الفاتيكان
10 حزيران 2025, 06:15

في بداية الاحتفال بيوبيل الكرسيّ الرّسوليّ تأمّل محوره الرّجاء

تيلي لوميار/ نورسات
تزامنًا مع يوبيل الكرسيّ الرّسوليّ، بدأ الاحتفال- أمس الإثنين، بتأمّل للرّاهبة الأخت ماريا غلوريا ريفا من راهبات السّجود الدّائم للقربان المقدّس، والّتي طلب إليها البابا فرنسيس والمطران فيزيكيلا التّأمّل في هذا الحدث الهامّ، تأمّل تمحور حول الرّجاء.

الرّاهبة الّتي عبّرت عن شرفها بالتّحدّث خلال التّأمّل أمام البابا لاون الرّابع عشر الّذي يجمعها به قانون القدّيس أغسطينوس، بدأت- وبحسب "فاتيكان نيوز- "متحدّثة عن عيشها منذ عشر سنوات في دولة صغيرة ألا وهي جمهوريّة سان مارينو، وتوقّفت عند القيمة الثّمينة جدًّا للبلدان الصّغيرة في عالمنا المعولم، قيمة يجب عدم فقدانها وحمايتها بكلّ ما يمكن من طاقة. وأضافت أنّ هذه البلدان الصّغيرة بتقاليدها الخاصّة والقديمة ما يُبقي حيًّا الرّجاء في عالم يهدّده خطر أن يفقد جذوره التّاريخيّة، وهذه البلدان الصّغيرة هي مَن يعزّز ما وصفته بخيط الرّجاء. وذكَّرت بأصل كلمة رجاء بالعبريّة والّذي يعني الخيط، وهكذا فإنّ مَن لديه رجاء هو مَن يقدر، مترسّخًا في ماضيه، على أن ينطلق نحو المستقبل وأن يعيش الحاضر في هذا الشّدّ والجذب بين الماضي والمستقبل.

وتابعت الرّاهبة متسائلة كيف يمكننا اليوم في كنيستنا وفي هذه الدّولة الصّغيرة، الّتي للكنيسة فيها الدّور الأساسيّ، أن نُبقي حيًّا هذا التّوتّر بين الماضي والحاضر، وذكرت أنّ التّوازن بين الماضي والمستقبل هو جذر الرّجاء. وتابعت متحدّثة عن خطر أن نعيش حنينًا إلى ماضٍ لم يَعد له وجود قد يصبح مجرّد تمسّك بالتّقاليد منفصل عن الواقع، كما وهناك من جهة أخرى خطر أن نسرع نحو مستقبل غير موجود بعد فنسقط في نظرة مستقبليّة متوهّمة غير قادرة على تقديم حلول واقعيّة لتحدّيات الحاضر.

وفي سياق الحديث عن الرّجاء قالت الرّاهبة إنّنا نعيش في عالم سريع يمكن فيه للتّطوّر أن يكون موردًا كبيرًا ولكن أيضًا خطرًا كبيرًا. وسلّطت الضّوء على وسائل التّواصل الاجتماعيّ والّتي شكّلت بما تقدّم من إمكانيّات أنماطًا جديدة من الحياة الاجتماعيّة الثّقافيّة. وشدّدت الأخت ريفا هنا على ضرورة استمرار النّظر إلى هذه المستجدّات باعتبارها أدوات لا يجوز لمستخدمها أن يتخلّى عن جذوره وأن يلقي بنفسه في سباق إلى حيث لا نعلم، بل يكون قادرًا على اختيار الوجهة. وذكَّرت الرّاهبة هنا بتأكيد القدّيس أغسطينوس على أنّه لا يمكن الرّكض بالشّكل الصّحيح إن لم نكن نعلم إلى أين علينا أن نُسرع. وتابعت الأخت ماريا غلوريا ريفا أنّ علينا ألّا نتجاهل إلى أين علينا أن نسرع، وأضافت أنّ إسراع يوحنّا وبطرس السّير إلى قبر المسيح الفارغ هو الإسراع الوحيد الّذي يمكن للكنيسة وللعالم أن يقوما به بدون خوف، إنّه إسراع مَن يعلم أن الرّجاء يكمن في الحياة الحقيقيّة، الحياة الأبديّة. وواصلت أنّ الأبديّة هي أمامنا جميعًا، وإنْ عملنا متطلّعين إلى آفاق ضيّقة وغير هامّة فإنّنا نعمل بلا جدوى، علينا بالأحرى العمل نحو أفق كبير، أفق الحياة الّتي لا تموت، علينا أن نعيش سائلين أنفسنا في كلّ لحظة إن كان ما نفعل هو وثيق الرّباط بالحقيقة الّتي هي المحبّة والأبديّة. هذا هو معنى أن نرجو، واصلت الرّاهبة وشدّدت على أنّ فعل الرّجاء يعني تأكيد الحقيقة الّتي تحترم الحياة منذ الحبل بها حتّى نهايتها، تحترم كرامة كلّ شخص، تحترم العادات والثّقافة الخاصّة لكلّ شعب كثراء عالميّ كبير.

هذا وتوقّفت الأخت ريفا في تأمّلها عند الإفخارستيّا وتحدّثت عن سرّ رجائنا. وذكَّرت بأنّ الكلمات الأخيرة للمسيح كانت تلك الّتي نطق بها في العشاء الأخير حيث ربط بين الإيمان بالآب ورجاء الحياة الأبديّة والمحبّة فيما بيننا. وتابعت أنّ القربان المقدّس هو ينبوع الرّجاء في الحياة الأبديّة كما أنّه يربط بشكل رائع بين الماضي والحاضر والمستقبل، وفي الإفخارستيّا تتشكّل وحدة البشر جميعًا. وشدّدت على أنّ مجرّد إدراك هذا لا يكفي حيث علينا الإيمان به وتأكيده بحياتنا كلّها كرجال ونساء سلام ووحدة.

أكّدت الأخت ماريا غلوريا ريفا من جهة أخرى على أنّ الصّليب بإمكانه أن يخلّصنا، وتحدّثت هنا عن صليب نقبله ونقدّمه، كما وتحدّثت عن حليف عظيم، مريم العذراء. وتابعت مشيرة إلى لوحة للرّسّام سلفادور دالي رسمها عقب انفجار القنبلة الذّريّة نرى فيها العذراء ومعها الطّفل يسوع حيث هناك علامات الدّمار ولكن أيضًا علامات النّهوض مجدّدًا. وقالت الرّاهبة إنّ في أحشاء مريم ويسوع هناك في اللّوحة أطر مفتوحة كما أبواب الرّجاء اليوبيليّة، وإن كان في مركز أحشاء مريم هناك الطّفل يسوع ففي مركز أحشاء يسوع هناك خبز القربان والّذي ينظر إليه يسوع وكأنّه يحمل في يديه أمرين، الكون والكلمة، الحكمة البشريّة والحكمة الإلهيّة، ويعلّمنا أن نجد دروب الرّجاء بتثبيت أنظارنا على القربان المقدّس."