الفاتيكان
22 أيلول 2019, 11:00

فرنسيس: الله يتذكّر الإنسان الخاطئ على الرّغم من وضعه

زار البابا فرنسيس، أمس، أبرشيّة "ألبانو" الإيطاليّة، حيث قام بوقفة صلاة مع الكهنة وذلك في كاتدرائيّة الأبرشيّة الّتي قام البابا بندكتس السّادس عشر بتكريس مذبحها. وترأّس بعدها القدّاس الإلهيّ مع المؤمنين، وألقى عظة، تحدّث فيها، بحسب "فاتيكان نيوز"، عن "رسالة الكنيسة والمسيحيّين في العالم"، مشدّدًا على "رواية زكّا العشّار كما جاءت في الإنجيل المقدّس"، وقال:

"إنّ زكّا العشّار كان رئيس العشّارين وكان يجمع الضّرائب لصالح الإمبراطوريّة الرّومانيّة. مع ذلك نظر إليه الرّبّ يسوع وقال إنّه يريد أن يزوره في بيته. إنّ الله يتذكّر الإنسان الخاطئ على الرّغم من وضعه. الكنيسة موجودة لتُبقي حيًّا في قلب الإنسان الإدراك بأنّ الله يحبه، ولا ينساه ويدعوه بإسمه". ودعا البابا المؤمنين إلى "الاقتداء بمثل الرّبّ يسوع والسّير في دروب المدن بحثًا عن الأشخاص المنسيّين، ومن يختبئون وراء الخجل والخوف والوحدة، ليقولوا لهم إنّ الله يتذكّركم".
وأضاف البابا: "إنّ الرّبّ يسوع كان أوّل من خاطب زكّا العشّار، وقد تبدّلت حياة هذا الأخير عندما أدرك أنّ الله يريد أن يصل إلى قلبه"، وطلب البابا من "الأشخاص الباحثين عن معنى لحياتهم أن يتركوا الرّبّ يسوع ينظر إليهم، ليكتشفوا أنّهم محبوبون من قبل الله". وتوجه البابا بعدها إلى المؤمنين وهو يتسائل "عمّا إذا كانت الكنيسة تقدّم يسوع على الأمور الأخرى". ونوّه بأنّ "كل ارتداد يولد من رحمة الله الّتي تبادر نحو الإنسان، يولد من حنان الله الّذي يأسر القلب". ونبّه بعدها من "مغبّة جعل الإيمان دنيويًّا ومعقّدًا إن لم تنطلق كلّ التّصرّفات من نظرة الرّبّ الرّحومة. ومن هذا المنطلق لا بدّ أن تتذكّر الكنيسة ما هو جوهريّ، أي بساطة الإيمان، الّذي يتأتى قبل كلّ شيء من اللّقاء الحيّ مع رحمة الله".
تابع البابا كلامه مؤكّدًا أنّ "زكّا العشّار وعندما سمع الرّبّ يقول له إنّه سيأتي إلى بيته، شعر أنّه محبوب من الله، وقرّر أن يعطي نصف ما يملك إلى الفقراء، وأن يردّ ما سرقه من الغير أربعة أضعاف. وقد فعل ذلك لأنّه وجد المحبّة وشعر أنّه في بيته حقًّا". وأضاف: "كم جميل لو شعر جيراننا وأصحابنا أنّ الكنيسة هي بيتهم! لكن للأسف غالبًا ما تكون الجماعات بعيدة وغريبة عن الكثير من الأشخاص، عندما ينصاع المؤمن لتجربة خلق حلقات مغلقة، وفسحات خاصّة بالنّخبة والمختارين". وأشار إلى "وجود العديد من الأخوة والأخوات الّذين يحنّون إلى دفء البيت، ولا يجدون الشّجاعة اللّازمة للاقتراب من الكنيسة لأنّهم لم يشعروا أنّهم محبوبون، أو ربّما لأنهّم تعرّفوا على كاهن أساء معاملتهم، أو طردهم من الكنيسة، أو طلب منهم أن يدفعوا ثمن الأسرار، وهو أمر قبيح للغاية، فابتعدوا عن الكنيسة!".
وركّز فرنسيس على أنّ "الرّبّ يريد من كنيسته أن تكون بيتًا وسط البيوت، أن تكون خيمة تأوي كلّ إنسان، وتسمح له بلقاء من جاء ليسكن في وسطنا". وتمنّى أن "تكون الكنيسة مكانًا لا يُنظر فيه إلى الآخرين بطريقة متعالية بل كما فعل يسوع عندما نظر إلى زكا العشار، إذ نظر إليه من الأسفل إلى الأعلى. ولفت إلى أنه يمكن أن ننظر إلى الآخر من الأعلى إلى الأسفل فقط عندما نريد أن نساعده على النّهوض والتّعافي. وينبغي ألّا ننظر إلى الآخرين كقضاة، لكن كأخوة نسعى إلى تعزيز الخير العامّ. وهذا يتطلّب عدم الثّرثرة على الآخرين. إنّنا نحتاج نحن أيضًا إلى الله والآخرين، ويجب ألّا نرى عدوًّا في الآخر، لأنّ تلامذة الرّبّ يفكّرون فقط بالخير الّذي يمكن أن يصنعوه". وأنهى البابا فرنسيس عظته متمنّيًا أن "تكون كاتدرائيّة ألبانو، شأن كلّ كنيسة أخرى، مكانًا يشعر فيه كلّ إنسان أن الله يتذكّره، ويشمله برحمته وأن يشعر أنّه في بيته فتعمّ الكنيسةَ البهجة في حلول الخلاص".