صحّة
22 شباط 2021, 06:15

في مؤتمر دولي، غوتيريش يدعو إلى التعافي المستدام والتضامن لإعادة العالم إلى المسار الصحيح

الأمم المتّحدة
يجب أن يكون عام 2021 هو عام السير على المسار الصحيح، "فالتعافي من الجائحة هو فرصتنا" هذا بحسب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته بمؤتمر ميونيخ للأمن الذي ركز على "تجديد التعاون عبر الأطلسي، ومواجهة التحديات العالمية".

وأوضح الأمين العام في كلمته أمام المشاركين في المؤتمر أن اختباراتنا العالمية تتضخم وتتعقد باستمرار. "ومع ذلك، لا تزال استجاباتنا مجزأة وغير كافية".

"وكأن جائحة كـوفيد-19 صوّرت العالم بالأشعة السينية، فكشفت شقوقه العميقة وضعفه"، بحسب تعبيره، مشيرًا إلى أن نقاط الضعف تتجاوز الأوبئة والصحة العامة.

"فكارثة المناخ تلوح في الأفق، واللامساواة والتمييز يمزقان النسيج الاجتماعي، والفساد يدمر الثقة، والنضال من أجل حقوق المرأة يواجه انتكاسة، وأهـداف التنمية المستدامة خرجت عن المسار الصحيح".

وأشار السيد غوتيريش إلى أن السلوك غير المسؤول في الفضاء الإلكتروني قد خلق نواقل جديدة لعدم الاستقرار. كما أن نظام نزع السلاح النووي آخذ في التآكل - على الرغم من القرار المرحب به من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الروسي بتمديد معاهدة الحد من الأسلحة النووية المبرمة بينهما.

ولمعالجة ذلك، شدّد أمين عام الأمم المتحدة على تنفيذ أربع أولويات، هي:

  • خطة تطعيم عالمية؛
  • بلوغ صافي انبعاثات صفرية من غازات الدفيئة بحلول منتصف القرن؛
  • تخفيف التوترات الجيوسياسية وتعزيز الدبلوماسية من أجل السلام؛
  • إعادة تعريف الحوكمة العالمية للقرن الحادي والعشرين.

 

خطة تطعيم عالمية

دعا أمين عام الأمم المتحدة إلى إتاحة اللقاحات بأسعار معقولة للجميع في كل مكان، قائلاً إن "المساواة في اللقاحات أمر بالغ الأهمية لإنقاذ الأرواح والاقتصادات".

وأشار إلى أن البلدان تحتاج إلى تقاسم الجرعات الزائدة وتوفير المليارات اللازمة لمبادرة كوفاكس (المعنية بالإتاحة العادلة للقاحات) لتتمكن من العمل بشكل كامل؛ كما يحتاج العالم أيضًا على الأقل إلى مضاعفة قدرة التصنيع العالمية، من خلال مشاركة التراخيص ونقل التكنولوجيا. وأضاف:

"أعتقد أن مجموعة العشرين في موقع جيد لإنشاء فريق عمل للطوارئ لإعداد خطة تطعيم عالمية تجمع بين البلدان والشركات والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية التي تتمتع بالقوة المطلوبة والخبرة العلمية والإنتاجية والقدرات المالية".

وأعرب الأمين العام عن استعداده لحشد منظومة الأمم المتحدة بكامل طاقتها لدعم هذا الجهد، بدءًا من منظمة الصحة العالمية.

 

إنبعاثات صفرية

الأولوية الثانية التي تحدث عنها الأمين العام في مؤتمر ميونيخ للأمن هي بلوغ صفر انبعاثات من غازات الدفيئة بحلول منتصف القرن، مشيرًا إلى أن "هناك سببا للأمل"، فقد التزمت البلدان التي تمثل أكثر من 65 في المائة من الانبعاثات وأكثر من 70 في المائة من الاقتصاد العالمي بصفر انبعاثات صافية من غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050.

ودعا في هذا السياق إلى توسيع هذا التحالف ليصل إلى 90 في المائة بحلول مؤتمر المناخ المرتقب في تشرين الثاني/ نوفمبر في غلاسكو.

ولتنفيذ ذلك شدد الأمين العام على أهمية

  • تحديد سعر الكربون؛
  • إنهاء الدعم والتمويل للفحم وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى، وإعادة استثمار تلك الأموال في الطاقة المتجددة وفي مرحلة انتقالية عادلة.

 

تخفيف التوترات وتعزيز الدبلوماسية

وركز أنطونيو غوتيريش في خطابه أيضًا على الحاجة إلى تخفيف التوترات الجيوسياسية وتعزيز الدبلوماسية من أجل السلام، مشيرًا إلى أنه لا يمكن للعالم "حل أكبر المشاكل عندما تكون القوى الكبرى على خلاف".

وأوضح أن عالمنا لا يستطيع تحمل تكاليف مستقبل، يُقسّم فيه أكبر اقتصادين العالمَ إلى منطقتين متعارضتين - لكل منهما عملتها المهيمنة وقواعدها التجارية والمالية، والإنترنت وقدرات واستراتيجيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

وقال "إن الانقسام التكنولوجي والاقتصادي يهدّد بالتحول إلى فجوة جيواستراتيجية وعسكرية"، داعيا إلى تجنب هذا بأي ثمن.

وهنا كرر دعوته "إلى وقف إطلاق نار عالمي". فرغم بعض العلامات المشجعة في عدد قليل من عمليات السلام العسيرة، يستمر القتال في أماكن أخرى، قائلا إن "الكل يخسر" نتيجة هذا الوضع.

هذا ولفت الأمين العام الانتباه إلى أهمية تثبيت "وقفٍ لإطلاق النار" يتجاوز ساحات القتال التقليدية:

في المنازل وأماكن العمل والمدارس ووسائل النقل العام، حيث تواجه النساء والفتيات جائحة العنف.

وفي الفضاء الإلكتروني، حيث تحدث جميع أنواع الهجمات كل يوم. يجب أن تكون التقنيات الرقمية قوة من أجل الخير.

وفي هذا السياق أكد أهمية فرض حظر تام على الأسلحة المستقلة الفتاكة، وهو البعد الأكثر خطورة الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجلبه إلى مستقبل الحرب.

 

الحوكمة العالمية

الأولوية الرابعة ركزت على إعادة تعريف الحوكمة العالمية للقرن الحادي والعشرين. فبحسب الأمين العام، حالت ترتيبات الأمن الجماعي المتفق عليها منذ أكثر من 75 عاما دون اندلاع حرب عالمية ثالثة.

"يجب أن تستمر مبادئنا المشتركة في القرن الحادي والعشرين". ودعا في هذا السياق إلى "ضمان طرق جديدة لتوفير المنافع العامة العالمية، وبناء عولمة عادلة وحل التحديات المشتركة".

وأوضح أننا لسنا بحاجة إلى بيروقراطيات جديدة. بل بحاجة إلى تعزيز التعددية حتى يحظى العالم بتعددية شبكية تربط المنظمات العالمية والإقليمية والمنظمات الاقتصادية؛ تعددية شاملة تُشرك الشركات والمدن والجامعات والحركات من أجل المساواة بين الجنسين والعمل المناخي والعدالة العرقية؛ وتعددية تحترم حقوق الأجيال القادمة.

وذكر السيد غوتيريش أن الكثيرين يعتقدون بأن التعددية القطبية المتزايدة في العالم ستضمن بحد ذاتها السلام:

"لكن دعونا نتعلم من التاريخ. فمنذ أكثر من قرن مضى، كانت أوروبا متعددة الأقطاب - لكن لم تكن هناك آليات حوكمة متعددة الأطراف. كانت النتيجة الحرب العالمية الأولى".

وختم خطابه بالدعوة إلى تضامن وتعاون دولي لمواجهة تحدياتنا الأكبر والأكثر تعقيدا، قائلا "أنا مقتنع بأنه إذا كنّا عاقدي العزم، سنتمكن من تحقيق أهدافنا المشتركة".