دينيّة
21 كانون الثاني 2018, 14:00

عن صمود الإيمان.. وسط عشوائيّة مواقع التّواصل الاجتماعيّ

ماريلين صليبي
وسط عشوائيّة مواقع التّواصل الاجتماعيّ، يقف الإيمان في دوّامة التّهديد، تهديد ناجم عن سير الشّباب في طرقات وعرة تحدّها هاوية الانجراف صوب الخطيئة، تهديد تشرّع أبوابه منابر رقميّة لا تجد فيها الأخلاق مكانة، فكيف يصمد الإيمان إذًا؟

 

هي إشكاليّة طرحها موقع "نورنيوز "الإخباريّ على كاهن رعيّة مار سمعان العموديّ- القليعات الأب يوسف مبارك الذي عرّف أوّلًا بالإيمان مشيرًا إلى خطورة التّواصل الاجتماعيّ لأنّه سيف ذو حدّين، وعارضًا الحلول التي ينبغي اتّباعها.

قال الأب مبارك إنّ "الإيمان فضيلة إلهيّة تندرج إلى جانب الرّجاء والمحبّة اللّتين تحدّث عنهما مار بولس. هو حالة نفسيّة تتبع الرّوح وتلازمه لتصبح عادة معيوشة تختلف عن العادات الأخرى لأنّها تفترض فعلًا يميّز بين الجيّد والسّيّئ. ومن هنا يتمكّن المرء من القيام بفعل الاختيار والانفتاح على عادة أدبيّة ونهج خلقيّ يسعى من خلالهما وراء الله، الخير الأسمى".

وأضاف الأب مبارك أنّ "الإيمان أتى من قلب الكنيسة: إيمان بطرس إيماني وإيماني إيمان بطرس. وهنا لا بدّ من الانتباه إلى الفرق بين العبادة الحقيقيّة والوحيدة لله الثّالوث من خلال يسوع المتجسّد بالقربان وبالكتاب المقدّس وبين الوسائل الإيمانيّة المبالغة والهستيريّة التي تشتّت فعل الإيمان الحقيقيّ تقودنا إلى الشّعوذات والوثنيّات".

وأوضح الأب مبارك أنّ "الإيمان ليس بكثرة الكلام، فكثرة الكلام لا تخلو من الذّلل وتشوّه حقيقة الإيمان وتخلق نوعًا من الإنقسام. بل للإيمان علامات تأسيسيّة هي: المعرفة بالكتب المقدّسة وتعليم الكنيسة الرّسميّ والتّخطّي لفلسفاتنا الذّاتيّة والإيديولوجيّات المحيطة بنا والاستسلام لمشيئة الرّبّ".

وعاد الأب مبارك إلى أصول الكلمة إذ أشار إلى أنّ "كلمة إيمان هي متأتّية من مصدر الأمانة، والأمانة هي وجه عملي لحالة الإيمان تعبّر عن روح العلاقة بين الله وشعبه، والأمانة مصدرها الله لأنّه "هو الأمين" وتجسّد الإيمان وهي موقف يعلن الإنسان من خلاله وفاءه وإخلاصه إلى الله".

غير أنّ للإيمان مشاكل متمثّلة أبرزها، بحسب الأب مبارك، بمشكلة اللّقاء بين ما نتعلّم وما نعيش، فحقيقة الحياة التي ظهرت في المسيح تجسّدت في أفعال المسيح، أمّا نحن فمع وسائل التّواصل الاجتماعيّ التي هي منابر مفتوحة من دون حسيب ولا رقيب، تصبح الحرّيّة حرّيّة إنفلاش لا إنفتاح، حرّيّة غير مسؤولة. لذلك، علينا عيش التّوازن بين الحريّة بحسب حريّة أبناء الله والابتعاد عن حريّة الإنفلاش، وبين التّحفّظ لدرجة الكبت.  

ويصرّ الأب مبارك على العودة إلى تعليم الكنيسة الرّسميّ الموزون ومعرفة اللّجوء إلى شرّاح الكتاب المقدّس وتعليم الآباء. كما يؤكّد عدم الحياء بالمجاهرة بالإيمان بأخلاقيّة واحترام الآخر والتّبشير بحقيقة إيماننا المبنيّ على المحبّة لأنّ الله يحبّنا بمجّانيّة مطلقة ويريد خلاص الجميع.

فيمكننا تحويل فساد مواقع التّواصل الاجتماعيّ، بحسب الأب مبارك، إلى "منابر للتّبشير الحقيقيّ ضمن أصول التّعليم المسيحيّ الكاثوليكيّ الذي يقول إنّ على تلميذ المسيح المحافظة على الإيمان وعيشه وإعلانه والعمل على نشره والاعتراف بشراكة الله المطلقة القائمة والإلتزام بالصّدق والحقيقة".

الإيمان إذًا عطيّة من الرّبّ على الإنسان التّجاوب بأمانة معها، وهو عطيّة من الرّوح القدس، فالتّصدّي لمواقع التّواصل الاجتماعيّ هو بتسخيرها لتكون منابر للبشارة فبقدر ما يفتح الإنسان قلبه لعمل الرّوح القدس، بقدر ما يصبح هذا الإيمان واضحًا مشكّلًا سلاحًا لخلاص الإنسان.