الفاتيكان
18 أيار 2019, 12:00

فرنسيس: الصّحافيّ المتواضع والحرّ يسعى ليخبر عن الخير حتّى وإن كان الشّرُّ غالبًا هو ما يشكِّل الخبر

إستقبل البابا فرنسيس، ظهر اليوم، في قاعة كليمينتينا في القصر الرّسوليّ بالفاتيكان، جمعيّة الصّحافة الأجنبيّة في إيطاليا. وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمةً رحّب بها بضيوفه، وقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"أُريد أوّلًا أن أقول لكم إنّني أُقدِّر عملكم وأنَّ الكنيسة تقدِّركم، حتّى عندما تضعون أصبحكم على الجرح وربّما يكون الجرح أيضًا في الجماعة الكنسيّة. إنَّ عملكم قيّم لأنّه يساهم في البحث عن الحقيقة، ووحدها الحقيقة تحرّرنا.

 

إنّ دوركم جوهري؛ وهذا الأمر يعطيكم مسؤوليّة كبيرة: يطلب منكم اهتمامًا خاصًّا بالكلمات التي تستعملونها في مقالاتكم والصّور التي تنقلونها في تقاريركم، وكلّ ما تشاركونه على شبكات التّواصل الاجتماعيّ. جميعنا نعرف كم هو صعب، وكم من التّواضع يتطلّب البحث عن الحرّيّة؛ وكم هو سهل عدم طرح الأسئلة والاكتفاء بالأجوبة الأولى والبقاء على السّطح والمظاهر، والاكتفاء بالحلول التي لا تعرف تعب الاستقصاء القادر على تصوير تعقيد الحياة الحقيقيّة. إنّ تواضع عدم معرفة كلّ شيء هو الذي يحرّك البحث، أمّا إدّعاء المعرفة فهو الذي يُعيقه.

 

 

صحافيّون متواضعون لا يعني أن يكونوا دون المستوى، وإنّما أن يكونوا مُدركين أنّهم، ومن خلال مقالة أو تغريدة أو نقل مباشر، يمكنهم أن يفعلوا الخير؛ ولكن أيضًا إن لم يكونوا متنبّهين يمكنهم أن يسببوا الشّرّ للقريب، وأحيانًا لجماعات بأسرها.

 

لذلك عليكم أنتم الصّحافيّون أن تأخذوا بعين الاعتبار قوّة الأداة التي تملكونها وتقاوموا نشر أخبار لم يتمَّ التّحقُّق منها بشكل كافي. ففي زمن يميل فيه الكثيرون استباق الأحكام على كلّ شيء وعلى الجميع، يساعد التّواضع الصّحافيّ لكي لا يسمح للسّرعة بأن تسيطر عليه، ولكي يتوقّف ليجد الوقت الضّروري للفهم.

إنَّ التواضع يجعلنا نقترب من الواقع ومن الآخرين بموقف التّفهُّم. الصّحافيّ المتواضع يسعى ليعرف الوقائع بشكل صحيح وتام قبل أن يرويها ويحلِّلها.

 

إنَّ الصّحافيّ المتواضع هو صحافيّ حرّ. حرّ من أيّة تأثيرات، حرٌّ من الأحكام المسبقة ولذلك فهو شجاع. إنّ الحرّيّة تتطلّب الشّجاعة! لقد إستمعت بألم إلى الإحصاءات حول زملائكم الذين قُتلوا فيما كانوا يقومون بعملهم بشجاعة وتفانٍ في العديد من البلدان، لكي يخبروا عمّا يحصل خلال الحروب والأوضاع المأساويّة التي يعيشها العديد من إخوتنا وأخواتنا في العالم.

 

إنّ حرّيّة الصّحافة والتّعبير هي علامة مهمّة لصحّة بلد ما. نحن بحاجة لصحافة حرّة في خدمة الحقيقة والخير والعدالة، صحافة تساعد على بناء ثقافة اللّقاء. نحن بحاجة لصحافيّين يكونون إلى جانب الضّحايا والمُضطَهَدين والمقصيّين والمهمّشين.

 

هناك حاجة لكم ولعملكم لكي لا ننسى العديد من أوضاع الألم. لذلك أريد أن أشكركم على ما تقومون به؛ لأنّكم تساعدوننا لكي لا ننسى الأرواح التي تُخنق قبل أن تولد، وتلك التي ولدت وقتلها الجوع وغياب العلاجات والحروب.

 

إنّ الصّحافيّ المتواضع والحرّ يسعى ليخبر عن الخير حتّى وإن كان الشّرُّ غالبًا هو ما يشكِّل الخبر. إن ما عزّاني على الدّوام خلال خدمتي الأُسقفيّة هو اكتشافي لكميّة الخير الموجود بيننا، كم من الأشخاص يضحّون بأنفسهم ليخدموا والدًا أو ابنًا مريضًا، كم من الأشخاص يلتزمون يوميًّا في خدمة الآخرين. أرجوكم استمرّوا في نقل هذا الجزء من الواقع الذي، وبفضل الله، لا زال منتشرًا: واقع من لا يستسلم للّامبالاة، ومن لا يهرب إزاء الظّلم بل يبني بصبر وفي صمت.

 

ختامًا أرغب في أن أؤكِّد لكم أنّني أُقدّر الالتزام الذي من خلاله تقومون به بعملكم الذي عندما يُعاش بروح الخدمة يصبح رسالة. أشكركم على هذا اللّقاء. أُبارككم وأُبارك أعزّاءكم وعملكم. وأسألكم أن تصلّوا من أجلي."