في عيده، نصلّي معًا من أجل تطويب البطريرك إسطفان الدّويهيّ
حلّق البطريرك الدّويهي عاليًا منذ أن كان شابًّا دارسًا في روما في المدرسة المارونيّة، فكان "على شبه النّسر الّذي يفوق كلّ الطّيور بالطّيران"، وارتقى السّلّم رويدًا رويدًا، فنال شهادة الملفنة في اللّاهوت بامتياز. عاد بعدها إلى لبنان سنة 1655 مشبعًا من تاريخ كنيسته الّتي نقّب عن تراثها خلال دراسته، ولبس ثوب الكهنوت عام 1656 ثمّ الأسقفيّ سنة 1668، ليُنتخب في 20 أيّار/ مايو 1670 بطريركًا على كنيسته بالرّغم من ممانعته.
عاش البطريرك بين شعبه علّامة في مجاله وعلامة لا تدلّ إلّا على المسيح، فكان مثالاً في التّقشّف والزّهد والصّبر والوداعة والجرأة والإيمان. تعلّق بمريم العذراء فخاطبها باستمرار وكرّمها إكرامًا خاصًّا هي الّتي تراءت له أكثر من مرّة، وتعبّد للقربان المقدّس وواظب على الصّلاة لساعات طويلة.
كرّس حياته للدّفاع عن كنيسته وعن شعبه، فكان بالنّسبة لهم قائدًا روحيًّا حكيمًا، شخصيّة تاريخيّة واستثنائيّة نادرة، واكب شعبه وعاش بينهم وقريبًا منهم وأوقظ ضميرهم كراع صالح مبشّر ومرشد وكريم الأخلاق. كان همّه صون حقوق المسيحيّين المشرقيّين أمام الإجحاف العثمانيّ، فتحمّل الإهانات لأجلهم والتّهجير مرّات عديدة وحمل همومهم إلى المنابر السّياسيّة والدّينيّة العليا، مقاسيًا الظّلم والاضطهاد مختصرًا معاناة الموارنة. إهتمّ بالفقراء، خدم الفلّاحين، صالح المتخاصمين، واجه المهرطقين ودافع عن الحقّ والعدل.
هو أحد كبار المؤرّخين العرب في العهد العثمانيّ ورائدًا من روّاد النّهضة الفكريّة في الشّرق. نظّم الطّقوس الكنسيّة وبادر إلى إنشاء المؤسّسات الرّهبانيّة، بخاصّة الرّهبانيّة المارونيّة بفرعيها اللّبنانيّة والمريميّة مثبّتًا قوانينها الأولى. ترك الكثير من الكتابات الّتي أغنت المكتبة المارونيّة وعكست فكره ولاهوته وغيرته المقدّسة.
هو كما قيل فيه "وحيد عصره، وفريد دهره في العلم والقداسة"، "قبّة الحكمة ومعلّم الشّرق"، هو البطريرك الّذي صنع الله على يديه أعاجيب في حياته ومماته، فبدأ البحث في دعوى قداسته في 9 ت1/ أكتوبر 2000، ووافق عليها الفاتيكان في 8 ت2/ نوفمبر 2002، ووافقت لجنة الخبراء في الفاتيكان على مسيرة الدّعوى في 24 ك2/ يناير 2006.
واليوم، نصلّي مع الكنيسة المارونيّة في تساعيّة خاصّة لأجل تطويب المكرّم البطريرك إسطفان الدّويهيّ لتظهر قداسته "فيغدو خمير رجاء في عالمنا ونور إصلاح في كنيستنا وملح كرامة في وطننا"، آمين!