لبنان
18 كانون الأول 2020, 07:30

في لبنان... إطلاق وثيقة "كلّنا إخوة" للبابا فرنسيس

تيلي لوميار/ نورسات
أطلقت اللّجنة الأسقفيّة للحوار المسيحيّ- الإسلاميّ بالتّعاون مع المركز الحبريّ المريميّ لحوار الأديان في لبنان، العمل برسالة "كلّنا إخوة" للبابا فرنسيس، في مؤتمر دعا إليه المركز الكاثوليكيّ للإعلام، وبمشاركة رسميّة من الفاتيكان، في كاتدرائيّة سيّدة البشارة للسّريان الكاثوليك- المتحف، شارك فيه السّفير البابويّ المونسنيور جوزيف سبيتيري، ورئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران أنطوان نبيل العنداري، ورئيس اللّجنة الأسقفيّة للحوار المسيحيّ- الإسلاميّ المطران ماتياس شارل مراد، ورئيس الأكاديميّة الحبريّة المريميّة العالميّة الأب ستيفانو شيكين، ورئيس لجنة الحوار المسيحيّ- الإسلاميّ التّابعة لوزارة الحوار المسيحيّ- الإسلاميّ في الفاتيكان الإمام الدّكتور نادر العقاد، والمسؤول الإعلاميّ للمركز الحبريّ ممثّل طائفة الموحّدين الدّروز الشّيخ عامر زين الدّين، ورئيس المركز الحبريّ المريميّ في لبنان الأب وسام بو ناصر، ورئيس المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم.

في كلمته، أشار العنداري إلى أنّ "البشريّة تكون عائلة واحدة هي العائلة الإنسانيّة للجميع من دون استثناء ورسالة تحدّ للأشخاص والشّعوب لإحياء الأخوّة والصّداقة الاجتماعيّة الّتي تهدف إلى الاندماج الاجتماعيّ لجيمع فئات النّاس من دون استثناء ولاسيّما الفقراء والمظلومين والمهاجرين والمهجّرين"، لافتًا إلى أنّ "هذه الرّسالة العامّة تتوخّى رسالة جديدة في مسار الحوار والتّلاقي بقلب منفتح وخدمة الأخوّة في العالم".

أمّا المطران مراد فرأى أنّ الرّسالة العامّة "تربتط ارتباطًا وثيقًا بوثيقة الأخوّة الإنسانيّة"، "ويلخّص فيها البابا التّعاليم الاجتماعيّة عن الأخوّة الشّاملة"، داعيًا إلى "عيشها وفقًا لمبادئ الإنجيل من منظور الحوار بين الأديان، وسيلة لتحقيق العدالة والوئام والسّلام"، و"احترام كرامة الرّجل والمرأة والمساواة بين الجميع في تعزيز حقوق الإنسان، لأنّنا جميعنا أبناء الله... وبالتّالي إخوة وأخوات. لأنّ الأخوّة فقط هي الّتي يمكن أن تنقذ، غدًا، الإنسانيّة، في ظلّ التّهديدات الّتي تواجه "بيتنا المشترك" ومجتمعاتنا ومستقبلنا". وأكّد مراد أنّه "لا يمكن تحقيق دعوات البابا فرنسيس إلّا بالحبّ الشّامل وثقافة اللّقاء".

من جهته، رأى السّفير البابويّ في لبنان أنّه "عندما ننظر إلى الاطفال نعرف أنّ رغبة الأخوّة مترسّخة في قلوب البشر. ولكن، للأسف، كلّما كبرنا نضع هذه الحقيقة جانبًا ونختار وضع الحدود مع الآخر، فننظر إلى الجماعات الأخرى نظرة مختلفة، لا بل اسوأ من ذلك ننظر اليهم كأعداء". لذا سأل سبيتيري الرّبّ أن يساعدنا "لنكون أشخاصًا محاورين وأن يتحمّل المسؤولون الدّينيّون المسؤوليّة ليعيشوا المثال في بناء ثقافة السّلام"، فيعيشون "بتواضع أمام الله، كبناة سلام"، لتغيير "عقليّة الانقسام والخصومة عبر ثقافة حوار في خدمة الإنسانيّة من أجل خير كلّ إخوتنا في لبنان".

ثمّ ثمّن شيكين شهادة المركز المريميّ لحوار الأديان في لبنان، واعتبر أنّ رسالة البابا فرنسيس "يمكنها أن تترجم من لبنان في الأخوّة الّتي تعاش من أجل الخير العامّ في البيت اللّبنانيّ، وهكذا تصبح نموذجًا لكثير من بلدان العالم". كما دعا إلى تجنّب "القوميّات المنغلقة والغاضبة والعدوانيّة، واعادة اكتشاف القيم الإنسانيّة المشتركة والدّفاع عنها مع الحفاظ على اختلاف المواقف والاعتراف بالتّنّوع، بما في ذلك المواقف الدّينيّة، فلا يقع أحد في توحيد معايير العولمة".

هذا وأكّد الإمام العقاد على أهمّيّة الرّسالة البابويّة الّتي "تشرّف الجميع على اختلاف معتقداتهم وهي هديّة من السّماء لتكون مثالاً يحتذى به، وتفتح بابا لدخول أوكسيجين المحبّة إلى قلوب المتحاورين ليسيروا في الأرض كانجيل وقرآن ناشرين ثقافة الحبّ الأخويّ".

ورأى الشّيخ زين الدّين في خطوة البابا "رسالة إلى المسيحيّين ولاسيما في لبنان بلد التّعدّديّة ليحافظوا على رسالتهم والتّمسّك بالوطن والصّيغة والعيش الواحد وحفاظهم على جوهر المشروع اللّبنانيّ الخلّاق مساحة للحوار الإسلاميّ- المسيحيّ"، ودعوة للقادة الدّينيّين "ليكونوا شركاء حوار حقيقيّين والعمل في بناء السّلام".

واعتبر زين الدّين أنّه بتخصيص البابا فرنسيس إحدى دوائر الفاتيكان لبنان بباكورة المراكز الحبريّة المريميّة لحوار الأديان، استكمال لما بدأه البابا يوحنّا بولس الثّاني القائل "لبنان أكبر من وطن، إنّه رسالة"، فـ"أخاله يتوجّه إلى المسيحيّين خصوصًا في بلد التّعدّديّة والحضارات والإشعاع والحرف والكتاب. ألا حافظوا على رسالتكم المسيحيّة في هذا الشّرق الجريح، ألا تمسّكوا بوطن وصيغة عيش اخترناهما بإرادتنا الحرّة، ألا تواصلوا مع الآخر الشّريك في عيش الكرامة والحرّيّة، أم ننتظر؟! ننتظر "مظلوميّة" جديدة قد تأتينا كلّ مئتي عام لنعود ونشبك الأيدي والقلوب صونًا لوطن الأرز؟! عودوا إلى وصايا السّينودس والإرشاد الرّسوليّ والمجمع البطريركيّ، في رفض أن نكون فئة تسجن نفسها في الماضي الأليم، وإنّما جماعة أدّت دورًا أساسيًّا في نهضة العالم العربيّ، وبقاء جوهر المشروع اللّبنانيّ الخلّاق مساحة للحوار الإسلاميّ- المسيحيّ.

أمّا الأب بو ناصر فشكر الأساقفة على دعمهم لنجاح رسالة ودور المركز، وشكر الأعضاء المشاركين في المركز واللّجنة الأسقفيّة للحوار على الجهود الّتي يبذلونها للإصرار على الاستمرار في هذا المسار الحواريّ.

بدوره نوّه أبو كسم بـ"طيبة قلب البابا العظيم الّذي اختار كما أسلافه أن يكون رسول المحبّة الّتي تنطلق من الأخوّة الإنسانيّة، والحوار مع الآخر لتحقيق صناعة السّلام، مؤكّدًا أنّ "من بين الدّوافع وراء هذه الوثيقة البابويّة صناعة ثقافة الالتقاء، في ظلّ ما يشهده العالم اليوم من توتّرات وحروب".

يُذكر أنّه قد "أعلن عن المؤتمر في لبنان وروما نظرًا إلى أهمّيّة انطلاق العمل من لبنان الوطن الرّسالة ونموذج التّعدّديّة ولكون المركز يضمّ أعضاء مؤسّسين مسيحيّين ومسلمين"، وقد حضر اللّقاء كلّ من: مستشار الرّئيس سعد الحريري للشّؤون الإسلاميّة الشّيخ علي الجنابي، الصّحافيّ صلاح تقيّ الدّين ممثّلاً نقيب المحرّرين جوزف القصّيفي، رئيس الرّهبانيّة الأنطونيّة الأب جورج أبو جودة، السّيّد علي السّيّد قاسم، القنصل اللّبنانيّ في كندا حسين رحّال، عضو المركز الحبريّ المريميّ لحوار الأديان الشّيخ صالح حامد، ممثّلة مجلس كنائس الشّرق الأوسط الصّحافيّة أوغيت سلامة، رئيس "نادي الشّرق لحوار الحضارات" إيلي السّرغاني، "سفير الإعلام العربيّ في لبنان" جوزف محفوض وحشد من الإعلاميّين.