صحّة
17 كانون الأول 2021, 09:00

في مؤتمر صحفي قبل نهاية العام، الأمين العام يشدّد على ضرورة بذل الجهود للقضاء على كوفيد-19

الأمم المتّحدة
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه البالغ من أننا نواجه أوقاتًا أكثر صعوبة في المستقبل، إذا لم تتحسن الأمور بسرعة، مشيرًا إلى أن جائحة كوافيد-19 لن تختفي وقد أصبح من الواضح أن اللقاحات وحدها لن تقضي على الجائحة.

وعقد الأمين العام، أنطونيو غوتيريش مؤتمره صحفي بمناسبة نهاية العام، عبر تقنية الفيديو، قبيل توجهه إلى لبنان، يوم الأحد، في زيارة تضامنية مع الشعب اللبناني، "الذي عانى لفترة طويلة". وتأتي هذه الزيارة بدعوة من الحكومة اللبنانية.

وقال الأمين العام إننا نقترب من نهاية عام صعب اشتدت فيه جائحة واستمر عدم المساواة في الارتفاع. "وتنامى العبء على البلدان النامية بصورة أثقل - مع تناقص الموارد اللازمة للتعافي، وارتفاع التضخم وتزايد الديون".

وأوضح أننا ما زلنا بعيدين عن المسار الصحيح فيما يتعلق بمعالجة أزمة المناخ التي تشكل عاملا آخر يضخم الظلم وعدم المساواة على الصعيد العالمي.

 

تقرير يفصل جهود الاستجابة الأممية

وقال الأمين العام إن اللقاحات تجنب الناس دخول المستشفيات والموت بالنسبة للغالبية التي تتلقاها وتبطئ انتشار الفيروس، لكن انتقال الفيروس لا يظهر أي علامة على التوقف. "وهذا ناتج عن عدم المساواة في اللقاحات والتردد والرضا عن الذات".

وأشار إلى أن الأمم المتحدة حشدت كامل جهودها من أجل الاستجابة لجائحة كـوفيد-19 والتعافي من آثارها، لافتا الانتباه إلى تقرير جديد أصدرته الأمم المتحدة، يوم الخميس، يوضح بالتفصيل "جهودنا خلال العام الماضي في جميع القطاعات - من الصحة إلى العمل الإنساني إلى العمل الاجتماعي والاقتصادي".

 

استراتيجية التطعيم العالمية

وكانت منظمة الصحة العالمية، قد أعلنت قبل شهرين، عن استراتيجية لتطعيم 40 في المائة من الناس في جميع البلدان بحلول نهاية العام، و70 في المائة، بحلول منتصف العام المقبل.

وقال الأمين العام إن تلك الاستراتيجية تتطلب الالتزام الكامل من الدول الأعضاء - خاصة تلك التي لديها قدرات إنتاج لقاحات أو إمدادات كبيرة.

ولكن بعد أيام فقط من الموعد النهائي لهدف 40 في المائة، لم تتمكن 98 دولة من تحقيق هدف نهاية العام هذا.

"ولم تتمكن 40 دولة، حتى الآن، من تطعيم 10 في المائة من سكانها. وقد تم تطعيم أقل من 4 في المائة من السكان بشكل كامل في البلدان منخفضة الدخل. ومعدلات التطعيم في الدول ذات الدخل المرتفع أعلى 8 مرات منها في دول أفريقيا".

وبالمعدلات الحالية، حذر الأمين العام من أن أفريقيا لن تحقق عتبة 70 في المائة حتى آب/أغسطس 2024.

 

لا يمكننا هزيمة الجائحة بطريقة غير منسقة

وقال الأمين العام إن عدم المساواة في اللقاحات يعطي المتغيرات حرية الانتشار بصورة مكثفة تدمر صحة الناس والاقتصادات في كل ركن من أركان العالم. "لا يمكننا هزيمة الجائحة بطريقة غير منسقة".

وشدد على أنه يتعين على البلدان اتخاذ إجراءات ملموسة في الأيام المقبلة لإحراز تقدم أكبر لتحقيق هدف منظمة الصحة العالمية البالغ 40 في المائة، وأن تكون أكثر طموحا في جهودها للوصول إلى 70 في المائة من الناس في جميع البلدان بحلول منتصف عام 2022.

 

ضغوط على الاقتصادات

في الوقت نفسه، تتعرض البلدان والاقتصادات لضغوط من جميع الجوانب - خاصة في العالم النامي، وفقا للأمين العام الذي قال إن الجهود غير المتوازنة للتعافي من كـوفيد -19 تعمل على تسريع التفاوتات وزيادة الضغوط على الاقتصادات والأفراد.

وفقا للسيد غوتيريش، حشدت الاقتصادات المتقدمة ما يقرب من 28 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي في الانتعاش الاقتصادي. "فبالنسبة للبلدان متوسطة الدخل، يبلغ هذا الرقم 6.5 في المائة. أما البلدان الأقل نموا فتبلغ النسبة المخصصة للتعافي بها 1.8 في المائة فقط".

وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون النمو الاقتصادي التراكمي للفرد على مدى السنوات الخمس المقبلة 75 في المائة أقل من بقية العالم.

في غضون ذلك، أشار الأمين العام إلى ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاما "ونراه ينمو في أماكن أخرى".

ومثلما أشار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالأمس فقط، سترتفع أسعار الفائدة معه - وسيؤدي ذلك إلى فرض قيود مالية أكبر على البلدان التي هي في أمس الحاجة إلى المساعدة، وفقا للأمين العام.

 

عبء الديون على البلدان النامية

وحذر أمين عام الأمم المتحدة من أن تخلف البلدان ذات الدخل المنخفض- والتي تتحمل بالفعل تكاليف اقتراض أعلى بكثير- عن سداد الديون سيصبح أمرا حتميا.  

وقال إن الحاجة إلى خدمة ديون متزايدة التكلفة وباهظة الثمن ستترك للبلدان النامية القليل من الحيز المالي اللازم للتعافي، وخلق فرص العمل، والعمل المناخي، وإعادة تصور التعليم وإعادة تشكيل وتدريب العمال، وأكثر من ذلك بكثير. يعمل النظام المالي العالمي اليوم على تحفيز التفاوتات وعدم الاستقرار، على حد تعبيره.

وقال إن النظام المالي العالمي يسمح لوكالات التصنيف الائتماني بتقويض مصداقية البلدان النامية التي تتمتع بآفاق نمو جيدة واحتياجات تنموية حيوية، مشيرا إلى أن المؤسسات المالية الدولية وحدها لا تملك القدرات الكافية.

 

قنبلة موقوتة

في غضون ذلك، أشار السيد غوتيريش إلى استمرار التفاوتات في الاتساع. تستمر الاضطرابات الاجتماعية والاستقطاب في النمو. والمخاطر تتزايد باستمرار.  

"ويمثل ذلك قنبلة موقوتة بالنسبة للاضطرابات الاجتماعية وعدم الاستقرار. إنه يشكل خطرا واضحا وقائما على المؤسسات الديمقراطية".

وشدد الأمين العام على أن الوقت قد حان لنفترض بوضوح الحاجة إلى إصلاح النظام المالي الدولي، مشيرا إلى أن التحديات التي أشار إليها اليوم تكشف عن فشلين في الحوكمة يمثلان أيضا فشلا أخلاقيا.

"لدينا مشكلة حوكمة خطيرة فيما يتعلق بالوقاية من الأوبئة والكشف عنها والاستجابة لها. ولدينا مشكلة حوكمة خطيرة فيما يتعلق بالنظام المالي الدولي".

وأعرب أمين عام الأمم المتحدة عن تصميمه على ضرورة أن يكون عام 2022 العام الذي نعالج فيه أخيرا أوجه القصور في نظامي الحوكمة هذين.

وبإجراء تلك الإصلاحات التي تمس الحاجة إليها، قال إننا سننتقل إلى عالم أكثر عدلا وسلما واستدامة. "نحن نعلم كيف نجعل عام 2022 عاما جديدا أكثر سعادة وأكثر تفاؤلا. يجب أن نبذل كل ما في وسعنا لتحقيق ذلك".