الفاتيكان
07 شباط 2025, 08:50

في لقاء مسكونيّ البابا فرنسيس يتأمّل بالمعنى الثّلاثيّ لـ"رمز" الإيمان المشترك

تيلي لوميار/ نورسات
"ما أطيب وما أحلى أن يسكن الإخوة معًا!"، بكلمات صاحب المزمور هذه رحّب البابا فرنسيس، أمس الخميس، بالكهنة والرّهبان الشّباب من الكنائس الأرثوذكسيّة الشّرقيّة، الأرمنيّة والقبطيّة والإثيوبيّة والإريتريّة وكنيسة السّريان المالانكار الأرثوذكسيّة، في بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان، محبّيًا "بمودّة أخويّة المطران خجاج برساميان والمطران برنابا السّريانيّ اللّذين يرافقانهم"، ومن خلالهم رؤساء الكنائس الأرثوذكسيّة الشّرقيّة.

ثمّ توقّف البابا عند "هذه الزّيارة الدّراسيّة الخامسة للكهنة والرّهبان الأرثوذكس الشّرقيّين الشّباب الّتي تنظّمها دائرة تعزيز وحدة المسيحيّين"، مشيرًا إلى أنّه "تمّ التّحضير لزيارات مماثلة للكهنة الكاثوليك من قبل كاثوليكوس الأرمن في إيتشميادزين وكنيسة السّريان المالانكار الأرثوذكسيّة"، وقال بحسب "فاتيكان نيوز": "أنا ممتنٌّ جدًّا لـ"تبادل العطايا" هذا الّذي تنظِّمه اللّجنة الدّوليّة المشتركة للحوار اللّاهوتيّ بين الكنيسة الكاثوليكيّة والكنائس الأرثوذكسيّة الشّرقيّة، لأنّه يسمح لحوار المحبّة أن يسير جنبًا إلى جنب مع حوار الحقيقة."

ثمّ كانت الزّيرة فرصة للتأمّل بمصطلح "الرّمز" الّذي يحمل بعدًا مسكونيًّا، وقال: "إنّ لزيارتكم أهمّيّة خاصّة في السّنة الّتي نحتفل فيها بالذّكرى المئويّة السّابعة عشرة لمجمع نيقية، المجمع المسكونيّ الأوّل الّذي أعلن "رمز" الإيمان المشترك بين جميع المسيحيّين. لذلك أودّ أن أتأمّل معكم حول مصطلح "الرّمز" الّذي يحمل بعدًا مسكونيًّا قويًّا في معناه الثّلاثيّ.

بالمعنى اللّاهوتيّ، يُقصد بالرّمز مجموعة الحقائق الرّئيسيّة للإيمان المسيحيّ، الّتي تتكامل وتتناغم مع بعضها البعض. بهذا المعنى، فإنّ قانون الإيمان النّيقاويّ، الّذي يشرح بإيجاز سرّ خلاصنا، لا يمكن إنكاره ولا مثيل له. ومع ذلك، فإنّ قانون الإيمان له أيضًا أهمّيّة كنسيّة: في الواقع، بالإضافة إلى الحقائق، هو يوحّد المؤمنين أيضًا. في العصور القديمة، كانت الكلمة اليونانيّة symbolon تشير إلى نصف قطعة صغيرة من عظم أو زجاج أو رخام مكسورة إلى نصفين يتمّ تقديمها كعلامة يتمُّ من خلالها التّعرُّف على شخص ما. وبالتّالي فإنّ الرّمز هو علامة الاعتراف والشّركة بين المؤمنين.

كلّ شخص يملك الإيمان كـ"رمز" لا يجد وحدته الكاملة إلّا مع الآخرين. لذلك نحن بحاجة إلى بعضنا البعض لكي نكون قادرين على الاعتراف بالإيمان، ولهذا السّبب يستخدم قانون الإيمان النّيقاويّ، في نسخته الأصليّة، صيغة الجمع "نؤمن". وإذ أذهب أبعد في هذه الصّورة، أقول إنّ المسيحيّين الّذين ما زالوا منقسمين هم مثل "شظايا" يجب أن يجدوا الوحدة في الاعتراف بالإيمان الواحد. نحن نحمل رمز إيماننا مثل كنز في آنيّة من خزف.

وهكذا نصل إلى المعنى الثّالث للرّمز، المعنى الرّوحيّ. لا يجب أن ننسى أبدًا أنّ قانون الإيمان هو أوّلًا صلاة تسبيح توحّدنا بالله: إنّ الاتّحاد مع الله يمرّ بالضّرورة من خلال الوحدة بيننا نحن المسيحيّين الّذين نعلن الإيمان الواحد. إذا كان الشّيطان يفرّق فإنّ قانون الإيمان يوحّد! كم سيكون جميلًا لو أنّنا في كلّ مرّة نعلن فيها قانون الإيمان نشعر بأنّنا متّحدون مع المسيحيّين من جميع التّقاليد! إنّ إعلان الإيمان المشترك، في الواقع، يتطلّب أوّلًا وقبل كلّ شيء أن نحبّ بعضنا بعضًا، كما تدعونا اللّيتورجيا الشّرقيّة إلى ذلك قبل تلاوة قانون الإيمان: "لنحبّ بعضنا بعضًا، لكي نعلن في وحدة الرّوح إيماننا بالآب والابن والرّوح القدس".

أيّها الإخوة الأعزّاء، آمل أن يصبح حضوركم "رمزًا" لشركتنا المرئيّة فيما نثابر في البحث عن تلك الوحدة الكاملة الّتي رغب فيها الرّبّ يسوع بقوّة. أؤكّد ذكري لكم في صلاتي، من أجل كلّ واحد منكم ومن أجل كنائسكم، وأنا أيضًا أعتمد على ذكركم لي ولخدمتي في صلواتكم. ليبارككم الرّبّ ولتحفظكم والدة الإله."