متفرّقات
08 تموز 2022, 07:20

عوده لمتعلّمي السّيّدة الأرثوذكسيّة في تخرّجهم: أوصيكم ألا تتوقفوا عن نهل المعرفة وعن متابعة التّعلّم

الوكالة الوطنيّة للإعلام
أقامت "ثانوية السيدة الأرثوذكسية، حفل تخريج 81 متعلّمًا، في الصفوف الثانوية، برعاية متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، وحضور مديرة المدرسة بيسان عيسى، والخريجين وذويهم، والأسرتين التعليمية والإدارية في المدرسة. وبدأ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، فصلاة شكر وبركة.

وألقى الأب بورفيريوس، كلمة المطران الياس عوده، فقال: "أيها الطالبات والطلاب الأحباء، إِنها لحظة الوداع، وداع مرحلة قضيتموها في رحاب مدرستكم، تنهلون العلم وتتدربون على القيم والفضائل التي ستكون لكم الزاد المغذي في حياتكم، ووداع معلّمات ومعلّمين أمضيتم معهم وقتًا مليئًا بما تحبّون وبما لا تحبّون، لأنّ المربين لا يقومون بما يعجبكم بل بما يفيدكم، وقد أخذوا على عاتقهم تعليمكم، وتنشئتكم على حبّ الله وحبّ الوطن، وعلى احترام الإنسان ومعاملته كالنفس، وعلى احترام الطبيعة والبيئة، وعلى التفكير بعمق ودقة وحس نقدي".

وتابع: "إن التعليم هو السلاح الأمضى الذي في إمكانه أن يغير وجه العالم لأنه يخرجه من قتام الظلام إلى النور والحرية والحياة. بالعلم يقهر الجهل والتخلّف، وبالعلم يدرك الإنسان محدوديته وعظمة الله. العلم يكسب الإنسان قوة لمواجهة المصاعب والعقبات، والثقافة تحرّره لأنها تفتح له آفاقًا مجهولة وتوسع معرفته وتنمّي عقله، لذا أوصيكم ألا تتوقفوا عن نهل المعرفة وعن متابعة التعلّم مهما بلغ عدد سنيكم... سوف تنطلقون إلى التحصيل الجامعي وبعدها إلى الحياة العملية، ولكن عليكم أن تتذكروا دائمًا أنكم مهما كانت شهاداتكم عالية، ما زلتم تجهلون الكثير، وما زال عليكم متابعة التعلّم والتبحّر في المعرفة. هذا صعب في بلدنا لأن جهد الإنسان صار منصبًّا على التحصيل المادي عوض تحصيل العلم، بسبب قساوة الحياة وصعوبة الظرف الذي نعيشه. ولكنني أؤكد لكم أن لا شيء دائم إلا وجه الله، ولكل شيء نهاية. لذلك حاولوا أن تعيشوا كما تعلّمتم في مدرستكم، حياة سليمة، حرّة، شفّافة، عميقة، مرتكزة على الأخلاق والقيم. لا تستعبدوا أنفسكم إلا لله الذي خلقكم أحرارًا ومنحكم نعمة التمييز".

وأضاف: "بلدنا انزلق إلى التفاهة والمادية والتسطيح لأنه فقد النخب والطاقات المبدعة. الفساد معشش في النفوس وفي معْظم مرافق الحياة، والكبرياء وحبّ الأنا يعمي البصائر.  نحن لا نعيش في الفقر المادي وحسب، وإنما أيضًا في الفقر الخلقي والفكري والثقافي والسياسي، فكونوا النخبة في مجتمع صار يفتقد إلى النفوس الكبيرة، إلى المواقف الكبيرة، إلى الرجالات الكبار والنساء العظيمات. كونوا مؤمنين بالله، حقيقيين متواضعين وودعاء كما أوصانا الرّبّ يسوع عندما قال: "كونوا كاملين كما أنّ أباكم الذي في السّماوات هو كامل" (متى 5: 48)"... وتعلّموا مني لأنّي وديع ومتواضع القلب" (متى 11: 29). كونوا مواطنات ومواطنين أمناء لبلدكم، تحترمون سيادته ووحْدته وحريته ودستوره وقوانينه وتعملون من أجل المحافظة عليها".

وختم: "لبنان يمرّ في أزمة عصيبة وهو في حاجة إلى كل أبنائه ليستعيد عافيته فلا تهجروه ولا تهملوه أو تنسوه. هو في حاجة إلى كل واحدة وواحد منكم، إلى علمكم وعملكم من أجل انتشاله من ركامه بالمبادئ والرؤيوية والوطنية والتجرد والنزاهة والجرأة في رفض ما يجب رفضه والقبول بما يجب قبوله، وبخاصة في الأمانة والصدق ونبل المواقف. أنتم الخميرة التي ستخمر المجتمع اللبناني ليعود واعيًا وفاعلًا ومبدعًا فلا تخافوا ولا تترددوا ولا تقصّروا. بارككم الرّبّ الإله وحفظ وطننا من كل مكروه".

كلمة لجنة الأهل

وألقى مروان كعكي كلمة لجنة الأهل شاكرًا لإدارة "ثانوية السيدة الأرثوذكسية" جهودها المبذولة، وقال: "يسعدني أن أكون معكم اليوم، في هذا الحفل الكريم الذي نحتفل به بانتهاء مرحلة انتظرتموها وانتظرناها طويلًا، مرحلة مليئة بالجهود، المثابرة، التحديات والتضحيات في كل المجالات".

كما وتوجه إلى الخريجين قائلًا: "... كونوا أوفياء لمدرستكم، وفخورين بها، كونوا محبّين لبعضكم، فصديق المدرسة هو صديق العمر. داوموا على التواصل بين بعضكم ولا تنقطعوا عن ذلك مهما باعدتكم الأيام والمسافات"...

تكريم لين وليانا

وبعد توزيع الشهادات على الخريجين، قدّمت جمعية القديس بورفيريوس، الذراع الاجتماعية،  لمطرانية بيروت، جائزتين نقديتين إلى لين خير اللّه (علم الاجتماع والاقتصاد) وليانا تقي الدين (فرع علوم الحياة)، تقديرًا لتميزهما خلال العام الدراسي.

ومن ثم ألقت المتعلّمة لين خير اللّه كلمة الخريجين، داعية رفقاءها إلى التسلّح بما قدمته إليهم السنوات المنصرمة من مخططات تحضيرًا لمستقبلهم، وطلبت منهم "التقليل من القلق في شأن المجهول". كما وخصّت الأهل والمربين بلفتة شكر وتقدير.

وقالت: "... مررنا عبر أبواب اليوم الأول من روضة الأطفال، قبل 15 عامًا فقط... وتناولنا الحبر والريشة، وبدأنا نملأ الصفحات الأولى من قصصنا. ولكن الآن حان الوقت لنقول وداعًا لهذا الفصل من حياتنا. نستعدّ لقلب الصفحة، وتتدفق الذكريات مثل شلال من الأحلام اللامتناهية، حيث نقف وجها لوجه مع كل من عبر طريقنا... قدّمت إلينا مخططات هذا الفصل، لنكون جاهزين لكتابة باقي قصصنا بأنفسنا. نعم، زملائي الخريجين، نحن مؤلفو مستقبلنا، بقدر ما قد يبدو هذا مخيفًا"...

كما وعرض في المناسبة وثائقي عن "جمعية القديس بورفيريوس"، الذراع الاجتماعية لمطرانية بيروت الأرثوذكسة وعن أعمالها وتقديماتها.