لبنان
29 آب 2017, 08:06

قدّاس في كرم سدّه قضاء زغرتا لمناسبة قطع رأس يوحنا

لمناسبة عيد قطع رأس يوحنا المعمدان، ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداسًا احتفاليًّا في كنيسة مار يوحنا في بلدة كرم سدّه في قضاء زغرتا، عاونه فيه خادم الرعيّة الخوري سليم نفّاع. حضر القدّاس رئيس اتحاد بلديّات قضاء زغرتا زعني خير، رئيس بلديّة كرم سدّه سليم ساسين، رئيس جمعيّة كرم سدّه الخيريّة في سيدني اوستراليا طوني ساسين، رئيسة مؤسسة مار انطون الاجتماعية الأخت ماتيلد ساسين، إلى عدد من الوجوه الاغترابيّة في البلدة وحشد من أبنائها.بعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران بو جوده عظة تناول فيها مسيرة حياة القدّيس يوحنا وصولًا إلى قطع رأسه وقال:

 

"كان المطلوب من يوحنا أن يتميّز بالجرأة والشجاعة وألاّ يخاف من الكبار والعظماء، بل وبصورة خاصّة هيرودس، فيلفت إنتباهه إلى أخطائه ويؤنّبه ويوبّخه عليها علّه يعود عنها. كما كان عليه أن يقتدي أيضًا بالنبي ناتان الذي أنّب الملك داود ووبّخه عندما أرسل هذا الأخير أحد قوّاد جيشه إلى الصفوف الأماميّة في جبهة القتال كي يقتله فيتزوّج هو إمرأته. فأعطاه ناتان مثلاً عن رجل غني أراد أن يكرّم ضيفه فأخذ النعجة الوحيدة لجاره وذبحها من أجل ذلك، بينما كان هو يمتلك قطعانًا كبيرة من النعاج. وعندما إحتجّ الملك على هذا التصرّف لم يخف ناتان أن يقول له: إنّ هذا الرجل هو أنت، فإنّك خالفت شريعة الرب".

وتابع يقول: "يوحنا المعمدان هو النبي الذي قَبِلَ بأن تُسفك دماؤه كي يبقى أمينًا للشهادة والرسالة التي إختارها الرّبّ لها، ولم يقبل أن يخالفها كي يخلّص نفسه من الموت. إنّ أيامنا المعاصرة، أيّها الأحبّاء، مليئة بأخبار الشهداء الذين يُقتلون لأنّهم يؤمنون بالمسيح ويدافعون عن القيم والأخلاق. إنّنا كلّ يوم نسمع أخبار إخوة لنا مسيحيّين يُقتلون في العراق وسوريا وسهل نينوى وقراقوش والموصل والباكستان والهند، ولا يتخلّون عن المسيح. يدافعون عن إيمانهم وعن الفقراء والمساكين، على يد أبناء شعبهم لأنّهم يزعجونهم ويعرقلون سيطرتهم على مقدّرات البلدان دون وجه شرعي".

واردف قائلاً: "إنّنا اليوم، ونحن نحتفل بذكرى قطع رأس يوحنا المعمدان، مدعوون للوقوف للحظة تأمّل وصلاة ومراجعة حياة، كي نرى كيف نتحمّل نحن مسؤولياتنا كأنبياء، لأنّنا بمعموديتنا أصبحنا أيضًا أنبياء، كيف نشهد للمسيح ولمحبّته لنا في حياتنا اليوميّة، كيف نحمل كلامه إلى إخوتنا البشر. هل عندنا الجرأة والشجاعة كي نحمل كلام الله الذي وضعه على لساننا لننقله إلى الآخرين الذي يرسلنا إليهم الرّبّ؟ هل عندنا الجرأة والشجاعة لنهدم ونقلع العادات السيئة من حياتنا ومن حياة من نحن مسؤولون عنهم، فنلفت إنتباههم إلى مخالفاتهم وتصرفاتهم السيئة؟ هل نتحمّل هذه المسؤولية تجاه أولادنا وإخوتنا في هذا العالم والمجتمع الذي تعدّدت فيه التحدّيات التي تجابههم، فنساعدهم على تخطّيها ومجابهتها للتغلّب عليها، بدلاً من أن نهمل واجبنا ونتركها تترسخ فيهم"؟

وختم متسائلا: "هل عندنا الجرأة لنقوم بفحص ضمير شخصي ومراجعة حياة عن علاقاتنا مع بعضنا البعض في بلدتنا ورعيتنا ومع أهلنا وجيراننا الذين غالبًا ما نختلف معهم لأسباب تافهة وبسبب إنتخابات بلديّة أو إختياريّة التي يجب أن تكون مناسبة للقيام بالخدمة بدلاً من أن تكون سبيلاً للسعي إلى المناصب. خطيئة العالم اليوم، وخطيئتنا الكبرى غالبًا هي في إهمالنا لمسؤولياتنا وعدم جرأتنا على قول الحقيقة خوفًا من إتهامنا بالرجعيّة والعقليّة المتأخرة، فنقبل بكلّ ما يحصل حولنا من أمور تتنافى مع الآداب والأخلاق. فلنسمع اليوم كلام يوحنا المعمدان الموجّه إلى الذين جاؤوا ليتعمدوا على يده وليكن عندنا الشجاعة كي نكون مثله صوتًا صارخًا في البريّة: أعدّوا طريق الرّبّ، وإجعلوا سبله قويمة. كلّ وادٍ فليمتلئ وكلّ جبلٍ أو تلٍ فلينخفض، والسبل الملتوية فلتصر قويمة ومتوعر الطرق فليصر سهلاً، فيعاين كل إنسان خلاص الله".