قدّاس الشّكر للمعاون البطريركي المطران جوزف نفّاع في طرابلس
حضر القدّاس النّائب السّابق الدكتور مصطفى علوش، الى جانب أهالي وأصدقاء المطران الجديد، وحشد من أبناء المدينة والجوار.
في بداية القدّاس، تحدّث المونسنيور معوض فقال:"انّ رعية مار مارون فخورة في هذا المجد الذي أضيف الى أمجادها وتقاليدها، في سبيل الخراف المشتراة بالدم الالهي. وانّ رعيّتنا اليوم تتنفّس الصّعداء، وقد لمست لمساً ثمار الثّبات والايمان والحكمة وتتحسّس مدى النّعمة التي دفقتها عليها السّماء".
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران نفّاع عظةً، قال فيها:"نحتفل اليوم معكم، بعيد الرّب، الذي هو عيد تجلّي الرب على الجبل، أمام تلاميذه. وقد أظهر لهم مجده وبهاء وجهه، وهو النّازل من بعد ذلك الى أورشليم كي يصلب ويموت، أبشع ميتة. لقد أراد يسوع أن يحضر تلاميذه كي يستطيعوا تحمّل الصّليب، فأراهم مجد القيامة قبل أن يمرّ بوجع الجلجلة. من هنا، نستطيع أن نفهم، أنّ الكنيسة هي بنت الصّعوبات، بنت الألم والجلجلة، لأنّ الرّب أرسلها كي تكون نور، أينما كنّا نحتاج الى نور، فهو قال: أنتم ملح الأرض، أنتم نور العالم. وعندما كنت ما ازال تلاميذاً في روما، سألنا أستاذاً كبيراً عن مقدار الملح الذي نضعه في الطّبخة، فقلنا له رشّة صغيرة خاصّةً اذا كان عندنا ضغط في الدّم، أجاب من هنا علينا أن نفهم أنّ المؤمنين هم قلائل وعددهم دائماً يكون قليلاً، مثل الملح في الطّبخة، ولكن رشّة صغيرة هي الّتي تعطي طعمة للطّبخة، ونكهة لها".
أضاف: "رعيّة مار مارون في طرابلس، هي الملح في هذه المدينة، صحيح أنّ عدد أبنائها ليسوا كثراً، لكن وجودها في قلب العاصمة الثّانية طرابلس، هو الذي جعل من طرابلس مدينة للعيش المشترك، ومن يعرف طرابلس جيّداً، يعرف أنّ هذه الكنيسة بنيت كي تكون مركزاً للعيش المشترك، منذ أيّام البطريرك أنطوان عريضة، عندما كان مطراناً على أبرشيّة طرابلس، اشترى كل الأراضي المحيطة بالمطرانيّة، وكان اسمها في حينها بساتين طرابلس، ووزّعها على المسيحيين من أهل الجبال، لأنّه كان يؤمن أنّنا لا نستطيع العيش في لبنان وحدنا، فامّا أن نكون معاً مسلمين ومسيحيين، وامّا أن ننتهي معاً، من هنا حمل ذاك الحيّ اسم شارع المطران الى يومنا. وهذا الأمر، حمل المطران انطون عبد والمونسنيور ميشال واكيم، الى بناء هذه الكنيسة الجميلة، حتّى يقولوا لأهل طرابلس انّ الحياة معكم حلوة، وانّنا متمسّكون بقوّة بهذه الحياة، وانّنا سوف نبقى معاً".
وتابع: "لذلك أيّها الأحبّاء، انّ رعية مار مارون ليست عدداً، بل هي وجود ضروري للمسلمين كما للمسيحيين، كما أنّ لبنان هو أكثر من بلد هو رسالة، كذلك أنا أقول انّ رعية مار مارون في طرابلس، هي رسالة تشهد للجميع، انّ العيش المشترك ليس ممكناً فيها فقط، بل هو أمر محقّق، ونحن نعيشه حتى في أصعب الظّروف. انّ رعيّة مار مارون بقيت واحة أمل وسلام حتّى في أصعب أيّام الحرب، واحة لكل أبناء طرابلس موارنة، أرثوذكس، كاثوليك، ومسلمين، من دون أي تفرقة، لقد عشت طفولتي مع الكشّافة هنا، لم نكن موارنة فقط، بل كنّا جميعاً أبناء هذه المدينة، ولم يكن المونسنيور واكيم يفرق بيننا، أو حتّى يسمع بكلمة طائفية، الهمّ الوحيد عنده كان أن يحمينا. وانّ مؤسّسات الرّعيّة تشهد على هذه الحقيقة، وهو الذي أسس جمعيّات وجندها في خدمة الفقراء والمحتاجين والأيتام".
وختم نفّاع: "رغم أنّ البلد كان ينهار في تلك الفترة، كانت رعية مار مارون تكبر وتنمو، من الفرسان الى الطّلائع الى حركة شبيبة الرّعية، وجوقة الكورال، الى الحفلات التي كانت تقام فيها الى الاهتمام بالفقراء، وانّ أبرشيّة طرابلس المارونيّة تنظر بعين كبيرة الى هذه الرّعيّة، فالمطران جورج بو جوده يعتبرها قلب الأبرشيّة، وخير دليل على ذلك تعيين أفضل خادمين لها من أفضل كوادر الأبرشيّة هما المونسنيور نبيه معوض والخوري جوزف فرح. من هنا أعدكم أنّي سوف أبقى صوتكم الصّارخ ليس في بكركي فحسب، وانّما في كل المحافل التي أكون فيها، واعلموا أنّه ليست صدفة أن تختار بكركي شخصاً من أبناء هذه الرّعية كي يكون معاوناً لها، بل هي أرادت من هذا التّعيين أن يكون لديها صوت من أبناء المدينة تستمع اليه، صوت ممّن عاشوا تجربة العيش المشترك بشكل حقيقي. فشكراً على دعمكم وحضوركم هذا الاحتفال الى جانبي وأعدكم أن أبقى دائماً الى جانبكم".
بعد القدّاس، تقبّل المطران الجديد التّهاني من الحضور في قاعة الكنيسة، وأُقيم حفل كوكتيل في المناسبة.