دينيّة
22 نيسان 2015, 21:00

قديسو اليوم : 23 نيسان 2015

تذكار القديس جرجس الشهيد (بحسب الكنيسة المارونية) ولد هذا القديس في مدينة اللد بفلسطين سنة 280 من اسرة مسيحية شريفة. توفي والده فربته أمه التقية تربية مسيحية صحيحة. ولما بلغ السابعة عشرة دخل في سلك الجندية وترقي الى رتبة قائد الف.قال المؤرخ اوسابيوس في استشهاده: لما شدد ديوكلتيانس قيصر في اضطهاد المسيحيّين وأصدر بذلم أمراً علقه على جدار البلاط الملكي في نيكوميدية، تقدم جورجيوس ومزق ذلك الامر. فقبض عليه الوثنيون فشووه اولاً، ثم البسوه خفاً من حديد مسمراً بقدميه وسحبوه وراء خيل غير مروضة، فخلصه الله من ذلك كله، ثم طرحوه في أتون مضطرم فلم يؤذه، ولما رأى الملك ديوكلتيانوس هذا المشهد غائصاً في بحر من الدماء لا يئن ولا يتأوه أكبر شجاعته. وعز عليه ان يخسر قائد حرسه وابن صديقه القديم. فأخذ يلاطفه ويتملقه لكي يثنيه عن عزمه، فأحب جورجيوس أن يبدي عن شعوره بعطف الملك. فتظاهر بالاقتناع وطلب ان يسمح له بالذهاب الى معبد الاوثان. فادخلوه معبد الاله "ابلّون" باحتفال مهيب حضره الملك ومجلس الاعيان والكهنة بحللهم الذهبية وجمع غفير من الشعب. فتقدم جورجيوس الى تمثال ابلّون ورسم اشارة الصليب. وقال للصنم: أتريد أن أقدم لك الذبائح كأنك اله السماء والارض؟ " فأجابه الصنم بصوت جهير، كلا انا لست الهاً بل الاله هو الذي انت تعبده".

وفي الحال سقط ذلك الصنم على الارض وسقطت معه سائر الاصنام. وعندها صرخ الكهنة والشعب: ان جورجيوس بفعل السحر حطم آلهتنا. فالموت لهذا الساحر. فصلبوه. ورموه بالنشاب حتى اسلم الروح. فطارت شهرة استشهاده في الآفاق شرقاً وغرباً. وأجرى الله على يده عجائب كثيرة باهرة وأخذ المسيحيّون منذ القرن الرابع يحجون الى ضريح الشهيد " اللابس الظفر"، فينالون بشفاعته غزير البركات والنعم.وقد رسم له المصورون صورة رمزية جميلة تمثله طاعناً برمحه شيطان الوثنية الممثل بالتنين، ومدافعاً عن معتقد الكنيسة الممثلة بابنة الملك السماوي. وقد شيدت على اسمه كنائس ومذابح في جميع الاقطار. واتخذته بريطانيا شفيعاً لها. ودعي كثير من ملوكها باسمه. ويكرمه الانكليز اكراماً عظيماً. وامتازت فرنسا أيضاً بتكريمه. واتخذته جمهورية جنوا في ايطاليا شفيعها الاول الاكبر. وجمهورية البندقية أنشأت فرقة رهبانية عسكرية على اسمه. صلاته معنا. آمين.

تذكار القدّيس جرجس الشهيد (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)
ولد هذا القدّيس في مدينة اللد بفلسطين سنة 280، من أسرة مسيحية شريفة. توفي والده فربّته أمّه التقيّة تربية مسيحية صحيحة. ولمّا بلغ السابعة عشرة دخل في سلك الجندية وترقّى الى رتبة قائد ألف.
قال المؤرّخ اوسابيوس في إستشهاده: "لمّا شدّد ديو كلتيانس قيصر في إضطهاد المسيحيين، وأصدر بذلك أمراً علّقه على جدار البلاط الملكي في نيكوميدية، تقدّم جورجيوس (جرجس) ومزّق ذلك الأمر. فقبض عليه الوثنيون، فشوّوه أولاً، ثم ألبسوه خفّاً من حديد مسمّراً بقدميه وسحبوه وراء خيل غير مروّضة. لكن الله خلّصه من ذلك كلّه. ثم طرحوه في أتون مضطرم فلم يؤذه. ولمّا رأى الملك ديو كلتيانوس هذا الشهيد غائصاً في بحر من الدماء لا يئن ولا يتأوّه، أكبر شجاعته، وعزّ عليه أن يخسر قائد حرسه وإبن صديقه القديم.
فأخذ يلاطفه ويتملّقه لكي يثنيه عن عزمه، فأحبّ جورجيوس أن يبدي عن شعوره بعطف الملك. فتظاهر بالإقتناع، وطلب لأن يسمح له بالذهاب الى معبد الأوثان، فأدخلوه معبد الإله "ابلّوا" باحتفال مهيب حضره الملك ومجلس الأعيان والكهنة بحللهم الذهبية وجمع غفير من الشعب. فتقدّم جورجيوس الى تمثال "ابلّوا" ورسم إشارة الصليب، وقال للصنم: "أتريد أن أقدّم لك الذبائح كأنّك إله السماء والأرض؟" فأجابه الصنم بصوت جهير: "كلاّ، أنا لست إلهاً، بل الإله هو الذي أنت تعبده". وفي الحال سقط ذلك الصنم على الأرض وسقطت معه سائر الأصنام. وعندها صرخ الكهنة والشعب: "إنّ جورجيوس بفعل السحر حطّم آلهتنا. فالموت لهذا الساحر". فصلبوه، ورموه بالنشّاب حتى أسلم الروح نحو سنة 311. فطارت شهرة إستشهاده في الآفاق شرقاً وغرباً. وأجرى الله على يده أعاجيب كثيرة باهرة. وأخذ المسيحيون منذ القرن الرابع يحجون الى ضريح الشهيد "اللابس الظفر"، فينالون بشفاعته غزير البركات والنعم.
وقد رسم له المصوّرون صورة رمزية جميلة تمثّله طاعناً برمحه شيطان الوثنية الممثّل بالتنّين، ومدافعاً عن معتقد الكنيسة الممثّلة بإبنة الملك السماوي. وقد شيّدت على إسمه كنائس ومذابح في جميع الأقطار، واتّخذته بريطانيا شفيعاً لها، ودعي كثير من ملوكها بإسمه، ويكرّمه الإنكليز إكراماً عظيماً، وامتازت فرنسا أيضاً بتكريمه، واتّخذته جمهورية جنوا في إيطاليا شفيعها الأول الأكبر، وجمهورية البندقية أنشأت فرقة رهبانية عسكرية على إسمه.

القديس جاورجيوس اللابس الظفر (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
وُلِد القديس جاورجيوس (ومعنى اسمه الحارث) في كبادوكيا في تركيا في أواسط النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي (بعض المصادر حدّدت إنه وُلِدَ سنة 280 م) من أبوين مسيحيين شريفين كانا من أصحاب الغِنى والشهرة الاجتماعية. فوالده الأمير أنسطاسيوس حاكم ملاطية ووالدته ثيوبستي من اللد في فلسطين ابنة ديونيسيوس حاكم اللد فلما رُزقا بجاورجيوس اهتمّ والده بتربيته والتزامه بالآداب والأخلاق المسيحية المستقيمة ولقّنه العلوم الكنسية واللاّهوتية والقوانين والآداب وتعلّم اللغة اليونانية التي كانت في ذلك العصر لغة الثقافة كما أجاد الفروسية التي كانت مفخرة ذلك العصر. وكان جاورجيوس وسيم الطلعة. فيّاض الحيوية، عالي القامة. كان والده انسطاسيوس رفيقاً للملك في أسفاره وفيها اطّلع على حقيقة ديانته المسيحية فأمر بقطع رأسه وعيّن مكانه أميراً آخر وكان جاورجيوس عمره لا يتجاوز الرابعة عشر. بعد استشهاد والده أخذت الوالدة ابنها وذهبت إلى مدينة اللد (ديوسبوليس) موطنها الأصلي ولها أملاك وافرة فيها.
عَلِمَ الحاكم الجديد بهذا الشاب بشجاعة جاورجيوس وفروسيته وهو في السابعة عشرة من عمره فأرسل بطلبه وبعث به إلى الإمبراطور الروماني ديوكلتيانس Dioclitien ـ الذي حكَمَ في الفترة ( 284 ـ 305 ) م في فترة اضطهاد المسيحيين ـ وزوّده برسالة يوصي الإمبراطور بترقيته، فأُعْجبَ به الإمبراطور ومنحه لقب أمير وخصّص له راتباً شهرياً ضخماً وأعطاه ألف جندي ليكونوا تحت إمرته فصار بحسب الوظيفة تريبونس أي قائد الألف وعيّنه حاكماً لعدّة بلاد وسجّل اسمه في ديوان الإمبراطورية مع العظماء وأهداه حصاناً ممتازاً. وبعودته إلى فلسطين استقبله حاكمها بالحفاوة والتكريم. ولما بلغ من العمر عشرين عاماً توفّيت والدته وتركت فيه ذكرى طيبة جعلته يُكمل مسيرته مُثابراً على الإيمان المسيحي وبالوقت نفسه اشتهر جاورجيوس بانتصاراته في الحروب حتى لُقِّبَ بـ " اللابس الظفر " أو " الظافر " أو " المُظَفَّرْ " ولما بدأ الإمبراطور ديوكلتيانس يضطهد المسيحيين ويُعذّبهم وأصدر أوامره بإجبارهم على عبادة الأوثان ومن يرفض منهم يُقْتَل على الفور. فدخل جاورجيوس على الإمبراطور غاضباً وجاهر بمسيحيته ودافع بحماسة عنهم وعن معتقداتهم، فحاول الإمبراطور أن يُثنيه عن عقيدته المسيحية بالوعود الخلاّبة والترقية إلى أعلى المراتب وبإغداق الأموال عليه، لكنه رفض كل هذا في إلحاح وحزم. غضب منه الإمبراطور وأمر بتعذيبه فاقتادوه إلى سجن مُظْلِم، فأوثقوا رجليه بالحبال ووضعوا على صدره حجراً ضخماً وضربوه بالسياط والحِراب حتى فقد الوعي وتركوه مطروحاً بالأرض، أما هو فكان يصلي. وفي اليوم التالي أخذوه إلى الإمبراطور آملين أن يكون التعذيب يجعله يغيّر رأيه ،فظهر أمام الإمبراطور أكثر جُرأة وشدة وصلابة، فأمر بإعادة تعذبيه فوُضِعَ على دولاب كله مسامير ثم أُدير الدولاب بعنف فتمزّق جسده وتشوّه وجهه وسالت الدماء من جسمه لكنه احتمل ذلك بصبر عجيب وسمع صوتاً سماوياً يقول : "يا جاورجيوس لا تخف إني معك" فتشدّدت عزيمته وخرج من تلك الآلة وكأن لم يحدُث له شيء وشُفيت جراحه ، فأخذوه إلى الإمبراطور فما أن رآه حتى تولاّه الذهول إذ وجده سليم الجسم كامل القوة وزاد غضبه وأمر جنوده بإعادته إلى السجن وتعذيبه فأعادوه وضربوه بالسياط وصبّوا على جسمه جيراً حيّاً (كلساً حياً ) ومزيجاً من القطران ومحلول الكبريت على جراحه فتحمّل الألم فوق طاقة البشر فظهر له المسيح وشفاه وطمأنه أنه سيكون دوماً معه. وفي صباح اليوم التالي دخل عليه الجنود فرأوه يصلّي ووجهه يُضيء كالشمس دون أي أثر للتعذيب، فأخذوه إلى الإمبراطور فلمّا رآه اتهمه بالسحر وأحضر ساحراً ماهراً اشتهر بقدرته على أعمال السحر، فوضع له في كأس ماء عقاقير تقتُل مَن يشربها على الفور، وقرأ عليها بعض التعاويذ الشيطانية وطلب من القديس أن يشربها، فأخذ منه الكأس ورسم عليه إشارة الصليب وشرب ما فيه، فلم ينله أي مكروه وظلّ منتصباً باسماً، ثم أخذ الساحر كأساً ثانياً وملأها بسموم شديدة المفعول وقرأ عليها التعاويذ وطلب تقييد القديس لكي لا يرسم إشارة الصليب على الكأس كما فعل سابقاً ، لكن القديس بسبب إيمانه بقوة الصليب، راح يُحَرِّك رأسه فوق الكأس ورسم إشارة الصليب بحركة رأسه ثم شرب الكأس فلم ينله أي ضرر على الإطلاق، فصدق قول السيد المسيح له المجد " وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يُخرِجونَ الشياطين باسمي ويتكلّمون بألسنة جديدة يحملون حيات وإن شربوا شيئاً مميتً لا يضرّهم ويضعون أيديـهم على المرضى فيبرأون " ( مرقس 16 : 17 ـ 18 ) .
فطلب الساحر من الإمبراطور بأن يأمر بأخذ القديس إلى القبور ويُجَرِّب إذا كان باستطاعته أن يُقيم الأموات، فإن استطاع ذلك كان إلهه هو الإله الحقيقي. وهذا ما تمّ . فارتدّ الساحر إلى الإيمان واستُشْهِدَ قبل استشهاد القديس. فزاد بعد ذلك الإمبراطور قسوة وهمجية فأمر بصنع عجلة كبيرة فيها منجل وأطواق وسيوف حادّة وأمر جنوده بوضع القديس بداخلها فلما رأى القديس هذه العجلة الرهيبة صلّى إلى الرب أن يُنْقِذه من هذه التجربة القاسية، فوضعوه فيها فانسحقت عظامه وتناثر لحمه وانفصلت أعضاء جسمه عن بعضها، فصاح الإمبراطور مخاطباً رجال مجلسه قائلاً: أين الآن إله جاورجيوس؟ لماذا لم يأتِ ويخلّصه من يدي ؟ ثم أمر جنوده بإلقاء أشلاء القديس في بئر عميق بحيث لا يُمكِن أن يصل إليه أنصاره، ظهر عليه السيد المسيح مع ملائكته وأقام القديس من الموت وأعاده إلى الحياة سليم الجسم . في الصباح أدخل إلى مجلس الإمبراطور فذهلوا جميعاً فقال الإمبراطور : هل هذا هو جاورجيوس أم شخص آخر يُشبهه؟ أخيراً خطر على بال الإمبراطور فكرة إقناع جاورجيوس بتغيير إيمانه فطلب منه أن يحضر أمام الأصنام ويُقَدِّم لها العبادة اللاّئقة، فقَبِلَ جاورجيوس. فجمع الإمبراطور الأقطاب والشعب في الساحة العامة لرؤية جاورجيوس وهو يُقَدِّم للآلهة العبادة الوثنية. فوقف جاورجيوس أمام الصنم الكبير وقال له : " أفصح إن كنت الإله الحقيقي " فأجابه صوتٌ مُزَمْجِر : " الإله الحقيقي هو الذي تعبده أنتَ ونحن سوى ملائكة عُصاة تحوَّلنا إلى شياطين " وفي الحال سقط الصنم الكبير على الأرض وسقطت معه سائر الأصنام وتحطّمت جميعها. فأمر الإمبراطور بقطع رأسه فصار صيت استشهاده وجُرْأته النادرة في كل أرجاء الإمبراطورية ولذلك دُعِيَ : " العظيم في الشهداء". كان ذلك في 23 /نيسان/ 303 م (إن بعض المصادر حدّدت تاريخ استشهاده سنة 296م ). قام خادمه سقراطيس بنقل جثمانه من مكان استشهاده إلى مدينة اللد وعمل خادمه على إخفاه جثمانه إلى حين تمّ نقل جسده الطاهر من مكان استشهاده إلى مدينة اللد في فلسطين سنة 323م، ووضع في الكنيسة التي شيدها على إسمه هناك الإمبراطور قسطنطين الكبير ( 274 ـ 337 ). وقد وصفها القديس يوحنا الكريتي بأنها " عظيمة جداً وأنها مستطيلة الشكل وبإمكان المرء أن يرى فوهة ضريح القديس فيها، تحت المائدة المقدّسة مغطّاة بالمرمر الأبيض " وبيّنت الدراسات أن رُفاته قد توزّعت فيما بعد على أديرة وكنائس في أماكن شتى في الشرق والغرب كاليونان وفلسطين وقبرص ومصر والعراق. يُعتبر القديس جاورجيوس من أبرز قديسي الكنيسة وأقربهم إلى عواطف المؤمنين وأكثرهم شهرة وشيوعاً في الإكرام الذي يُقَدِّمه له عامة الناس. يتسمّى المؤمنون باسمه أكثر من أي اسم لقديس آخر كما أن العديد من الكنائس والأديرة والمدن سُمِّيَت باسمه واتّخذته شفيعاً لها. يُصَوَّر القدّيس جاورجيوس في الأيقونات في وضعيات مختلفة ولكن أشهرها تصوّره في لباسه العسكري على جواد ابيض وهو يقتل التنّين، وقد تُضاف إليه في هذه الوضعية مجموعة من الأيقونات التفصيلية من حول الأيقونة الأساسية تُصوِّر عذاباته. وأحياناً واقفاً يُصلّي بكامل قامته أو مع قدّيسين أو قدّيسات آخرين كالقدّيس ديمتريوس أو مركوريوس أو بروكوبيوس أو براسكيفي وسواهم. وقد يجعلونه واقفاً يدوس التنّين وهو يقتله. وتوجد مصكوكات معدنية وذهبية ومداليات تحمل رسمه كما توجد صلبان برونزية من القرن التاسع الميلادي تجعله في أعلاها وهو رافع يديه يُصلّي.
أما التنّين في أيقوناته فهو رمز لرواية تعود على القرن السادس وردت في صيغ مختلفة وخلاصتها أن إبنة أحد الملوك تَهَدّدها تنّين ، فظهر له القديس جاورجيوس وقتله وخلّصها والأميرة واقفة مرتعدة من التنّين وأبواها يُشْرفان عليها من فوق الأسوار .فهذه الصورة رمزية ، ومعناها أن القدّيس جاورجيوس الفارس البطل والشهيد العظيم قد انتصر على الشيطان الممثّل بالتنين وهدّأ روع الكنيسة الممثّلة بابنة الملك. وتحتفل كنيستنا الأرثوذكسية بعيده في الثالث والعشرين من شهر نيسان من كل عام.

عيد القدّيس المجيد والعظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
ولد جاورجيوس في مدينة "اللد" من اعمال فلسطين، بين يافا والقدس الشريف، سنة 280، وكان ابواه من اصحاب الغنى والشهرة الإجتماعية. إلاّ ان التقوى والأخلاق المسيحيّة السامية كانت الزينة الكبرى التي تتلألأ في بيتهم وفي مجتمعاتهم.
واستقدم الإمبراطور ذيوكلسيانس أبا جاورجيوس ليضمّه الى حاشيته في نيقوميذيا، العاصمة الشرقيّة. فغادر بيته تاركاً تربية إبنه لعناية الوالدة. فقامت هذه خير قيام بذلك الواجب الأكبر، وربّت الطفل على المبادئ المسيحيّة الصحيحة. فشبّ الولد، وكان بهجة والديه بجمال طلعته وكمال نفسه.
وتوفي والده وتركه يتيماً وحيداً، وترك والدته شابة حسناء في مقتبل العمر ووفرة الغنى. لكن تلك المرأة المسيحيّة الفاضلة آلت على نفسها ألاً تعرف شيئاً من نعيم الدنيا بعد زواجها، سوى إكمال تربية ولدها وتعليمه وتهذيب أخلاقه. فكافأها الربّ بأن منحها ولداً اضحى إمام الشهداء ومجد بلاده وشفيع الكنيسة جمعاء.
ولم يبلغ جاورجيوس السابعة عشرة من عمره حتى دخل في سلك الجندية. فشاهده الإمبراطور ذيوكلسيانس يوماً ممتطياً صهوة جواده، عالي القامة، بهيّ الطلعة، حاد النظرات، فاستدعاه وكلّمه، فوجده لطيف الحديث كثير الأدب. فأحبّه وأدخله في فرقة الحرس الملكي.
وسار ذيوكلسيانس على منهاج من تقدّمه من الملوك، فأخذ يضطهد المسيحيين ويذيقهم من صنوف العذابات امرّها.
فغضب جاورجيوس لِما صارت إليه حال المؤمنين وما نزل بهم من الظلم. فبدأ يجاهر بلوم الإمبراطور، فنصحه رفاقه ان يقلع عن ذلك، خوفاً من ان يحلّ به ما حلّ بغيره من سخط ذلك الجبّار المستبد. أمّا جاورجيوس فلم يعبأ بكلامهم، بل إزداد حماسة وانتصاراً لأخوانه في السرّ والعلانيّة.
وعرف جاورجيوس ان لا بدّ له من الوقوع بين يدي ذلك الظالم. لكن عزّة نفسه أبت عليه ألاَّ ان يجاهر بإيمانه وينتصر لأخوانه، ولو ناله العذاب الشديد والموت الرهيب. وأخذت نفسه الشابة الوثابة تتغنّى بعذوبة الإستشهاد وحلاوة الموت حبّاً بالمسيح. وكان إذ ذاك إبن عشرين سنة فقط.
ومن ثم جمع امواله الكثيرة فوزّعها على المساكين، وأخذ يستعدّ بالصلاة للموت القريب.
وبعد ذلك دخل جاورجيوس على الإمبراطور، وأخذ يدافع بحماسة أمامه عن المسيحيين وعن معتقداتهم، وطلب الى الإمبراطور ان يترك لهم الحرّية يتمتّعون بها نظير سائر البشر.
فغضب الإمبراطور من تلك الجرأة. لكنّه كظم غيظه، مأخوذاً بسحر جاورجيوس وفتنة كلامه. فقال له بهدوء. وكبر: "أيّها الشاب، كن حريصاً على مستقبلك".
فأراد جاورجيوس ان يجيب عن ذلك الكلام. فاستشاط ذيوكلسيانس غضباً، وأمر الجند ان يجرّدوه من سلاحه ويقودوه الى السجن ويعذّبوه. فاقتادوه الى سجن مظلم، وهناك اخذوا ينكلون به. فأوثقوا رجليه وشدّوهما بالحبال، وجعلوا على صدره حجراً عظيماً، وتركوه هكذا مطروحاً على الحضيض. لكن الشهيد البطل أخذ يسبّح الله ويعظّم قدرة المسيح الملك. وهكذا قضى الليل يصلّي ويترنّم بأمجاد الربّ يسوع.
فلمّا كان الصباح، إستقدمه ذيوكلسيانس، آملاً أن تكون تلك العذابات والإهانة الفظيعة قد كبحت جماع حماسته وهدأت ثورته وأعادته الى رشده. لكن جاورجيوس مثل أمام الملك وظهر أشد صلابة وأكثر جرأة ً.
فأمر به الملك، فوُضع على دولاب كلّه مسامير ثم أدير ذلك الدولاب بعنف. فتناثرت لحمان جاورجيوس وتمزّق جسده، وتشوّه ذلك الوجه الرائع الجمال وتخضّب بالدم. وفارت الدماء كالينابيع من كل أعضائه. لكنّه احتمل ذلك العذاب بصبر وجلد، ولم يتأوّه ولم يُسمع له أنين. وطرقه أذنيه، وهو غائص في بحر تلك الآلام، صوت سماوي يقول له: يا جاورجيوس، لا تخف لأنّي معك. وظهر له بغتة رجل ينبعث منه نور وضّاء. عليه لباس أبيض، فعانقه وقبّله وشجّعه. فتقوّى الشهيد العظيم وأظهر ثباتاً وبأساً. فشدّد الجند في عذابه. ولكن لم تخرّ عزيمته، بل بقيَ صابراً لا يئن ولا يتأوّه، بل يسبّح الله ويمجّده. فلمّا رأى الحاضرون من الوثنيين تلك الشجاعة النادرة، آمن كثيرون منهم بالمسيح ونالوا إكليل الشهادة.
أمّا ذيوكلسيانس، فقد أكبر في ذلك الشاب تلك الشجاعة الفائقة، وعزّ عليه ان يخسر قائد حرسه الهمام وإبن صديقه القديم، فعمل على خلاصه وإبقائه. فأمر ان تضمد جراحه. ثم اتى به الى حضرته، وأخذ يلاطفه ويتملّقه بالوعود الأخّاذة، لكي يثنيه عن عزمه ويحمله على الرجوع عمّا كان يظنّه فيه عناداً ومكابرة.
فتظاهر جاورجيوس بالإقتناع، وطلب الى الملك ان يسمح له فيذهب الى معبد الأوثان ويرى الآلهة. ففرح ذيوكلسيانس لظنّه ان جاورجيوس قد عاد الى صوابه وقبِل ان يكفر بدين المسيح.
وأراد الملك ان يكون انتحال جاورجيوس للوثنية علنيّا ً باحتفال مهيب. فجمع مجلس الأعيان وجمهور الشعب، ليحضروا تقديم القربان للإله "أبوبون" من يد جاورجيوس. فاجتمعوا وذهبوا الى معبد رئيس الأوثان آلهة المملكة. فغصّ المعبد بألوف القادمين. واستعدّ الكهنة، ولبسوا الحلل الذهبية، ووقفوا ينتظرون. فجاء جاورجيوس، ورأسه معصوب ويداه ملفوفتان بلفائف.
فتقدّم جاورجيوس الى تمثال "ابولون" وتفرّس فيه. ثم رسم على نفسه إشارة الصليب وخاطب الصنم وقال له: أتريد ان أقدّم لك الذبائح كأنّك إله السماء والأرض؟ فخرج صوت من أحشاء الصنم يقول: إنني لست إلهاً بل الإله هو الذي أنت تعبده. وفي الحال سقط ذلك الصنم على الأرض، وسقطت معه سائر الأصنام، فتحطّمت جميعها. وخرجت من الأرض ومن الجدران أصوات منكرة هائلة أذعرت الحاضرين. فجمد الدم في عروقهم من شدّة ما استولى عليهم من الخوف والهلع. فصاح الكهنة: أن جاورجيوس بفعل سحره الشيطاني قد حطّم آلهتنا. فالموت الموت لهذا الساحر. فثار الشعب على جاورجيوس وكاد يمزّقه لو لم يتداركه الجند ويخرجوه من بينهم.
فأمر الملك ان يقطع رأسه ليهدّىء بذلك ثائرة الشعب. فركع جاورجيوس وشخّص الى السماء وصلّى. ثم حنى رأسه امام السيّاف وتلقّى بخشوع وقع السيف. فطارت تلك النفس الفتيّة الزكيّة الى الأخدار السماوية، لتنعم الى الأبد مع طغمات جنود المسيح الملك. وكان ذلك سنة 303.
فطار صيت إستشهاده الرائع وجرأته النادرة في كل أرجاء المملكة. وشُغفت به قلوب المؤمنين لشبابه النضر وجماله الساحر، واحتقاره الدنيا وزخرفها وبهجتها وعظمتها حبّا ً للمسيح الفادي الإلهي ومنذ ذلك الحين اخذ إسم جاورجيوس يتعاظم في كل بلاد الدنيا، في الشرق والغرب معاً الى يومنا هذا.

تكريس كنيسة القديس أغابوس الرسول (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في هذا اليوم تذكار تكريس كنيسة القديس أغابيوس أحد السبعين رسولا الذي تنبأ بما أصاب القديس بولس الرسول (أعمال 21: 10 و11) صلاته تكون معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : تذكار تكريس أول هيكل للقديس نيقولاوس
في مثل هذا اليوم تعيد الكنيسة بتذكار تكريس أول هيكل بناه النصارى اليعاقبة (ربما يقصد السريان الموجودين بمصر المقيمون بأرض مصر)، للقديس نيقولاوس أسقف ميرا أحد آباء مجمع نيقية الثلاثمائة وثمانية عشر. وكان بناؤه بالكنيسة التي علي اسم القديس الأنبا شنوده شرقي البحر. صلاته تكون معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : نياحة القديسة الكسندرة الملكة
في مثل هذا اليوم تنيحت القديسة الكسندرة الملكة، زوجة الملك دقلديانوس. وذلك أنه لما خدع الشهيد العظيم جاورجيوس الملك دقلديانوس بأنه سيسجد لآلهته قبل رأسه وأدخله إلى داره فصلي القديس ثم قرأ جزءا من المزأمير أمام الملكة وفسر لها ما قرأه ثم أوضح لها الوهية السيد المسيح فدخل كلامه في قلبها وآمنت بالسيد المسيح له المجد. ولما وقف القديس جاورجيوس أمام الأصنام ونادي باسم السيد المسيح تحطمت فخزي الملك ومن معه من ذلك. ولما عاد إلى قصره وأخبر الملكة بذلك قالت له: أما قلت لك لا تعاند الجليليين فان إلههم قوي فغضب الملك جدا وعذبها كثيرا ثم ألقاها في السجن حيث تنيحت بسلام. صلاتها تكون معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : تذكار نياحة البابا مرقس السادس البطريرك
في مثل هذا اليوم من سنة 1372 ش. (20 أبريل 1656 م.) تنيح البابا مرقس السادس البطريرك الإسكندري (101) وهو يعرف بمرقس البهجوري لأنه من بهجورة وترهب بدير القديس أنطونيوس. ولما تنيح البابا متاؤس الثاني البطريرك المائة اتفق المعلم بشارة المتقدم علي الأراخنة في ذلك العصر هو وجماعة المصريين علي رسامة هذا الأب، وترأس احتفال الرسامة الأنبا خرستوذولو أسقف بيت المقدس في يوم الأحد 15 برمودة سنة 1362 ش. (20 أبريل سنة 1646 م.) ودعي مرقس السادس وبعد رسامته وقع خلاف كبير بينه وبين المعلم بشارة. ومن أعمال هذا البابا المأثورة أنه أصدر أمرا للرهبان بمنعهم من الإقامة في العالم وبعودتهم جميعا إلى أديرتهم فغضب الرهبان من هذا الأمر ولم يوافقوا عليه وامتنعوا عن العمل به وحرك الشيطان عدو الخير أحد الرهبان المدعو قدسي فرفع للباشا عريضة ضد البطريرك ادعي فيها بأنه يمد الناس بالفلقة ويقتلهم بها فاهتم الوالي بالشكوى وأمر بكشف الحقيقة وعند التحقيق أنكر الراهب موضوع الشكوى وظهرت براءة البابا من التهمة الواردة في عريضة الشكوى ولكنه غرم بغرامة دفعها عنه أكابر الدولة وفي 21 طوبة سنة 1365 ش. نودي بأن لا يركب النصارى خيولا ولا يلبسوا قفاطين حمراء ولا طواقي جوخ حمراء ولا مراكيب وإنما يلبسون قفاطين زرقاء طول الواحدة عشرون ذراعًا.
وسافر البطريرك إلى الصعيد وأقام هناك أربع سنوات جمع أثناءها أموالا طائلة وكان أحمق جدا حتى ضج من أعماله سائر الناس والأساقفة والقسوس والأراخنة واستمرت العداوة قائمة بينه وبين المعلم بشارة حتى عاد إلى مصر فاصطلح معه واستقام أمره بعد ذلك. ومن أعماله أنه قام ببناء قاعة الصلاة بدير الراهبات بكنيسة العذراء بحارة زويلة عثر علي خمس أوان من الزجاج ملآنة بالميرون المقدس كما أنه عثر أيضا علي زقين آخرين وهي من ذخائر العصور القديمة فوضع الكل بأعلى مخزن المهمات الكائن فوق مدفن البابا يؤنس الثالث عشر البطريرك (94) بكنيسة العذراء بحارة زويلة.
وقد تنيح هذا البابا يوم 15 برمودة سنة 1272 ش. (20 أبريل سنة 1656 م.) ودفن بكنيسة أبي سيفين بمصر القديمة بعد أن أقام علي الكرسي عشرة أعوام كاملة وقد عاصر كلا من السلطان إبراهيم الأول والسلطان محمد الرابع وخلا الكرسي بعده أربع سنوات وسبعة شهور وستة عشر يوما نفعنا الله ببركاته ولربنا المجد دائما. آمين.