذابات أقساها وهو صابر يمجد الله. ثم ضربوا عنقه فنال اكليل الشهادة سنة 303 وحرقوا جثته لئلا يدفنها المسيحيون. صلاته معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً: تذكار الأنبا بساريون العجائبي
ولد بساريون في مصر. ومنذ حداثته عكف على مطالعة الكتب المقدسة ومناجاة الله بالصلاة والتأمل وقهر الجسد وضبط الحواس.
وقد اعتزل العالم. فسار الى برية الاسقيط، متكبّداً شدة الجوع والعطش والعري وحرارة الشمس، رافعاً عقله وقلبه الى الله، يتمثله كيفما سار واينما حل. ولم يكن يقبل شيئاً من أحد ولا أن يكون له محل يسكنه، تشبهاً بالسيد المسيح، لا يملك من حطام الدنيا سوى الانجيل المقدس جاعلاً فيه كل هنائه وعزائه، عاملاً بتعاليمه الالهية. وكان يَعُدّ ذاته خاطئاً وآخر الناس ويرثي لمن يسقط في خطيئة ويبذل له النصح لينهض من سقطته. فمنحه الله صنع الآيات. ولتواضعه كان يهرب من المجد الباطل، فيحاول الناس الحصول منه على معجزة بالحيلة، لعلمهم انه نفور من كل شهرة. وبمثل هذه الاعمال الصالحة والفضائل السامية رقد بالرب في أواخر القرن الرابع. صلاته معنا. آمين!
تذكار الشهداء بطرس ورفقتهم، والقدّيسة كلافذيّة (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
تذكار القدّيسين الشهداء بطرس وإندراوس وبولس ورفاقهم (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
لمّا كانت زوبعة الإضطهاد التي أثارها الملك داكيوس ضد المسيحيين، في أواسط القرن الثالث، في أشد هياجها، قبض الولاة في مدينة لمبساك، من إقليم البنطس، على القدّيس بطرس هذا وأودعوه السجن. وكان بطرس شاباً في مقتبل العمر مهذّباً لطيف الأخلاق جميل الطلعة، وكان أهل مدينته يعشقونه لخفّة روحه وطيب مزاياه.
وأحضره الوالي أمامه وأخذ يحقّق معه عن ديانته ومعتقده. فاعترف بالمسيح بكل جرأة وكل جلاء. فابتدره الوالي بقوله: أمامك أوامر ملوكنا الأعزاز القاهرين، فعليك أن تخضع لها وتقدّم الذبائح المفروضة لألهة المملكة. فأجاب بطرس الشاب بطمأنينة وبسالة: ومن هي تلك الآلهة؟ هي أولاً الزُهرة. فقال بطرس: إنّني لأعجب كيف تطلب منّي أن أقدّم ذبيحة السجود والإكرام لإمرأة زانية يندى الجبين خجلاً إذا ما ذُكرت أعمالها القبيحة. وأنت ذاتك لا تتوانى في إنزال أشد العقاب في من يأتي نظير أعمالها. فذبيحة السجود هذه لا تقدّم إلاّ للإله الحقيقي يسوع المسيح، ملك الدهور الحيّ، الذي به يليق كل إكرام وسجود وتسبيح ومديح.
فغضب الوالي لتلك الجسارة وعدّها وقاحة. وأمر به الجنود، فمزّقوا جسده وكسروا عظامه. أمّا هو فلبث ثابتاً في إيمانه، وكان يسبّح الربّ ويقول. أشكرك يا يسوع إلهي، لأنّك وهبتني أن أصبر على الآلام لأغلب بها من يعذّب جسدي.
فلمّا رأى الوالي ذلك منه أمر به، فقطعوا له هامته. فطارت نفسه الى مقر الجمال والبهاء في نعيم السماء.
وبعد ذلك بقليل قبض الجند على أربعة رجال من المسيحيين في مدينة لمبساك نفسها، وساقوهم أمام القضاء. وهم إندراوس وبولس وذيونيسيوس ونكوماخس. فلمّا مثلوا أمام الوالي، سألهم عن أسمائهم ومن يكونون، وكان ديوانه يغص بالناس المتفرّجين وبجماعة من المسيحيين المتسترين.
فسبق نكوماخس رفاقه في الجواب وقال، وهو ينظر الى ما حوله لينال بذلك مجداً وفخراً: "أنا مسيحي". ولبث الآخرون صامتين. فالتفت الوالي إليهم وقال: وأنتم من تكونون؟ فأجاب أيضاً كل منهم :"أنا مسيحي". ولحظ الوالي أن نكوماخس يحب الظهور وإلفات أنظار الناس إليه، فقال له: عليك أن تقدّم الذبائح لللآلهة. فأجاب نكوماخس بصوتٍ عالٍ : أنت تعلم أن الرجل المسيحي لا يقدّم الذبائح للشيطان. فأمر الوالي به، فعلّقه الجند في الهواء وانهالوا عليه ضرباً. فصرخ من الألم وأخذ يستجير ويقول: "أنا لم أكن قط مسيحيّاً. وأنا أعبد الآلهة واضّحى لها". فأوقفوا عنه الضرب وأنزلوه فسجد للآلهة وقدّم لها البخور. لكن الشيطان إعتراه للحال، وطرحه على الأرض يرغي ويزبد، حتى قطع لسانه بأسنانه ومات وهو ينتفض كالعصفور المذبوح.
وكان بين الحضور فتاة شابة لا تتجاوز السادسة عشرة من عمرها تدعى ذيونيسيا. فلمّا رأت ما حدث من خيانة نكوماخس وكيف أنهى حياته الشقيّة، إستفزتها الحمية وصاحت أمام الجميع: يا لشقائك وتعسك أيها الأثيم ! طمعت في راحة ساعةٍ فاستحققت العذاب الى الأبد. فقبضوا عليها وأقاموها أمام الوالي. فسألها هذا: أأنتِ مسيحيّة؟ أجابت بلا حياء ولا تردد: نعم أنا مسيحيّة، ولذلك فإنّي أندب شقاء هذا الإنسان التاعس الذي لم يشأ أن يحتمل العذاب ساعةً أخرى فيبلغ الى الراحة والسعادة الأبدية. فأجاب الوالي: إنّ الآلهة أشفقت عليه فأخذته إليها، لتكافئه على صنيعه وتنقذه من سخط المسيحييين عليه وتقريعهم له. وعليكِ أنتِ أن تقتدي به، وإلاّ أسلمتك للفضيحة ثم أحرقتكِ حيّة بالنار.
فأجابت ذيونيسيا بجرأةٍ: إنّ إلهي أقوى وأعظم منك، وهو قادر أن يقوّيني لأحتمل العذابات التي تهددني بها، فأنا لا أهابها. فأسلمها الوالي الى إثنين من الشبّان الفاسقين لكي يفضحاها ويدنّساها، وأمر بأن يعاد المسيحيّون الثلاثة الى السجن.
فتسلّم ذانك الشابان عروسة المسيح وذهبا بها. وأخذت هي تبتهل الى الربّ ليحفظ لها بتوليتها، ويرسل ملاكه ليمنع الفسّاق عن أن يفتكوا بها. فسمع الربّ إستغاثتها، وهو ختن العذارى، فأرسل ملاكه لينقذها. فظهر ملاك الربّ بهيأة شاب يلمع كالبرق، وملأ قلب ذينك الشابين خوفاً ورعشةً، فانطرحا عند قدمي البتول وجعلا يتضرّعان إليها لكي تشفع بهما وتنقذهما. فمسكت تلك الفتاة البطلة بإيديهما وأنهضتهما وقالت: لا تخافا، فإنّه حارسي الأمين، أرسله الله ليدفعكما عنّي ويحافظ على بتوليتي. فأعادها الشابان الى الوالي وفرّا هاربين، فأمر الوالي الشرطة أن تحتفظ بها.
وفي الغد حرّك كهنة الأوثان الشعب ضد الشهداء. فراحت الجماهير تصرخ أمام دار الحكومة وتلّح في طلب الثلاثة المسيحيين المعتقلين لتفتك بهم. فأسلمهم الوالي الى أيدي ذلك الشعب الساخط ليرجمهم. فخرجوا بهم الى الساحة الكبرى، وتعالت أصواتهم وازدحمت صفوفهم وكثرت جبلتهم. فسمعت ذيونيسيا بما كان، فأفلتت من مكانها، وخرجت واخترقت الصفوف، ووقفت أمام الشهداء وصرخت: إنّني أنا أيضاً مسيحيّة، فارجموني مع هؤلاء. والتفتت الى إندراوس وبولس وذيونيسيوس وقال لهم: لكي أستطيع أن أحيا معكم في السماء لا بد لي أن أموت نظيركم على الأرض. فأنا أريد أن أرجم معكم.
فأرسل الشرطة يسألون الوالي في أمرها. فحكم عليها بأن تُفصل عن الرجال الشهداء وتقطع هامتها حالاً. فأخذوها الى مكان آخر وضربوا عنقها، وهكذا طارت نفسها الى ختنها الإلهي وعريس نفسها، ترفل ببرفير الإستشهاد وإكليل البتوليّة.
أمّا الشهداء الثلاثة إندراوس وبولس وذيونيسيوس، فإنّ الشعب الهائج إنهال عليهم بالحجارة حتى حطّمهم، كما سبق اليهود وفعلوا باستفانس في أورشليم. وهكذا نالوا إكليل الشهادة، وذهبوا ينضمّون الى الشهيد الأول في إخدار السماء وأنوارها وراحتها الى الأبد.
نياحة الثلاثة فتية القديسين حنانيا وعزريا وميصائيل (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم تذكار نياحة الثلاثة فتية القديسين: حنانيا وعزاريا وميصائيل وهؤلاء القديسون هم أولاد يهوياقيم ملك يهوذا وكان قد سباهم نبوخذنصر إلى بابل ولما أختار هذا الملك بعض الفتيان المسبين لخدمته كان هؤلاء ودانيال ابن أختهم من ضمن الذين اختارهم. فسماهم اشفنز رئيس الخصيان أسماءا أخري. فسمي دانيال بلطشاصر، وحنانيا شدرخ وميصائيل ميشخ، وعزاريا عبدناغو. أما هؤلاء فقرروا فيما بينهم أن لا يأكلوا من غير ذبائح بني اسرائيل وطلبوا من رئيس الخصيان أن يعفيهم من طعام اللحوم ويعطيهم بقولا. فقال لهم أخشى أن يتغير منظر وجوهكم فيهلكني الملك فأجابوه " جربنا. وإذا لم تنصلح وجوهنا فافعل ما تريد " ثم صاروا يأكلون البقول فكانت وجوههم تتلألأ حسنا وجمالا بنعمة الله. ووجدوا نعمة في عيني الملك فجعلهم حكاما علي كل أعمال بابل ولما أقام الصورة الذهب ولم يسجدوا لها سعي بهم الذين كانوا يحسدونهم فاستحضرهم نبوخذنصر وسألهم عن ذلك فاعترفوا بالإله الحقيقي فألقاهم في الأتون فأرسل الرب ملاكه وحول اللهيب إلى ندي بارد مع أنه أحرق الذين رموهم في الأتون ولما رأي الملك ذلك آمن بإلههم وزادهم رفعة. وأعلي منزلتهم ولما كان اليوم العاشر من بشنس وكانوا قائمين يصلون في منزلهم وعند سجودهم أسلموا نفوسهم بيد الرب فحدثت للوقت زلزلة عظيمة في المدينة فارتعب الملك وتقصي من دانيال عن السبب فأعلمه أن الثلاثة فتية قد تنيحوا فأتي إلى المكان وحزن عليهم وأمر أن تعمل لهم ثلاثة أسرة من عاج ،ان يكفنوا بحلل من حرير ويضعوهم عليها ثم أمر أن يعمل له سرير من ذهب حتى إذا مات يوضع عليه بين أجسادهم. وهكذا كان.
ولما جلس البابا ثاؤفيلس البطريرك الثالث والعشرون علي الكرسي المرقسي بني لهم كنيسة وأراد نقل أجساد القديسين إليها. وأوفد لذلك القديس يوحنا القصير فذهب إلى بابل ولما وصل إلى حيث الأجساد سمع صوتا منهم يقول: "ان الرب قد رسم ألا تفارق أجسادنا هذا الموضع. وحتي لا يضيع تعبك فعند رجوعك قل للبطريرك أن يعمر القناديل ليلة التكريس بالزيت وستظهر قوة الله فيها. ولما عاد أعلم البابا البطريرك بذلك فعمل كما أمروه فاشتعلت القناديل فمجدوا الله وأتموا تكريس الكنيسة التي لهؤلاء القديسين صلاتهم تكون معنا، ولربنا المجد دائما. آمين.