قداسة البابا يهنئ البطريرك بمرور 50 عاماً على رسامته الكهنوتية
إلى غبطة أخينا الموقّر
فـؤاد طـوال
بطريرك القدس للاتين
إنه لَيطيب لك، أيها الأخ الموقّر، أن تعودَ بالذكرى إلى ذلك اليوم البعيد والحاسم في حياتِـك إذ تركت وراءكَ كلَّ شيءٍ لتكون، بنعمته تعالى وقوّته، المسؤولَ والموزّعَ لنعم الله العديدة. لقد مرّت على ذلك الحدث السعيد خمسون سنة قضيـتَها في الخدمة الكهنوتية. لذا يَـليقُ بك أن تُرافـقَ هذه الذكرى بالاحتفال المناسب.
لذا ارتأينا أن ننضمّ إليك فنذكرَ معك فجرَ حياتك ابتداءً مِن الأردنّ، مسقطِ رأسك، ومن أيام دراستِك الكهنوتية التي أتممتَها في المعهد الإكليريكيّ البطريركيّ في بيت جالا. وقد انطلقتَ من هناك، وقد تزوّدت بسر الكهنوت المقدّس، إلى ممارسة خدمتك الكهنوتية لدى المؤمنين لكي يحافظوا على وديعة إيمان أجدادهم وتقواهم على الرغم من مختلف الصعوبات والضيقات، وهم يتذكّرون أمثالَ مَنْ سبقهم من الرجال العظام.
وبعد أن أتمَمْتَ ثقافتَكَ العلميّة متخصّصا في الحقوق الكنسية في جامعة اللاتران، قدّمتَ خدماتِكَ الى الكرسي الرسولي بهمّة ونشاط في عددٍ من البلدان وفي أمانة سرّ الكرسي الرسولي للتعامل مع الأمور العامة بما يعود بالفائدة والغنى الروحي على الكنيسة الجامعة.
ولما أصدر البابا القديس يوحنا بولس الثاني إرادته بتعيينك أسقفا على الكرسي التونسي لم تغِب عن ذهنك الأهميةُ العريقةِ في الزمان لتلك المنطقة التي كانت مزدهرة في الماضي، فرحتَ تُنعش بين المؤمنين ذكرى الإيمان المتوارث منذ القِدَم. وبالإضافة إلى ذلك تولّيت، في الفترة نفسها، مهمّة رئيس مؤتمر أساقفة شمال أفريقيا.
أخيرًا وبعد كل ذلك، صدرت موافقة سلفنا البابا بندكتوس السادس عشر على اختيارك بطريركًا للقدس. وثمة شواهد نيِّرة تدلّ على شهرة تلك المدينة العالمية، وأنت بها خيرُ العارفين، وما زلت تحاول إبرازها أمام أتباع جميع الديانات المتواجدة فيها، للعمل معًا على اجتياز العوائق أياً كان نوعها، ولتعميم الوفاق والعمل المشترك.
أيها الأخ العزيز، إن كلَّ ما سبق هو مدعاةٌ للفخر والمديح. وقد أردنا أن نقوله صراحةً في الوقت الذي فيه تـنوي الاحتفال بهذا الحدث الفريد: اليوبيل الذهبي الكهنوتي. لذا جئناك، وكأننا حاضرون إلى جانبك، لنؤكدَ لك بالغ محبتنا الأخوية ولنستمطرَ عليك مكافأةَ الله الغنية مع بركـتنا الرسولية الواسعة التي نمنحها لشخصك العزيز أولاً، كما نريدها أن تشمُلَ جميعَ المؤمنين الملتـفّين حولك، طالبين أن تذكرونا في صلاتكم.