دينيّة
31 كانون الأول 2015, 08:20

قديسو اليوم : 31 كانون الأول 2015

تذكار القديس زوتيكس الشهيد (بحسب الكنيسة المارونية) ولد زوتيكس في روما من اسرة غنية فتثقف ونبغ بالعلوم حتى نال شهرة بعيدة. ترقَّى الى الدرجة الكهنوتية واخذ يتفانى غيرة في خلاص النفوس وبذل الاحسان الى الفقراء والبؤساء. ولما جاء الملك قسطنطين الكبير الى بيزنطية وأسماها باسمه قسطنطينية، جاء زوتيكس الكاهن واخذ يواصل جهاده في عمل الخير فأقام الملاجيء والمياتم. لذلك "لُقِّب بعائل اليتامى". وقد وقف حياته على خدمتهم روحياً وجسدياً.

ويروى انه طلب من الملك قسطنطين مالاً يقدِّم له عوضاً عنه درَّة لا تثمَّن بمال، فأجاب الملك طلبه، فأقام بذلك المال الملاجئ والمياتم للمرضى والايتام كما ذكرنا. وبعد وفاة قسطنطين الكبير، قام ابنه قسطنس يطالب زوتيكس بالمال الذي اخذه من ابيه فاراه الملاجئ والمياتم التي اقامها والمرضى والايتام الذين اعتنى بهم واعالهم. وهذه هي الدرَّة الثمينة التي كان وعد بها اباه. فلم يقدِّر الملك عمله، بل ظنَّه يسخر به، ولذلك امر بقتله، فذهب شهيد الرحمة والاحسان، سنة 340. صلاته معنا. آمين.

 

القدّيس الشهيد الحارث ورفقته (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

كبير المسيحيين في مدينة نجران في اليمن، عربي صميم، مع رفقته رجالاً ونساءً. لم يرضخوا للأمير اليهودي الذي حاول إرغامهم على إعتناق دينه اليهودي، فقبضوا على حارث وخيّروه بين الكفر بالمسيح أو الموت مهاناً، فأجاب: "الموت ولا الكفر بمن مات لأجلي". عندئذٍ أمر الملك بضرب عنق حارث ورفاقه فنالوا جميعاً إكليل الشهادة سنة 523 وكان عددهم 340 شهيداً.

 

القديسة البارة ميلاني الكبرى (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

هي من إحدى أشرف العائلات الأسبانية رغم كونها متحدّرة من أصل رومي. تربطها بالقديس بولينوس النولي (+431‏م) صلة قرابة وكانت، في زمانها، أغنى أغنياء أسبانيا. تزوّجت صغيرة السن ثم ترمّلت وهي في الثالثة والعشرين. إثر وفاة زوجها قالت لربّها: "الآن، سيّدي، بتّ حرَّة في ‏نذر نفسي إليك ولا ما يلهيني عنك". كان لها ولد اسمه بوبليكولا استودعته مربّين صالحين ورحلت إلى مصر برفقة روفينوس الأكويلي (+410‏م)، سنة 371‏م. وبعدما أمضت هناك ستة أشهر زارت خلالها الرهبان، هنا وثمة، انتقلت إلى فلسطين متخفية. قبض عليها حاكم أورشليم لأنه ارتاب في أمرها بعدما أخذت تتردّد على بعض المساجين، تعودهم وتفتقدهم وترى لحاجاتهم. ولكن لما كشفت عن نفسها أطلق سراحها للحال وعاملها بإكرام جزيل.

‏بعد حين، بنت ميلاني الكبرى لها ديراً في أورشليم ولبست الخشونة وأخذت تنام على الأرض وتتغطى بالمسوح. سلكت على هذا النحو، في فلسطين، سبعة وعشرين عاماً كانت الصلاة والتأمل في الكتاب المقدّس خلالها شغلها الشاغل.

 ‏في تلك الأثناء، نما بوبليكولا في النفس والجسد. فلما بلغ سن الزواج اقترن بألبينا التي أنجبت له صبياً وبنتاً. أما البنت فكانت القديسة ميلاني الصغرى.

عادت ميلاني الكبرى إلى رومية بعد غياب دام سبعة وثلاثين عاماً. وقد أسهمت في هداية بعض أقربائها ومعارفها نظير أفيتا، ابنة أخيها (أو أختها) ‏التي نجحت، بمشورة القديسة وعونها، في انتشال زوجها من ضلالات الوثنية وحمله على اقتبال العفّة نذراً. كذلك فعل ولدا هذين الآخرين، أستاريوس وأفنوميا. لم تبق ميلاني، بعد ذلك، في رومية، طويلاً لأن المدينة كانت، لها، أدنى إلى المنفى، سجناً بكل معنى الكلمة، ولا قدرت أن تحتمل ضجيج العالم ولهو الزيارات. وقد رافقها روفينوس إلى صقلية حيث رقد، فيما أكملت هي سيرها إلى أورشليم حيث وزّعت ما بقي لها من مال على الفقراء ولازمت ديرها أربعين يوماً رقدت بعدها بسلام في الرب، سنة 410م، عن عمر ناهز الثامنة والستّين.

‏لم يرد اسم القدّيسة ميلاني الكبرى في أي من السنكسارات رغم سيرتها العطرة ربما بسبب الخلاف بينها وبين القدّيس إيرونيموس. غير أن القدّيس بولينوس وكذلك أوغسطينوس المغبوط أجلاها، وكذلك فعل بالاديوس. لكن ورد عيدها في بعض التقويمات في 8 ‏حزيران.

 

تذكار البارة ميلاني التي من رومة (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

وُلدت القديسة ميلاني الكبرى في مدينة رومى العظمى سنة 343، من أسرة عريقة في الشرف وكرم المحتد. فإنّ جدّها مرجلينس كان قنصلاً وزعيماً لمجلس الشيوخ الروماني. وكان أبواها من أصحاب الثروات الضخمة التي لا تحصى أموالها، ولا يُعرف عدد عبيدها. فنشأت ميلاني في تلك النعمة الفخمة والعظمة المجيدة. لكنّها تربّت تربية مسيحيّة صحيصة، فلم تعلّق قلبها بتلك المفاخر الزائلة، بل كانت تستعملها بحكمة ورويّة وتقوى ورحمة، ولا تنسى الفقراء والبائسين من حنانها وشفقتها.

واقترنت بسرّ الزواج برجل شريف من طبقتها، ورزقت منه ثلاثة أولاد. فاجتمعت لديها السعادة الأرضيّة بكل أنواعها، من عظمة وغنى وزوج كريم وبنين صالحين. إلاّ أن العناية الإلهيّة كانت قد أعدت قلبها الكبير لغير عظمة الأرض. كان الله قد دعا تلك السيّدة السامية المقام إلى التشبّه بإبنه الحبيب، فألقى الصليب على منكبيها، وهي لا تزال في ريعان شبابها، وأرسلها في الدنيا لتوزّع بأيدٍ سخيّة النعم الروحيّة والكنوز الأرضيّة من حولها. فما كادت تبلغ الثالثة والعشرين من عمرها، حتى فوجئت في سنة واحدة بوفاة زوجها وإثنين من أولادها. لكنّها لم تجزع، ولم تستسلم لليأس والقنوط، ولا للحزن العالمي الذي بلا رجاء، الذي يقتل النفس والجسم معاً، بل تجلّدت وسلّمت أمرها لله.

وتقدّم الكثيرون يخطبون ودّها ويرغبون في الإقتران بها. لكنّها أعرضت عنهم، لأنّها كانت قد عزمت على خدمة الرب، ووطنت النفس على جعل حياتها وأموالها وقفاً على الكنائس والأديار والمساكين والبؤساء. فتركت ولدها الثالث بين أيدي الوكلاء والأوصياء، وسافرت تريد زيارة الأماكن المقدّسة.

فعرّجت في طريقها على الإسكندريّة، ومن هناك رحلت إلى وادي النطرون، لتزور المناسك والأديار التي كانت في أوجّ نضارتها وازدهارها. فملأت قلبها ممّا رأت وسمعت من فضائل أولئك الأبرار، وأخبار حياتهم وعباداتهم وفضائلهم. فعادت، ونفسها مشبعة بروح التقوى والعبادة والميل إلى النسك والحياة المنفردة.

وكانت، أينما حلّت، توزّع الحسنات بلا حساب، بنفسٍ كريمة ويدٍ سخيّة. ولمّا كانت في الديار المصرية، كانت حكومة الملك الأريوسي تضطهد المؤمنين الكاثوليك، وتملأ السجون من الكهنة والرهبان والرجال والنساء. فقامت ميلاني تشجّع أولئك المسيحيين المعتقلين، وتمدّهم بالمال وأنواع الإسعاف في سجونهم وضيقهم. وقُبض عليها مرةً بين المؤمنين العمترفين. ولمّا مثلت أمام الوالي، جعلت توبّخه على فظائعه وعلى ضلال ملكه وحكومته. فلمّا عرف الوالي من هي تلك السيّدة الجريئة، قام فأكرمها واعتذر إليها وأطلقها.

ثم ذهبت إلى فلسطين، حيث كان الإضطهاد على أشدّه. فعلمت بوجود مئة وخمسين من الأساقفة والكهنة والرهبان مسجونين في مدينة قيصرية من أجل الإيمان المستقيم. فذهبت إليهم وأخذت تسعفهم. ولمّا كان محظوراً على الناس أن يزورهم، كانت تلك المرأة تتنكّر بزي إمراة فقيرة، وتدخل السجون تحت جنح الظلام بحجّة الأستعطاء، وتوصل حسناتها ومبراتها إلى المسجونين المعترفين.

فوصل إلى مسامع الوالي فقبض عليها وطرحها في السجن. وكان يأمل أن ينال منها مالاً جزيلاً. لكنّها، لمّا مثلت بين يديه وأعلمته من هي، ارتاع كيف أقدم على إهانتها، واستغفرها، وأمر الجند بأن لا يعارضوها في دخولها وخروجها.

ولم يهدأ لها بال حتى هدأت الزوبعة. فسارت إلى أورشاليم، وزارت الأماكن المقدّسة، وسكبت أمام الصليب وعند صخرة القبر المقدّس دموعها وعواطفها. ثم شيّدت هناك ديراً للراهبات، وانفردت فيه مع خمسين من العذارى البتولات، متعبّدة لله بالأصوام والصلوات. وبنت أيضاً ديراً للرهبان، وخصّته بأوقات كبيرة ليعيش أهله من ريعها.

وكانت، بسبب بعادها عن ولدها بوليكولا، لا تفتأ ترسل إليه الرسالة تلو الرسالة، وتهذّب قلبه بنصائحها وإرشاداتها. وكبر الولد ونبغ في العلوم، ثم تقدّم في وظائف الدولة، نظراً إلى شرف أسرته ومقامها الرفيع بين الأسر.

وتزوّج بوبليكولا بإحدى بنات الأشراف التي تدعى ألبينا، ورزق منها إبناً دعاه بإسمه بوبليكولا وإبنة سمّاها بإسم والدته ميلاني، وهي التي أضحت القديسة ميلاني الصغرى.

وكبرت ميلاني الصغرى هذه وتربّت تربية عالية، ونشأت خصوصاً على أخلاق جدّتها، من التقوى ومحبّة الله وممارسة أسمى الفضائل المسيحيّة. فكانت زينة بنات رومة، وكانت جدّتها تربّيها بالرسائل. فكانت ميلاني الصغري تقدّس تلك الكتابات، وتعيد مراراً قراءتها. فمالت منذ حداثتها إلى البتوليّة، وإلى حبّ كل ما هو سماوي وروحي ورصين.

إلاّ أنّها ما كادت تبلغ الرابعة عشرة من عمرها حتى زوّجها أهلها بشاب من الأشراف نظيرها، يدعى بنيانس، ورُزقت منه ولدان.  إلاّ أن الله أراد أن يهذّب بالصليب قلب تلك الفتاة، منذ عهدها الأول بالحياة، ليكوّن منها تلك القديسة العظيمة التي سوف تتبع آثار جدّتها، بل تفوقها فضلاً وفضيلةً وإحساناً وشفقة. فافتقدها بموت ولديها الإثنين، فصغرت الدنيا في عينيها وماتت كل بهجتها في قلبها. وكان رجلها مسيحيّاً صادقاً، فجاراها على أميالها وزهد في الدنيا مثلها. فاتّفقا معاً على هجر الحياة الزوجيّة وعلى العيشة في البتوليّة.

فلمّا علمت ميلاني الكبرى بما كان، عوّلت على الرحيل إلى رومة لتوطّد حفيدتها في عزمها، وتنظر في أحوال إبنها. وكانت قد تقدّمت في العمر وأضحت إبنة ستين سنة. وحملت معها من أورشليم قطعة من عود الصليب الكريم، هديّة لنسيبها القديس بولينس. فلمّا أتت رومة تعزّت كثيراً برؤية إينها وحفيدتها وسائر أعضاء أسرتها.

وبعد أن رتّبت أمور عيلتها وزرعت بذور الكمالات الًإنجيليّة  في قلوب الجميع، ودّعتهم وأقلعت تريد من جديد خلوتها في بلاد فلسطين، سنة 407. فمرّت في طريقها على القديس أوغسطينس في أفريقيا، لتزور ذلك الأسقف العظيم، وتتزوّد من تعاليمه وإرشاداته. وهناك أتاها خبر وفاة ولدها الوحيد بوبليكولا، فتمزّقت على فقده أحشاؤها. لكنّها صبرت على مصيبتها، وسلّمت إلى الله أمرها، وتفرّغت أكثر فأكثر للإتّحاد به.

وما كادت تصل إلى أورشليم، وتعود إلى ديرها وبناتها، حتى فاجأتها المنيّة، بعد أربعين يوماً من وصولها، فرقدت بالرب رقود القديسين، سنة 411.

وما كادت القديسة ميلاني الجدّة تترك أسرتها في رومة، حتى قامت حفيدتها تقتتفي أثرها. فطرحت عنها زينتها وجواهرها، ولبست ثياباً عادية بسيطة، وقامت تبيع أملاكها وكنوزها، وتوزّع أثمانها على الكنائس والفقراء. واقتدى زوجها بها، فسار على مثالها.

وعمّت مبرّات ميلاني وزوجها جميع أقطار، فلم تبقَ كنيسة ولا مأوى ولا مستشفى ولا أسرة مسكينة، إلاّ غمرتها ميلاني بحسناتها.

وتركت ميلاني مدينة رومة مع زوجها ووالدتها، تريد اللحاق بجدّتها في بلاد فلسطين. فمرّت في طريقها على صقليّة، وهناك علمت بوفاة جدّتها. فحزنت على فقدها وخسارة ذلك الكنز الثمين. وحملها هذا الخبر الأليم على أن لا تسرع إلى فلسطين، بل عرّجت على إفريقيا لتزور القديس أوغسطينس، كما فعلت ميلاني جدّتها من قبلها.

 ولبثت ميلاني في إفريقية زماناً ليس باليسير، وشيّدت في مدينة طاغستة ديراً للرجال، وآخر للنساء. فبقي زوجها بنيانس مع الرجال، وسجنت هي نفسها مع النساء، وأخذت تمارس أسمى الفضائل والكمالات النسكيّة.

ثم تركت ميلاني إفريقيا، وذهبت مع زوجها ووالدتها لتزور الأماكن المقدّسة، وعزمت، نظير جدّتها ميلاني والقديسة باولا الشهيرة، على أن تقضي بالقرب من مدينة المخلّص بقية أيام حياتها، بالصوم والصلاة والإماتات وصنع المبرّات. لكنّها تركت والدتها في أورشليم، وذهبت مع زوجها فزارت الأديار والنسّاك في مصر والصعيد.

ثم عادت إلى أورشليم، واتّخذت لها منسكاً على سفح جبل الزيتون مقابل مدينة المقدّسة، , وقامت هناك تمارس أعمال النسك الشديد. ولمّا مرضت والدتها، تركت عزلتها وقامت إلى جانب تلك الأم البارّة التقيّة الفاضلة، لتكون ملاكها في أيامها الأخيرة. وماتت تلك الوالدة موت الأبرار، بين يدي ذلك الملاك الأرضي، سنة 433.

وحمل مثلها الصالح كثيرين من الوثنيين على الإيمان بالإنجيل في مدينة القسطنطينية. وأن الكثيرات من النساء والبنات المسيحيّات زهدن في الدنيا على مثالها.

وعاشت بعد ذلك في أورشليم ، وشيّدت ديراً للرهبان بالقرب من جبل الجلجلة، وتزوّدت بزيارة بيت لحم والناصرة وسائر الأماكن المقدّسة في اليهوديّة والجليل. وفي 27 كانون الأول خرجت من كنيسة القديس إستفانس أول الشهداء بحمّى شديدة. وكان جسمها النحيل قد أضنته الأصوام والأسهار والأتعاب، فلم يقوَ على المرض. فقبلت الأسرار الإلهيّة بخشوع ملائكي. وفي الحادي والثلاثين من هذا الشهر عينه، فارقت نفسها الزكيّة جسدها الفاني، وطارت إلى المملكة الأبديّة، حيث العظمة الحقيقيّة.

وسوف تبقى ميلاني الصغرى وجدّتها ميلاني الكبرى مثلاً حقيقيّاً أعلى للأسر الشريفة الغنيّة.

 

تذكار الملاك الجليل غبريال المبشر (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في هذا اليوم تذكار رئيس الملائكة غبريال المبشر، وتكريس كنيسته في مدينة قيسارية وظهور العجائب بها. هذا الملاك هو الذي أرسل إلى العذراء بالبشارة الكريمة، ولما آتي إليها قال لها " السلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك" وهو الذي بشر زكريا بولادة يوحنا المعمدان. فبمقدار ما لهذه البشري من فرح وسرور كذلك يجب علينا إن نجتمع في عيده بنية صالحة، متوسلين إليه إن يشفع فينا أمام الله ليحفظنا من فخاخ الشيطان. وينعم علينا بالخلاص من خطايانا. شفاعة هذا الملاك الجليل تكون معنا. امين.

وفي هذا اليوم أيضاً: استشهاد القديس باخوم وضالوشام اخته

في مثل هذا اليوم تذكار استشهاد القديس باخوم وضالوشام اخته. صلاتهما تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.

وفي هذا اليوم أيضاً: نياحة البابا انسطاسيوس "الـ 36" 

في مثل هذا اليوم من سنة 611 م. تنيح الأب القديس أنسطاسيوس السادس والثلاثون من باباوات الإسكندرية. كان هذا الآب من أكابر الإسكندرية، وكان في أول أمره رئيسا علي الديوان، ثم صار فيما بعد قسا علي كنيسة الثغر الإسكندري، وبعد قليل اختبر للبطريركية، فاهتم بالكنائس اهتماما زائدا، ورسم أساقفة وكهنة علي الجهات الخالية، وشيد عدة كنائس، واستعاد من الملكيين ما كانوا قد اغتصبوه، لأنه كان محبوبا منهم لعلمه وفضله وتقواه، وارجع كثيرين منهم إلى الإيمان الأرثوذكسي، ولما مات ملك القسطنطينية، وشي بعض الأشرار إلى خليفته إن البطريرك لما رسم حرم الملك وأمانته، فغضب الملك وأرسل إلى والي الإسكندرية إن يسلم إلى أولوجيوس بطريرك الروم كنيسة قزمان ودميان وأوقافها، فخزن الآب من ذلك كثيرا، غير إن الرب عزاه من ناحية أخرى، وذلك إن بطرس المخالف بطريرك إنطاكية كان قد مات، وأقيم عوضا عنه راهب قديس عالم يسمي أثناسيوس قويم المعتقد، الذي بمجرد أن صار بطريركا عمل علي تجديد الاتحاد بين كنيستي الإسكندرية وإنطاكية، فكتب رسالة بالإيمان المستقيم، وأرسلها إلى الآب أنسطاسيوس ففرح بها جدًا وجمع بعضًا من الأساقفة والكهنة وقراها عليهم، ثم رد علي الأب أثناسيوس بأنه يتمني من صميم قلبه إن يراه، فحضر الأب أثناسيوس إلى الإسكندرية ومعه الأساقفة والكهنة، فلما علم بقدومه الآب أنسطاسيوس، وكان بالأسقيط حضر إلى الإسكندرية وذهب إلى البحر مع الأساقفة والكهنة واستقبله بالتحية والإكرام، ثم عقدوا مجمعا بأحد الأديرة التي علي ساحل البحر استمر شهرا وهم يتباحثون في أصول الدين، ثم عاد البطريرك الأنطاكي إلى كرسيه بسلام، وكان الآب أنسطاسيوس مداوما علي تعليم رعيته بنفسه وبكتبه، وكان من كثرة علمه وفصاحته يكتب كل سنة كتابا، وقد ظل علي الكرسي البطريركي اثنتي عشرة سنة وستة اشهر وعشرة ايام، كتب أثناءها اثني عشر كتابا رتبها علي حروف الهجاء القبطية أي انه ابتداء في أول سنة بحرف A وفي الثانية بحرف B وهكذا إلى إن كتب الكتاب الثاني عشر ورسمه بحرف L، ثم تنيح بسلام. صلاته تكون معنا، ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.