دينيّة
20 كانون الأول 2022, 08:00

عن مار أغناطيوس الأنطاكيّ...

ريتا كرم
هو "المشتعل" بالله كما يشير إسمه المشتقّ من اللّاتينيّة، وممتلئ من الرّوح القدس. هو الولد الّذي أخذه الرّبّ بين ذراعيه قائلاً: "من وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الأعظم في ملكوت السّموات. ومن قَبِل ولدًا واحدًا مثل هذا باسمي فقد قبلني." (متّى 4:18- 5)، هو القدّيس أغناطيوس الأنطاكيّ الّذي يدعو نفسه بـ "العامل الإله" أو "المتوشّح بالله" الّذي حفظ وصايا الله وعمل الصّلاح لأجله وحبًّا به.

 

اكتسب القدّيس أغناطيوس الأنطاكيّ محبّة كلّ الكنائس فكلّمها بسلطان الرّوح بأعلى صوته، "صوت الله" يناديهم من أجل "الوحدة في المحبّة" فـ"الوحدة تسمو على كلّ الخيرات".

كما عُرف عنه سعيه إلى تشديد المعترفين بالمسيح في وقت الاضطهادات والمحن، فكان يزورهم في السّجن ويثبّتهم بإيمانهم لأنّ الله اصطفاهم ليشهدوا له. وكم تشوّق أن يصبح من بين هؤلاء المصطفين المعترفين الشّهداء فيضحي تلميذًا حقيقيًّا للمسيح. وعندما أمر الإمبراطور أن "يُقيَّد ويُساق إلى رومية لتفترسه الوحوش هناك تسلية للشّعب"، هتف إغناطيوس فرحًا: "أشكرك، ربّي، لأنّك أهّلتني للكرامة إذ أنعمت عليّ بعربون المحبّة الكاملة لك وأن أُقيّد بسلاسل من حديد، أسوة برسولك بولس، من أجلك".

خلال مسيرته، كتب عددًا من الرّسائل فجاء كلامه امتدادًا للإنجيل، ولرسائل بولس الرّسول بشكل خاصّ الّذي تأثّر به تأثّرًا واضحًا. ولعلّ أبرز ما كتب عنه هو "الشّهادة"، فهو القائل:"القريب من السّيف قريب من الله... أن تكون وسط الوحوش يعني أنّك مع الله شرط أن يكون ذلك باسم يسوع المسيح. إنّي أحتمل كلّ شيء لأتألّم معه..." (إزمير:4‏).

تحقّق حلم المشتعل بالله عندما أتيحت له فرصة العمر أن يكون تلميذًا حقيقيًّا للمسيح في 20 ك1/ ديسمبر، إذ سيق إلى حلبة المدرج الرّومانيّ في رومية ليكون طعمًا للأسود؛ فقدّم نفسه- بفرح وثبات- قربانًا على مذبح الشّهادة، و"طرح نفسه للوحوش كما يطرح المرء ثوبه عنه" (يوحنّا ذهبيّ الفمّ).

واليوم، في عيده، نصلّي معه إلى كلّ نفس بحاجة أن تحيا مع الله ونكتب مقتبسين من رسالته إلى أهل رومية: "أغفروا لي يا إخوتي، دعوني أحيا، أتركوني أموت... أتركوني أقتدي بآلام ربّي... إنّ رغبتي الأرضيّة قد صلبت ولم تبقَ فيّ أيّ نار لأحبّ المادّة. لا يوجد فيّ غير ماء حيّ يدمدم في أعماقي ويقول تعال إلى الآب... لا أريد أن أحيا كما يحيا البشر... تشجّعوا حتّى النّهاية بانتظار يسوع المسيح".