دينيّة
01 آذار 2021, 08:00

في زمن الكورونا، إعلان حالة طوارئ روحيّة!

ريتا كرم
بدأ كفيروس مستجدّ تغلغل في المجتمعات كالسّوس ناخرًا صحّة الإنسان وفاتكًا بكلّ ما كان لا يزال ينبض بالحياة حتّى في أكبر البلدان وأقواها اقتصاديًّا وسياسيًّا، انتشر وما عاد بالمستطاع ضبطه أو احتواؤه فتحوّل إلى وباء عالميّ وقفت بوجهه كلّ القوى البشريّة للتّصدّي له ومنعه من التّفشّي بشكل أكبر وأوسع، حتّى فقد البشر في مكان ما ثقتهم بهذه القوى وفعاليّاتها في ظلّ انتشاره السّريع، وأُعلنت في غالبية بلدان العالم حالة الطّوارئ.

لكنّ قوّة واحدة تمسّك بها الجميع وأعلنوا سلطانها فوق كلّ شيء، قوّة يستمدّونها من العُلى، هي قوّة الصّلاة.

ففي حين أعلنت الكنائس كافّة عن تدابير وقائيّة من أجل التّصدّي لكورونا، وعلّقت نشاطاتها، وألغت اجتماعاتها، وحوّلت قدّاساتها وصلواتها إلى العالم الرّقميّ، فأضحت بمعظمها تتلوها بمشاركة المؤمنين عبر الشّبكة العنكبوتيّة، أو مع الأعداد القليلة ممّن حضروا وسط إجراءات صحّيّة متشدّدة، ها هي فرصة تتجلّى اليوم أمام المؤمنين لطلب رحمة الله أوّلًا في زمن الصّوم المبارك هذا، ثمّ للاجتماع مع العائلة والصّلاة معًا بحرارة أفرادها وإيمانهم، رافعين إلى الرّبّ تضرّعاتهم من أجل أن يلفّ المسكونة بمحبّته اللّامتناهية، ويغمر الأرض برأفته فتحلّ النّعمة ويستأصل هذا الوباء من جذوره ويعيد إلى سكّان الأرض العافية والأمان.

هي فرصة ليفتح المؤمن قلبه للرّبّ، فيهمس في أذنيه كلّ مكنوناته بوحدة مع الجماعة المؤمنة حول العالم. هي فرصة ليجثوا معًا أمام المصلوب في زمن العبور هذا، ويمسكوا أيدي بعضهم بعضًا برجاء واتّحاد، ناظرين إلى يسوع الفادي نظرة الابن للآب، وينشدوا الآن أكثر ممّا مضى معونته.

وأمام حالات الطّوارئ المعلنة حول العالم، ها هم أحبار الكنيسة ورعاتها حاضرون بتأهّب روحيّ مستمرّ، فهم كجنود الرّبّ يتابعون رسالتهم بأمانة، ويحملون بشجاعة كلمة الله إلى أبنائهم بالرّغم من كلّ شيء.

نعم، هم لم يتوقّفوا في زمن الكورونا عن الصّلاة، ما كفّوا وما ملّوا، لا بل ها هم يكثّفون الدّعوة إلى الصّلاة من أجل الانتصار على هذا الوباء كما من أجل شفاء المرضى ورحمة كلّ الضّحايا.

نعم، في زمن الكورونا، ها هي الصّلاة الرّبّية تُرفع برجاء أكبر، والسّلام الملائكيّ يُتلا من صميم القلب، والزّيّاحات والطّلبات تصدح من حناجر الرّعاة والمؤمنين بمختلف اللّغات لتصل إلى مسامع الله الآب بصوت واحد، لغته واحدة: المحبّة.

نعم، كلّنا ثقة أنّه بالإيمان والصّلاة والقربان سنسحب هذا الوباء من بيننا، بالصّوم والصّلاة ستضمحل قوى إبليس وتندثر، بالتّوبة والمغفرة تحلّ القيامة القريبة مع القائم من الموت. في الواقع فقط بإعلان حالة الطّوارئ الرّوحيّة سيموت الشّرّ ويختفي الوباء!