لبنان
29 تشرين الأول 2025, 10:30

الأباتي عبّود إلى شبيبة كاريتاس: أنتم قلب الكنيسة النّابض بالإنسان

تيلي لوميار/ نورسات
كرّمت رعيّة مار يوحنّا مرقس- جبيل فوج الطّوارئ- جمعيّة كاريتاس، في قدّاس احتفاليّ ترأّسه الأباتي سيمون عبّود، بحضور فعاليّات المنطقة.

وللمناسبة، كانت عظة لعبّود جاء فيها: "في زمن يتراجع فيه الكثيرون إلى مساحات الأمان، نقف اليوم أمام وجوه ليست بعابرة، بل ممهورة ببصمة العطاء. أمام شبيبة لم يجعلوا الخدمة عملًا يؤدّى، بل صلاةً ترفع، ومسيرة حبّ لا تعرف التّراجع. إنّهم فوج الطّوارئ في كاريتاس.

نقف بخشوع أمام عظمة الرّسالة الّتي تحوّلت بين أيديكم إلى حياة. فأنتم لستم مجرّد متطوّعين، بل أنتم شهود الرّحمة في زمن القسوة، وسفراء الله في ساحات الألم، وأياد ممدودة إلى الجرح حين يهرب الآخرون. لقد جسّدتم في الميدان إنجيل الخدمة، وفي وجه الإنسان المتألّم وجه المسيح نفسه.

لقد اخترتم أن تكونوا أنتم حيث الخطر، أن تذهبوا إلى قلب المعاناة، إلى حيث تنكسر الحياة ويصرخ الإنسان. هناك، صرتم وجه الكنيسة الّتي لا تخاف، وصوت الإنجيل الّذي لا يقال بالكلمات بل يعاش بالفعل. فأنتم الكرامة الحيّة للمحبّة، وأنتم الكهنة العلمانيّون على مذبح الألم.

كم من مرّة حملتم قلق الإنسان على أكتافكم كما السّامريّ الصّالح الغريب، وكم من مرّة غسلتم الوجوه اليائسة بماء الرّجاء، وضمّدتم القلوب قبل الأجساد. لم تكتفوا بالمساعدة، بل عشتم جوهر كلمة الإنجيل القائل: ما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الصّغار، فبي فعلتموه. وبهذا فكلّ تدخّل، وكلّ تعب، وكلّ وجع حملتموه بصمت، صار ذبيحةً مقدّسةً على مذبح الخدمة. فمعكم تحوّلت الطّوارئ إلى لقاء، والخطر إلى تضامن، والألم إلى صلاة صامتة لا تقال ولا يقاس إلّا بالعمل.

أيّتها الشّبيبة، منكم نتعلّم أنّ المحبّة لا تقاس بالكلمات، بل بمدى قدرتها على الانحناء أمام ضعف الآخر. ومنكم نفهم أنّ كاريتاس ليست مجرّد مؤسّسة، بل قلب الكنيسة النّابض بالإنسان، الّذي يرى في كلّ متألّم وجه المسيح المصلوب.

أنتم، في تعبكم وصبركم وإخلاصكم، تكتبون إنجيلًا جديدًا من الرّحمة، إنجيلًا يقرأ في وجوه المنسيّين، ويترجم بدموع الشّكر الّتي تذرفها الأمّهات، وبأنين المحتاجين الّذين وجدوا فيكم لمسة الله.

فمن على مذبح هذا الاحتفال، وباسم كلّ من رأى فيكم يد الله تمتدّ نحوه، نمجّد صورة الله فيكم واحدًا واحدًا، ونقول لكم: أنتم صورة الكنيسة الرّاكعة عند أقدام المتألّمين، والنّاهضة إلى جانب المنكوبين. أنتم الكلمة الّتي لا تقال، بل تعاش بالدّموع، وبالعرق، وبالجرأة المقدّسة الّتي لا تعرف خوفًا إلّا من أن يضيع إنسان. وليكن كلّ تعب منكم ذبيحة شكر، وكلّ خطوة أنقذت إنسانًا ذخيرةً في ملكوت السّماء.

امضوا بسلام، فالعالم يحتاج إلى وجوه تشبه وجوهكم، وإلى قلوب تؤمن أنّ الإنسان هو الطّريق الأجمل إلى الله. وابقوا شهود نور في ظلمة الوجع، ورسلًا للرّحمة في عالم متعب،

كي يظلّ اسم كاريتاس بكم، مرادفًا للرّجاء الّذي لا يموت، وللمحبّة الّتي لا تسقط أبدًا. آمين." 

وبعد القدّاس التقى الجميع لنخب المناسبة.