أوروبا
26 نيسان 2023, 08:45

غالاغير: نحن جميعًا نريد سلامًا عادلاً ملموسًا وقابلاً للتّغيير والتّطوّر

تيلي لوميار/ نورسات
في مداخلة له خلال مؤتمر في ليختنشتاين حول "الدّبلوماسيّة والإنجيل"، تحدّث أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدّول والمنظّمات الدّوليّة المطران بول ريتشارد غالاغير عن الدّبلوماسيّة البابويّة المستوحاة من الإنجيل، والّتي هي دائمًا لصالح السّلام والكرامة البشريّة والقائمة على الرّحمة، والّتي "ليس لها مصالح في السّلطة: لا سياسيّة ولا اقتصاديّة ولا أيديولوجيّة. لأنّها ليست دبلوماسيّة مثل تلك الّتي تتبعها الدّول الفرديّة الّتي تهتمّ بمصالحها الخاصّة ولكنّها تهتم بتعزيز الخير العامّ"؛ لافتًا إلى ما يحمل الإنجيل من تعليم مستمرّ إذ "يربّي على فنّ التّحرّك نحو السّلام، ويخرج، إذا جاز التّعبير، الأفراد والأمم والشّعوب من دوّامة الحرب والحقد والكراهيّة لكي يقودهم على طريق الحوار والبحث عن الخير العامّ".

وفي كلمته، عبرّ غالاغير عن التّخوّف من الحروب على أنواعها، بخاصّة من الحرب في أوكرانيا، مشيرًا إلى أنّه بالرّغم من كلّ الجهود الّتي يبذلها البابا فرنسيس والكرسيّ الرّسوليّ من أجل تحقيق السّلام، إلّا أنّه "يتم حتّى الآن فتح نافذة مفيدة من أجل تعزيز وساطة السّلام بين روسيا وأوكرانيا".  

كما توقّف عند الحروب الّتي تغذّيها الأموال والأسلحة، وتساءل: "كيف يمكن ادّعاء تصرّفات صحيحة إذا واصلنا إمداد الأطراف المتنازعة بالسّلاح؟"، موضحًا أنّه "وفي هذا الصّدد، "يؤيّد الكرسيّ الرّسوليّ الدّبلوماسيّة الّتي يجب أن تعيد اكتشاف دورها كحاملة للتّضامن بين الأفراد والشّعوب وكبديل للسّلاح والعنف والإرهاب. دبلوماسيّة تصبح ناقلة للحوار والتّعاون والمصالحة، جميع هذه الأمور الّتي تحلّ محلّ الادّعاءات المتبادلة، والمعارضات بين الأشقّاء، وفكرة رؤية الآخرين كأعداء أو رفض الآخر كلّيًّا".  

هذا ولفت إلى أنّ "التّحدّي يكمن دائمًا في المساهمة في تحسين التّفاهم المتبادل بين الّذين يخاطرون بتقديم أنفسهم كقطبين متعارضين"، مضيفًا أنّ "الجامعة هي المكان المتميّز من أجل تنمية ثقافة السّلام".

وشدّد غالاغير في مداخلته على التزام الكنيسة باحترام حقوق الإنسان، ليس فقط "السّياسيّة والمدنيّة"، وإنّما أيضًا تلك "الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة" الّتي تمّ تأكيدها في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، وقال: "وفي عالم غالبًا ما تكون فيه انتهاكات حقوق الإنسان مستمرّة وخطيرة، تدعونا الكنيسة إلى الاعتراف بالاعتماد المتبادل بين الشّعوب كشرط مسبق لروح الأخوَّة. وإذا تحقّق ذلك بشكل كامل، يمكن لإرث حقوق الإنسان، الّذي أعلنه المجتمع الدّوليّ رسميًّا لخمس وسبعين سنة خلت كأساس لنظام جديد في أعقاب أهوال الحرب، أن يكون اليوم أيضًا نقطة مرجعيّة للمجتمع الدّوليّ". وأشار بشكل خاصّ إلى أزمة الحرب في أوكرانيا الّتي طبعت "أزمة عميقة للنّظام المتعدّد الأطراف والمنظّمات الكبيرة، ولاسيّما الأمم المتّحدة". وهو يأمل: "ما مدى ضرورة إصلاح عمل هذه المنظّمة بطريقة أكثر تمثيليّة، تأخذ بعين الاعتبار احتياجات جميع الشّعوب! ولذلك نحتاج إلى دعم المجتمع الدّوليّ بأسره وإلى أن نستعيد "روح هلسنكي"".

وحذّرغالاغير من "خطر أن تصبح أوروبا أكثر فأكثر جسدًا- ربّما يبدو في الظّاهر منظَّمًا بشكل جيّد وفعّال- وإنّما بدون روح؛ الأمر الّذي يتناقض بشدّة مع الهويّة الحقيقيّة لأوروبا الغنيّة بالتّاريخ والتّقاليد والإنسانيّة. جانب يتعلق باحترام كرامة الأشخاص."  

أخيرًا، توقّف- بحسب "فاتيكان نيوز"- عند واقع "أنّ المسؤوليّة السّياسيّة يجب أن تُعاش "تحت شعار الرّحمة، كشكل سامٍ لعيش المحبّة"، "فلا يمكننا أن نستسلم لواقع أنّه يمكن للحرب في أوكرانيا أن تستمرّ لفترة طويلة مع عواقب مأساويّة لا يمكن تصوّرها"، وأضاف أنّه "حتّى لو لم يكن هناك في الوقت الحاليّ أيّ فرصة لمفاوضات محتملة، يجب ألّا نفقد الأمل أبدًا، ولاسيّما نحن المؤمنين بالمسيح، علينا أن نحافظ على نموذج السّلام والثّقة بالله حيًّا بأنَّ هذه الحرب ستنتهي، حتّى لو لم تكن النّهاية الّتي تخيّلها الرّئيس زيلينسكي أو الرّئيس بوتين. نحن جميعًا نريد سلامًا عادلًا، وإنّما سلام يجب أن يأتي ولكي نفعل ذلك، إذا لزم الأمر، علينا أن نبدأ أيضًا في التّفكير بـ"ما لا يمكن تصوّره". سلام ملموس وقابل للتّغيير ومتطوّر، يكون رابطًا لعمليّة فاضلة جديدة بين الأطراف المتنازعة وليس مجرّد إسناد لفائزين وخاسرين".