الفاتيكان
16 كانون الثاني 2023, 07:30

عشيّة أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين، هذا ما أعلنه البابا فرنسيس!

تيلي لوميار/ نورسات
"من الثّامن عشر وحتّى الخامس والعشرين من كانون الثّاني يناير الجاري سيُقام أسبوع الصّلاة التّقليديّ من أجل وحدة المسيحيّين. إنَّ موضوع هذا العام قد أُخذ من النّبيّ إشعياء: "تعلّموا الإحسان والتمسوا الحقّ، قاوموا الظّالم". لنشكر الرّبّ الّذي يقود شعبه بأمانة وصبر نحو الشّركة الكاملة، ولنطلب من الرّوح القدس أن ينيرنا ويعضدنا بعطاياه".

هذه الكلمات تعود للبابا فرنسيس الّذي في ختام صلاة التّبشير الملائكيّ ذكّر بأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين، معلنًا، في سياق متّصل، عن عشيّة صلاة مسكونيّة مع الشّباب على نيّة أعمال الجمعيّة العاديّة العامّة السّادسة عشر لسينودس الأساقفة قائلاً: "إنّ المسيرة نحو وحدة المسيحيّين ومسيرة الارتداد السّينودسيّة للكنيسة هما مرتبطتان. لذلك، أغتنم هذه الفرصة لكي أعلن عن وقفة صلاة مسكونيّة ستُعقد في ساحة القدّيس بطرس يوم السّبت المصادف 30 أيلول سبتمبر 2023، سنوكل فيها إلى الله عمل الجمعيّة العامّة العاديّة السّادسة عشرة لسينودس الأساقفة. بالنّسبة للشّباب الّذين سيأتون إلى عشيّة الصّلاة هذه، سيكون هناك برنامج خاصّ طوال عطلة نهاية الأسبوع تلك، تنظّمه جماعة تيزيه. أدعو منذ الآن الإخوة والأخوات من جميع الطّوائف المسيحيّة لكي يشاركوا في لقاء شعب الله هذا".

وكان البابا قد ألقى كلمة قبيل الصّلاة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يقدّم لنا الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيا اليوم شهادة يوحنّا المعمدان عن يسوع، بعد أن عمّده في نهر الأردنّ. ويقول: "هذا الَّذي قُلتُ فيه: يأتي بَعْدي رَجُلٌ قد تَقَدَّمَني لأَنَّه كانَ قَبْلي".

يكشف هذا الإعلان عن روح خدمة يوحنّا. فهو قد أُرسل لكي يُعدَّ الطّريق للمسيح وقد فعل ذلك باذلاً نفسه. من النّاحية البشريّة، يمكننا أن نفكِّر أنّه سينال "جائزة"، أو يحصل على مكان بارز في حياة يسوع العلنيّة. ولكن لا، بعد أن أتمَّ مهمّته، عرف يوحنّا كيف يتنحّى، وينسحب ليفسح المجال ليسوع. لقد رأى الرّوح ينزل عليه، وأشار إليه كحمل الله الّذي يحمِل خَطيئَةَ العالَم وهو الآن يضع نفسه بدوره في إصغاء متواضع. كان يعظ الشّعب وجمع تلاميذًا ونشَّأهم لفترة طويلة. ومع ذلك فهو لم يربط أحدًا منهم بنفسه. وهذا أمر صعب ولكنّه علامة المربّي الحقيقيّ: ألا يربط الأشخاص بنفسه. هكذا فعل يوحنّا: لقد وضع تلاميذه على خطى يسوع. فهو لم يهتمَّ بأن يكون له أتباع، أو أن يحصل على الامتيازات والنّجاح، ولكنّه شهد ثمّ تراجع خطوة إلى الوراء، لكي يكون لكثيرين فرح اللّقاء بيسوع.

بروح الخدمة الّذي يتمتّع به، وقدرته على إفساح المجال، يعلّمنا يوحنّا المعمدان شيئًا مهمًّا: التّحرّر من التّعلّق. نعم، لأنّه من السّهل أن نتعلَّق بالأدوار والمناصب، وبالحاجة إلى التّقدير والمكافأة. وهذا الأمر، على الرّغم من كونه طبيعيًّا، ليس شيئًا جيّدًا، لأنّ الخدمة تتضمّن المجّانيّة، والاهتمام بالآخرين بدون أيّ مكسب، وبدون دوافع خفيّة. سيساعدنا نحن أيضًا أن ننمّي، مثل يوحنّا، فضيلة التّنحّي جانبًا في الوقت المناسب، ونشهد أنّ نقطة مرجعيّة الحياة هي يسوع.

لنفكّر في مدى أهمّيّة هذا الأمر بالنّسبة للكاهن، الّذي دُعيَ للوعظ والاحتفال لا من منطق الرّيادة وحبّ الظّهور أو المصلحة الذّاتيّة، وإنّما لكي يرافق الآخرين إلى يسوع. لنفكّر في مدى أهمّيّة الوالدِين، الّذين يربّون أبناءهم مقدّمين تضحيات كثيرة، ولكن عليهم بعدها أن يتركوا لهم الحرّيّة لكي يأخذوا طريقهم الخاصّ في العمل، وفي الزّواج، وفي الحياة. إنّه لأمر جيّد وصحيح أن يستمرّ الوالدون في تأكيد حضورهم قائلين لأبنائهم: "لن نترككم وحدكم"، ولكن بتحفُّظ، وبدون تطفّل أو تدخُّل. وينطبق الشّيء نفسه على مجالات أخرى، مثل الصّداقة والحياة الزّوجيّة والحياة الجماعيّة. أن نعرف كيف نبتعد عن تعلُّقات الأنا وأن نعرف كيف نتنحّى هو أمر مكلف، ولكنّه مهمّ جدًّا: إنّه الخطوة الحاسمة لكي ننمو بروح الخدمة.

أيّها الإخوة والأخوات، لنحاول أن نسأل أنفسنا: هل نحن قادرون على أن نفسح المجال للآخرين؟ وأن نصغي إليهم، ونتركهم أحرارًا، بدون أن نربطهم بنا مطالبين بالإشادة والتّقدير؟ هل نجتذب الآخرين إلى يسوع أم إلى أنفسنا؟ وكذلك، على مثال يوحنّا: هل نعرف كيف نبتهج بحقيقة أنّ الأشخاص يسلكون طريقهم ويتبعون دعوتهم، حتّى لو كان هذا الأمر يتطلّب منهم أن ينفصلوا قليلاً عنّا؟ وهل نفرح بإنجازاتهم بصدق وبدون حسد؟

لتساعدنا العذراء مريم، أمة الرّبّ، لكي نكون أحرارًا من التّعلُّقات، ولكي نُفسح المجال للرّبّ ونعطي المجال للآخرين".