دينيّة
04 كانون الثاني 2017, 14:00

في دوما.. دير للقدّيس يوحنا المعمدان

تمارا شقير
يتميّز بموقعه الخاصّ مطلّاً شامخًا من بعيد.. يرتفع 800 مترٍ عن سطح البحر ويبعد 85 كيلومترًا عن العاصمة بيروت و35 كيلومترًا عن البترون.. هو دير القدّيس يوحنا المعمدان- دوما حيث تعيش اليوم مجموعة من راهبات الثالوث القدّوس، أمّا الرهبان فيمكثون في البيت القرويّ القديم - دير القدّيس سلوان الآثوسيّ - الواقع على تلّة مقابلة لدير مار يوحنا.

يتوزّع عمل الرّاهبات والرّهبان في الدّير بين الصّلاة والعمل، فالصلوات تتلا وفقًا لبرنامج خاصّ بكلّ راهب أو راهبة في حين أنّ النّشاطات العمليّة تمتد ستّ ساعات، فالرّاهبات يعملن في المشاغل والخياطة والرّهبان في أعمال الزراعة والأرض.

يُجهل تاريخ تأسيس الدّير إلا أنّ هندسته والآثار الّتي وجدت فيه تدّل على إنتمائه إلى العصر الرومانيّ، فمن المرّجح وجود معبد رومانيّ في الموقع الّذي أصبح مع مرور الوقت مركزًا رهبانيًّا مسيحيًّا. وقد ذُكر اسم الدّير في رسالة وجّهها جبرائيل ابن القلاعي (شاعر زجليّ لبنانيّ) إلى زعماء جبل لبنان يقول فيها إنّ الدّير مارونيّ انعقد فيه المجمع الثّالث للكنيسة المارونيّة عام 1440 ولكن عاش في الدّير رهبان أرثوذكس خلال الحكم العثمانيّ.

وفي عام 1911، تأسّست على يد رئيس الدّير باسيليوس العمّ مدرسة داخليّة ضمّت بين 60 و100 تلميذ وعملت بشكل متقطّع حتى عام 1950.

وعلى الرّغم من أنّ الدّير بُني من دون مخطّط هندسيّ، إلا أنّ أبنيته منتظمة حول فناء داخليّ مربّع والأبواب والنوافذ موزّعة وفق ترتيب معيّن وهو يتضمن كنيستين: الأولى كنيسة الثالوث الأقدس شُيّدت في تسعينات القرن العشرين، والثانيّة يباركها مذبحان الأول عند الجهّة الجنوبيّة مكرّس للقدّيس يوحنا والثاني عند الجهة الشماليّة مكرّس للسّيدة العذراء.

وتتميّز الكنيستان برسوم جداريّة وأيقونات خلّابة تُعَرِّفُ عنها كتابة باللّغة العربيّة؛ ففي كنيسة الثّالوث الأقدس تتمثل مراحل حياة يسوع المسيح بمشاهد من الرسوم الجداريّة تبدأ من الجهة الشّرقيّة بحدث الميلاد لتنتهي في الجهة الشماليّة بحدث القيامة. أما كنيسة القدّيس يوحنا والسّيدة العذراء فتتزين برسم لوالدة الإله جالسة على العرش وحاملةً على ركبتيها الطّفل يسوع. كما تحتوي كنيسة القدّيس يوحنا على أربع أيقونات وهي للمسيح والعذراء مريم ويوحنا المعمدان وميلاد القدّيس يوحنا المعمدان.

في أرجاء هذا الدّير يعبق عطر الإيمان فيمضي الرّهبان والرّاهبات أيّامهم بالصّلاة والسجود والعمل؛ باركهم يا ربّ وأنعم عليهم بالمحبّة والخشوغ ليفعلوا بأقوالك وينشروا رسالتك السّماويّة على الأرض.