الفاتيكان
29 حزيران 2021, 09:30

في تقليدهما السّنويّ البابا يستقبل وفدًا من بطريركيّة القسطنطينيّة في عيد مار بطرس وبولس

تيلي لوميار/ نورسات
في إطار التّبادل السّنويّ التّقليدي للزّيارات بين كنيستي روما والقسطنطينيّة المسكونيّة، وذلك في 29 حزيران/ يونيو في روما احتفالًا بعد القدّيسَين بطرس وبولس وفي 30 تشرين الثّاني/ نوفمبر في إسطنبول احتفالاً بعيد القدّيس أندراوس، زار أمس الإثنين، وفد من البطريركيّة القسطنطينيّة البابا فرنسيس في الفاتيكان، كـ"علامة شركة حقيقيّة تربطهما بالفعل وإن لم تكن كاملة بعد"، بحسب تعبير البابا في كلمته التّرحيبيّة شكر فيها البطريرك برتلماوس الأوّل والمجمع المقدّس، ورئيس الوفد المتروبوليت إيمانويل.

وفي كلمته قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "إحتفالنا هذا العام بعيد القدّيسَين بولس وبطرس بينما يواصل العالم الكفاح للخروج من أزمة الوباء المأساويّة والّتي كانت اختبارًا شمل الجميع وكلّ شيء. وأخطر من الأزمة في حدّ ذاتها هناك احتمال هدر فرصة تعلُّم ما تُقدِّم لنا من درس. درس تواضع يُعلِّمنا استحالة العيش أصحّاء في عالم مريض ومواصلة الحياة كما قبل بدون التّنبّه إلى ما لم يكن يسير بشكل جيّد. إنّ الرّغبة الكبيرة اليوم في العودة إلى الأوضاع الطّبيعيّة يمكنها أن تخفي اعتقادًا غير منطقيّ بالاعتماد مجدّدًا على ضمانات زائفة وعادات ومشاريع تسعى فقط إلى الرّبح واتِّباع المصالح الشّخصيّة بدون العناية بالظّلم على الصّعيد العالميّ وبصرخة الفقراء وبالصّحّة الضّعيفة لكوكبنا.

وماذا يقول كلّ هذا لنا نحن المسيحيّين؟ إنّنا نحن أيضًا مدعوّون إلى التّساؤل إن كنّا نريد العودة إلى عمل كلّ شيء كما في السّابق وكأنّ شيئًا لم يكن أم أنّنا نريد قبول تحدّي هذه الأزمة والّتي، وكأيّ أزمة، تتطلّب التّقييم والتّفرقة بين المفيد وغير المفيد، وتستدعي العمل بتمييز والتّوقّف لتحديد ما يبقى وما يمضي من كلّ ما نفعل. إنّنا نؤمن، وكما يعلّمنا بولس الرّسول، بأنّ المحبّة هي ما يبقى دائمًا حيث قال "المحبّة لا تَسقط أبدًا" (1 قور 13، 8). والمقصود هنا المحبّة الملموسة المعاشة بأسلوب يسوع، محبّة البذرة الّتي تمنح الحياة بأن تموت في الأرض، محبّة "لا تسعى إلى منفعتها"، "تعذِر كلّ شيء ... وتْجو كلّ شيء وتتحمّلّ كل شيَء" (1 قور 13، 7). إنّ الإنجيل يضمن ثمارًا وفيرة، ولكن لا لمن يكدّس الخيور لذاته ومَن ينظر إلى مصلحته الشّخصيّة، بل لمن يتقاسم مع الجميع بشكل منفتح زارعًا بوفرة ومجّانيّة بروح خدمة متواضعة.

يعني التّعامل بشكل جدّيّ مع الأزمة الحاليّة بالنّسبة لنا نحن المسيحيّين السّائرين نحو الشّركة الكاملة أن نتساءل كيف نريد مواصلة السّير، إنّ كلّ أزمة تضعنا أمام مفترق طرق وتفتح طريقَين، إمّا طريق الانغلاق على الذّات بحثًا عن ضماناتنا وفرصنا، أو طريق الانفتاح على الآخر مع ما يحمل هذا من مخاطر لكنّه يحمل في المقام الأوّل ثمار نعمة الله... ألم تحن ساعة منح دفعة إضافيّة لمسيرتنا بمساعدة الرّوح القدس لإسقاط الأحكام المسبقة وتجاوز التّنافس الضّارّ بشكل نهائيّ؟ وبدون تجاهل الاختلافات، الّتي سيتمّ تجاوزها عبر الحوار والمحبّة والحقيقة، ألا يمْكننا بدء مرحلة جديدة للعلاقات بين كنائسنا يطبعها السّير معًا بشكل أكبر والرّغبة في القيام معًا بخطوات ملموسة إلى الأمام والشّعور بالمسؤوليّة المشتركة أحدنا إزاء الآخر؟ إنّنا حين نكون في طاعة للمحبّة فإنّ الرّوح القدس، الّذي هو محبّة الله الخلاقة، سيجعل الاختلافات في تناغم وسيفتح الطّرق لأخوّة متجدّدة.

إنّ الشّهادة المتنامية للشّركة بيننا نحن المسيحيّين ستكون أيضًا علامة رجاء للكثير من الرّجال والنّساء الّذين سيلمسون التّشجيع على تعزيز أخوّة شاملة بشكل أكبر ومصالحة قادرة على إصلاح مشاكل الماضي، وهذا هو الطّريق الوحيد من أجل مستقبل سلام."  

وتابع الأب الأقدس متحدّثًا عمّا وصفها بعلامة نبويّة في إشارة إلى تعاون أوثق بين الأرثوذكس والكاثوليك في الحوار مع التّقاليد الدّينيّة الأخرى، وأشار في هذا السّياق إلى النّشاط الكبير للمتروبوليت إيمانويل في هذا الحوار.

وفي ختام كلمته إلى الوفد شكر البابا فرنسيس ضيوفه مجدّدًا على هذه الزّيارة وطلب نقل تحيّته محبّته إلى البطريرك برتلماوس الأوّل "والذي يشعر به أخًا بالفعل، والّذي ينتظره بفرح في روما في شهر تشرين الأوّل أكتوبر القادم لمناسبة الذّكرى الثّلاثين لانتخابه". وطلب أخيرًا بركة الله بشفاعة القدّيسين بطرس وبولس وأندراوس من أجل السّير بشكل أكبر نحو الوحدة.