قديسو اليوم : 6 تشرين الأول 2015
وبعد القيامة قال التلاميذ لتوما: اننا قد رأينا الرب، فقال لهم:" ان لم أعاين أثر المسامير في يديه واضع إصبعي في موضع المسامير واضع يدي في جنبه، لا اؤمن". شكَّ توما وقد يكون الشك سبباً لاظهار الحقيقة. وبعد ثمانية ايام اتى يسوع ووقف في الوسط وقال: السلام لكم. " ثم قال لتوما: هاتِ إصبعك الى ههُنا وعاين يديَّ وهات يدك وضعها في جنبي. ولا تكن غير مؤمن، بل مؤمناً". فانطرح توما على قدمي يسوع وقال:" ربي والهي". فقال له يسوع:" لانك رأيتني، يا توما، آمنت فطوبى للذين لم يروا وآمنوا". (يوحنا 20: 19 – 29).
بهذا الايمان الراسخ قام توما يبشر بالانجيل في اليهودية، نظير الرسل. ثم سار الى الشرق، كما يقول الاباء، والتقى بالمجوس الذين كانوا اتوا الى بيت لحم وسجدوا للطفل الالهي، فعمّدهم وعاونوه في التبشير في بلدانهم. وجاء الرسول الى الحبشة، حيث جعل في اولئك القوم السود الوجوه قلوباً بيضاء بماء المعمودية، كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم.
ثم تابع سيره الى الفرس حتى الهند التي دخلها، كما يقول سمعان متفارستي، يبشر ويعمِّد ويقيم الاساقفة والكهة، ويرد الكثيرين الى الايمان بالمسيح. وبينما كان يصليّ يوماً، هاجمه كهنة الاصنام ورجموه بالحجارة وطعنوه بحربة في عنقه، ففاز باكليل الشهادة في السنة 57 للمسيح. صلاته تكون معنا...
القديس توما الرسول (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)
هو الملقّب بالتوأم من الجليل، صياد سمك، لبّى دعوة الرب بلا تردد، ورافقه وسمع كلامه ورأى عجائبه. لما اعترض الرسل على ذهاب يسوع الى بيت عنيا ليقيم لعازر من الموت وقالوا:"يا معلم الآن كان اليهود يطلبون رجمك وأنت تمضي أيضاً الى هناك" التفت توما الشجاع وقال :"لنذهب نحن أيضاً لنموت معه" (يوحنا 11 :8 و13).
وليلة العشاء السري لما قال فادينا لتلاميذه "واذا انطلقت وأعددت لكم مكاناً آتي وآخذكم إليّ لتكونوا أنتم حيث أكون أنا. أنتم عارفون الى أين أذهب وتعرفون الطريق" ابتدره توما :"يا رب لسنا نعرف الى أين تذهب وكيف نعرف الطريق" فأجابه يسوع بكلام يشع نوراً على توالي الدهور "أنا الطريق والحق والحياة، لا يأتي أحد الى الآب إلا بي" (يو14 : 1 - 7).
اشتهر توما بما حدث له مساء أحد القيامة وفي الأحد الذي بعده، ففي مساء القيامة لم يكن مع الرسل حين ظهر لهم يسوع. فقال له التلاميذ الآخرين :"إننا قد رأينا الرب". فقال لهم :"إن لم أعاين أثر المسامير في يديه وأضع ... لا أؤمن". لكن يسوع الذي مات لأجل توما والبشرية تحمّل عناده ولم يتركه متصلباً... فبعد ثمانية ايام ... "ربي وإلهي"... فقال له يسوع :"لأنك رأيتني يا توما آمنت، طوبى للذين لم يروا فآمنوا". فالله سمح بعدم تصديق توما ليثبتنا نحن في الإيمان ولنُعطى هذه الطوبى (يو20 : 19 - 30).
وظهر يسوع لتوما على ضفاف بحيرة طبريا يصطاد السمك مع بطرس ونثنائيل ويعقوب ويوحنا واثنين آخرين، وأمرهم أن يُلقوا الشبكة من الجانب الأيمن فألقوها فلم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك. وأقام الرب يسوع رسوله بطرس رأساً للكنيسة جمعاء وكان توما حاضراً يسمع ويفهم ويخضع لأوامر الرب وتدبيره.
بدأ توما يبشر بالإنجيل في اليهودية مثل بقية الرسل، وأُهين وضُرب وسُجن، (وأخيراً سار كما يقول الآباء الى بلاد الشرق والتقى بالمجوس وبشرهم فآمنوا واعتمدوا). ثم أرسل أحد التلاميذ الاثنين والسبعين الى أبجر ملك الرها على حسب وعد المخلص للرجال الذين جاؤوا يدعونه لزيارة ذلك الملك. واجتاز من بلاد العرب الى الحبشة "فجعل القوم السود الوجوه قلوباً بيضاء بماء المعمودية" كما قال يوحنا فم الذهب، ومن هناك اجتاز الى بلاد الهند.
أما الرأي الأرجح فهو أن الرسول قضى الشطر الأكبر من حياته في بلاد الهند، دخلها فقيراً طويل الشعر أصفر الوجه ناحل الجسم كأنه شبح يتحرك. وأراد أحد عبدة الأوثان أن يهيّج الشعب على توما فذبح ابنه واتهم الرسول بذلك، فوقف هذا أمام الجثة وعمل عليها إشارة الصليب فقام الولد حيًّا معافى فآمن كثيرون بالرب لرؤيتهم تلك الأعجوبة... وبينما كان توما يصلي يوماً، فاجأه أحد كهنة الأصنام بسهم قتله وانقضّ عليه ومزق جسده بالحجارة ونال إكليل الاستشهاد في سنة 75 للمسيح...
القديس توما الرسول المجيد (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
شخصية توما في الأناجيل:
هو أحد تلاميذ الرب يسوع الاثني عشر المقال له التوأم. يعرف في إنجيل يوحنا، بصورة خاصة، من خلال ثلاثة مواقف: الأول، بعدما جاء رسول وأخبر السيد بأن لعازر مريض، أراد السيد أن يذهب إلى اليهودية فاعترضه قائلين: "يا معلم، الآن كان اليهود يطلبون أن يرجموك وتذهب إلى هناك". ( 11 ). فقال لهم يسوع: "لعازر حبيبنا... مات، وأنا أفرح لأجلكم أني لم أكن هناك لتؤمنوا. ولكن لنذهب إليه. إذ ذاك أنبرى توما دون سائر التلاميذ ليقول للباقين:" لنذهب نحن أيضا لكي نموت معه". يشير هذا الموقف، فيما يشير، إلى ثلاثة أمور: حمية الرسول في إتباع المسيح أنى تكن المجازفة، واشتياقه إلى معاينة عمل الله، وكونه إنسان قلب لا يرى الأمور بعين العقل بقدر ما يراها بعين الحس والعاطفة. من هنا جوابه العفوي الحماسي هذا.
أما الموقف الثاني فنستقرئه مما ورد في الإصحاح 14 من إنجيل يوحنا حيث قال الرب لتلاميذه: ".. في بيت أبي منازل كثيرة.. أنا أمضى لأعدّكم مكاناً... وتعلمون حيث أنا أذهب وتعلمون الطريق". هنا أيضاً انبرى توما ليقول بكل بساطة "يا سيد لسنا نعلم أين تذهب فكيف نقدر أن نعرف الطريق". قال له يسوع: "أنا هو الطريق والحق والحياة". لهذا الموقف أكثر من ميزة. فتوما الرسول، أولاً، إنسان واقعي حسي تعني الأمور لديه ما تشير إليه، أما التأويل في الكلام، أن تقول شيئاً وتريد به شيئاً آخر فلا قبل له به، ولعل توما في هذا الأمر عبراني لا غش فيه. ثم أنه يطلب الفهم ولا يشاء أن يمر كلام السيد غامضاً، مرور الكرام. لذلك يسأل ويستوضح ولا يستحيي. توما، من هذه الزاوية، إنسان من دون عقد. يقاطع المتكلم، وربما يزعج السامعين. لعله يظهر دون الآخرين فهماً، ولعلهم يأخذون عليه بطأه في إدراك الأمور، ولكن، لا بأس. غيره قد لا يكون فاهما ً ويخاف أن يسأل، أما هو فلا يبالي. المهم أن يفهم.
أما الموقف الثالث فيتمثل في إصرار الرسول على وضع يده في جنب السيد. ففي الإصحاح 20 من إنجيل يوحنا أن توما كأن غائباً حين جاء يسوع الناهض من بين الأموات إلى حيث كان التلاميذ مجتمعين خوفا من اليهود وأراهم يديه وجنبه وأعطاهم سلامه ونفخ فيهم روحه القدوس. فلما جاء توما وعلم بما جرى اعترض وقال: "إن لم أبصر في يده أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن". وبعد ثمانية أيام كان التلاميذ مجتمعين وتوما معهم، فجاء يسوع ووقف في الوسط وقال: "سلام لكم. ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا. أجاب توما وقال له ربي والهي. قال له يسوع "لأنك رأيتني يا توما آمنت. طوبى للذين آمنوا ولم يروا". الرسول، هنا، يتصرف وكأنه عاتب على السيد أنه جاء في غيابه. والسيد فعل ذلك عن قصد، أولاً لأنه كان يعرف شخصية توما التي سبق لنا أن رسمنا بعض ملامحها، وثانياً لأنه أراد أن يبين أنه إذا ما جاء إلى التلاميذ وأراهم يديه وجنبه فهو إياه بلحمه وعظمه وليس خيالا. المسيح هنا يعفي التلاميذ ويعفينا من تجربة المجرب أنه خيال. ثم أن السيد بمحبته الفائقة يخاطب كل واحد بالطريقة التي يفهمها، وطريقة توما أن يعاين. القديسان امبروسيوس وكيرللس والمغبوط أوغسطينوس يقولون في هذا المقام أن الموضوع هو رغبة توما في معاينة السيد أكثر مما هو موضوع شك أو قلة أمانة.
وطريقة توما أيضاً أن يلمس إلى أن يمن عليه الرب بنور روحه القدوس. وهذا ما منَّ به على أحبته أخيراً داعيا إياهم إلى معاينة تفوق معاينة اللحم والدم: "طوبى للذين آمنوا ولم يروا". توما الذي أبدى عناداً يكاد يكون صبيانياً هو إياه من أنكسر إلى آخر حدود الانكسار عندما عاين مجد الله وهو أيضاً أول من سجد وخاطب يسوع بالفم الملآن هكذا: "ربي والهي".
في ضوء هذه الملامح في شخصية توما الرسول، تطالعنا خدمة هذا اليوم بما يمثله توما في حياة الكنيسة. ففي إحدى تراتيل المساء أنه ثبت المؤمنين بارتيابه المتحول إلى إيمان، وفي ترتيلة أخرى أنه: "علم أن للطبيعتين (في السيد) فعلين خاصين". كذلك تقول واحدة من تراتيل صلاة السحر: "أنه بجسه آثار المسامير طلباً للتصديق واليقين على ما يليق بالله، ثبت أذهاننا في الرب".
بشارة توما:
هذا بالنسبة لشخصية توما الرسول، أما بالنسبة لبشارته بعد العنصرة، فالتقليد الكنسي يقول أنه أول من بشر بلاد الهند، والنص الليتورجي يقول أنه اصطاد بصنارة الروح الإلهي أذهان الهنود المظلمة (القطعة الثانية على الاينوس- صلاة السحر). أما تفاصيل خدمته في الهند فليست بثابتة. جل ما نعرفه أنه هدى الكثيرين إلى النور الإلهي، وبين هؤلاء الأغنياء ونساء أميرات. ويقال أن الأمير المدعو مسداوس أراد أن ينتقم منه لأنه عمّد زوجته تاريتانا، فأرسل جنده وطعنوه فمات. النص الليتورجي يقول أنه اقتدى بالمسيح في الآلام فطعن جنبه هو أيضاً. كان رقاده في الرب وفق بعض المخطوطات القديمة يوم الرابع عشر من أيار. تجدر الإشارة إلى أن للرسول توما ذكرا مميزا لدى الأحباش وقيل أنه بشر الفرس وبلغ الصين. حتى الألمان يقولون إنه نقل لهم الإيمان.
رواية عنه:
ثم أن هناك رواية تناقلتها الأجيال عن توما الرسول نوردها ههنا لا للفائدة التاريخية بالضرورة بل لما تنطوي عليه من معان روحية سامية.
يحكى أن ملكاً هندياً اسمه غوندافور قرر أن يبني لنفسه قصرا عظيما لا مثيل له على الأرض، فانطلق رسوله هافان يبحث عن عمال ماهرين قادرين على ذلك. وبتدبير إلهي جاء هافان إلى الرسول توما فقال له الرسول أنه مستعد أن يبني للملك مثل هذا القصر شرط أن يتركه يعمل كما يريد. فاتفق الاثنان وسافر توما إلى بلاد الهند. هناك حصل الرسول على كمية كبيرة من الذهب من الملك ليباشر ببناء القصر. وما أن غادر توما حضرة الملك حتى وزع كل الذهب الذي لديه لفقراء الهند، وراح يبشر بالإنجيل. ومرت سنتان، فأوفد الملك عبيده إلى الرسول يسأله ما إذا كان قد انتهى من بناء القصر أم لا، لأن القصر كان بعيداً عن عاصمة الملك، فأجاب توما: كل شيء بات جاهزاً إلا السقف، وطلب مزيدا من المال فأعطاه الملك ما أراد. ومن جديد أعطى الرسول كل ما لديه للفقراء وتابع تجواله مبشراً بالإنجيل. وبطريقة ما بلغ الملك خبر أن توما لم يبدأ بعد ببناء القصر فقبض عليه وزجه في السجن. في تلك الليلة بالذات مات أخ الملك فحزن عليه الملك حزناً شديداً. وأن ملاكا حمل روح الميت إلى الفردوس وأراه قصرا عجيبا لا يقدر عقل إنسان أن يتصور مثله. وإذ أراد أخ الملك أن يدخل إلى هذا القصر العجيب، منعه الملاك قائلاً: "هذا القصر يخص أخاك الملك، وهو القصر الذي شيده له الرسول توما بالحسنات التي أعطاه إياها". ثم أن ملاك الرب أعاد روح الرجل إلى بدنه. فعندما عاد أخو الملك إلى نفسه، أسرع إلى أخيه وقال له: "أقسم لي بأنك ستعطيني كل ما أطلبه منك، فأقسم له"، فقال: "أعطني القصر الذي لك في السماء، الذي بناه لك توما". فلم يصدق الملك إلى أن شرح له أخوه كل ما جرى له. إذ ذاك أرسل الملك فأطلق توما من السجن واستقدمه إليه وسمع منه كلام الخلاص والحياة الأبدية ثم اعتمد وأعطاه مزيداً من المال لتوسيع القصر الذي بناه له في السماء. وهكذا ازدادت أعمال الرحمة وزاد الشكر لله واتسع نطاق البشارة بكلمة الحياة.
تذكار القديس المجيد توما الرسول (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
كان توما من الجليل نظير سائر الرسل، وكان يتعاطى صيد الأسماك. فدعاه الرب يسوع إلى شرف الرسالة وأتعابها، فلبّى الدعوة وتبع يسوع بلا تردّد ولا إبطاء.
ورافق توما معلّمه الإلهي في غداوته وروحاته، وسمع كلامه، ورأى عجائبه، فتعلّق به وأحبّه. ولمّا عزم يسوع على الصعود إلي بيت عنيا بقرب أورشليم ليقيم صديقه لعازر من بين الأموات، إعترضه الرسل بقولهم: "يا معلّم، الآن كان اليهود يطلبون رجمك، وأنت َ تمضي ايضاً إلى هناك؟" فالتفت توما وقال بلهجة المحب المستميت: "لنذهب نحن أيضاً لنموت معه".
ولمّا كان الفادي الإلهي يلقي على مسامع تلاميذه في ليلة العشاء السرّي تلك الآيات الخالدات، قال لهم أيضاً: "لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله، فآمنوا بي أيضاً... إنّي منطلق لأعدَّ لكم مكاناً... أنتم عارفون إلى أين أذهب وتعرفون الطريق". حينئذٍ إبتدره توما بالسؤال وقال: "يا رب لسنا نعرف إلى أين تذهب، وكيف نعرف الطريق؟" فأجابه يسوع بكلام لا يزال يشعّ نوراً على توالي الدهور والعصور، قال: "أنا الطريق والحق والحياة. لا يأتي إلى الآب إلاّ بي".
واشتهر توما بما حدث له مساء أحد القيامة وفي الأحد الذي بعده. وملخّص ذلك عن إنجيل يوحنّا أن السيّد المسيح، في عشيّة أحد القيامة، ظهر لتلاميذه، والأبواب مغلقة حيث كانوا مجتمعين خوفاً من اليهود، وأراهم يديه وجنبه، ونفخ فيهم وأعطاهم سلطان الحل والربط، راسماً هكذا سرّ التوبة المقدّس. "وأن توما، أحد الإثني عشر الذي يقال له التوأم لم يكن معهم حين جاء يسوع. فقال له التلاميذ الآخرون: أننا قد رأينا الرب. فقال لهم: إن لم أعاين أثر المسامير في يديه، وأضع أصبعي في موضع المسامير، وأضع يدي في جنبه لا أومن".
أي أن توما جسر في عناده على الرسل والتلاميذ أصحابه، وعدَّ قولهم وشهادتهم والفرح المتجلّي على وجوههم لغطاً وهذَياناً. لكن يسوع الذي مات لأجل توما ولأجل البشريّة كلها جمعاء، قبِل أن يحتمل أيضاً عناد توما، ولم يشأ أن يتركه متصلّباً في عناده، مستسلماً لقلّة إيمانه.
"وبعد ثمانية أيام كان التلاميذ أيضاً داخلاً وتوما معهم. فأتى يسوع والأبواب مغلقة ووقف في الوسط وقال: السلام عليكم. ثم قال لتوما هاتِ أصبعك إلى ههنا وعاين يديَّ. وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً". فاضطرب توما وذاب حياءً وخجلاً وندامةً، وانطرح على الأرض عند قدمي يسوع وقال له: "ربّي وإلهي". فقال يسوع: "لأنّك رأيتني يا توما آمنت. طوبى للذين لم يروا فآمنوا". أن الله، جلّت قدرته وتسامت حكمته، سمح بعدم تصديق توما لكلام الرسل، ليثبتنا نحن في الإيمان به وبكلامه.
وظهرالرب يسوع لتوما أيضاً لمّا كان يوماً على ضفاف بحيرة طبريّا، يصطاد السمك مع بطرس ونثنائيل ويعقوب ويوحنّا وإثنين آخرين من التلاميذ. وبعد أن جعلهم يصطادون بأعجوبة سمكاً كثيراً وأعدّ لهم الطعام بإلفة تأخذ بمجامع القلوب، أقام رسوله بطرس رأساً للكنيسة كلّها جمعاء، وراعياً أكبر للرعاة والأغنام. وكان توما حاضراً يسمع ويفهم ويخضع لأوامر الرب وتدبيره.
وبدأ توما بشارته بالإنجيل في أورشليم نظير سائر الرسل، واحتمل مثلهم أنواع الإهانات والضرب والسجن. ثم وضع معهم قانون الإيمان، وحمل عصاه وسار يريد الأقطار التي تعود إلى رسالته وبشارته.
ويروى أن عبدة الأوثان من الهنود أراد أن يهيج الشعب على الرسول توما، فذبح ولده واتّهم الرسول توما بقتله. لكن الرسول جاء ووقف أمام الجثّة وعمل عليها إشارة الصليب، فقام الولد حيّاً معافى. فآمن كثيرون بالرب لرؤيتهم تلك الأعجوبة الباهرة.
وأنهى الرسول توما حياته بسفك دمه لأجل الرب يسوع الذي دعاه إلى شرف الرسالة والتبشير بإنجيله. فإنه كان يوماً يصلّي، ففاجأه أحد البراهمة بسهم قتله. وقيل أيضاً أن جنود الملك سميدايوس طعنوه بحرابهم لأنّه قد هدى إلى الإيمان إمرأة الملك وإبنه وبنتيه وعمّدهم.
وبقيت الديانة المسيحيّة زاهرة منتشرة في بلاد الهند سنين طويلة. ثم بدأت تتلاشى لبعدها عن المملكة الرومانية وعن المراكز المسيحيّة الرئيسية في بلاد الشرق. ثم دخلت البدعة النسطورية بلاد الهند فأفسدت على المسيحيين إيمانهم. وجعلت تلك الكنيسة تتخبّط في دياجير ظلمات الجهل وأصناف المعتقدات السخيفة، إلى أن أتاها المرسلون الأوربيّون مع الفتح البرتغالي في القرن الخامس عشر، وأخذوا ينشرون فيها تعاليم الكاثوليكية الصحيحة.
ولنا في قرية صيدنايا، على سفح جبلها الشمالي، كنيسة صغيرة على إسم القديس توما الرسول. وهي من الأبنية والآثار القديمة. وكان بالقرب منها دير أضحى اليوم أطلالاً وحجارة مبعثرة.
بشارة زكريا الكاهن بميلاد يوحنا المعمدان بواسطة غبريال المبشر (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم بُشر زكريا الكاهن بميلاد يوحنا المعمدان. لأن زكريا هذا كان قد كبر وشاخ، وزوجته أليصابات كانت عاقرًا ومضى زمان حملها. وكان زكريا مداوما على الصلاة والطلبة إلى الله أن يرزقه ولدا، لأن بني إسرائيل كانوا يعيرون من لم يرزق ولدا، ويستنقصون قدره. ويقولون عنه انه عديم البركة التي أعطالها الله تعالى لأدم، ولهذا كان الصديق مداوما الطلب أن يرزقه الله ولدا. فتحنن الله عليه وسمع طلبته. وأرسل له جبرائيل الملاك ليبشره بيوحنا. فاتاه وهو في الهيكل كما يقول الإنجيل المقدس وبشره بالنبي العظيم يوحنا، وأعلمه أنه يتقدم مجيء المسيح كما قيل بالأنبياء ليكون مناديا أمامه، فقال للملاك سائلا "كيف يكون لي هذا وأنا رجل شيخ، وامرأتي متقدمة في أيامها". فاعلمه الملاك أنه من قبل الله أتاه ليعرفه بهذا الخبر. فلا ينبغي أن يشك فيه. ثم أعلمه أنه سيبقى صامتا إلى أن يولد يوحنا، وفي يوم ختانه سئل عن اسمه. فطلب لوحا وكتب فيه يوحنا. وللحال انطلق لسانه وتكلم وسبح الله، وتنبأ عن ابنه يوحنا وعن السيد المسيح. وان ابنه سيكون نبيا، وينطلق أمام وجه الرب. صلاة هذا الكاهن تكون معنا. ولربنا المجد دائما أبديًا. آمين.