عبد الساتر بعيد مار جرجس: لنواجه الشرّ ولنتصدّ لكلّ انقسام
ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها: "يأتي عيد شفيع أبرشيّتنا وعاصمتنا هذه السنة، في زمن يبدو لنا وكأنّ الشر يسيطر على عالمنا أكثر من قبل، فالحروب الظالمة والعبثيّة جارية في أمكنة عدّة من هذا العالم. والأبرياء يُقتلون بسبب جنسيّتهم أو دينهم أو لون بشرتهم. والقويّ يستقوي ويغلّب منطقه على المنطق والعدل. والضعيف يُسحقُ وتُنتهك حقوقه وأرضه ولا أحد يُصغي حتّى إلى أنين نزاعه. والسارق يصير زعيمًا والمال يتحكّم بالضمير ويحوِّل الصالح إلى طالح والمتعدّي إلى مغبون والمذنبَ إلى بريء.
وأضاف: "إنقسامات داخل الوطن الواحد من أجل مصالح شخصيّةٍ أو من أجل الدين أو من أجل مشروع خارجيّ يبدأ تنفيذه من عندنا، وانقسامات داخل العائلة الواحدة من أجل رضا زعيم أو بسبب عقيدة تدعي أنها الحقيقةُ المطلقة."
وتابع: "أمام هذا الواقع، ماذا نفعل نحن المسيحيّين في العاصمة وفي لبنان؟ إنّنا نقلق ونخاف أو نتذمّر ونلعن الأيّام أو نشيح بنظرنا ونكتفي بأن نطلب من الله أن يُصلح كلَّ "شيء.
وأكمل: "نحن هنا في هذه الكاتدرائيّة، لنحتفل بعيد القدّيس الشهيد جرجس، ومن ثمّ نخرج في نهاية احتفالنا لنعود إلى القلق والخوف والتذمّر وكأنَّ الربَّ يسوع لم ينتصر على الموت والشرّ وكأنّنا لسنا أصحابَ دعوةٍ ورسالةٍ في لبنان وفي المنطقة كلِّها".
وأضاف المطران عبد الساتر: "اختار قدّيسنا جرجس وبدفع من الروح القدس أن ينهض، ولو لوحده، ليتصدّى للتنين، أي للشرّ، لأنّ التنين هو تجسيد له. لم يقلق ولم يكتف بالتذمرّ ولم يَخَفْ من الموت. قابلَ التنين وانتصر عليه ليس بقوّته هو بل بقوّة الرب يسوع الذي انتصر على الموت وعلى كلِّ شر. فشفيعُنا عاش كلَّ يوم ثابتًا في الربّ يسوع كما غصنُ الكرمة ثابتٌ فيها، يحيا به ومعه. بيسوع بادر وبه واجه وبه انتصر، وأمّا الثّبات في الربّ فيعني الوقوفَ في حضرته ومناجاته والإصغاءَ إليه، والتأمّل في كلمة الحياة لنتبيَّن إرادته فينا ولنقوى على عيشها. والثبّاتُ في الرب يعني كذلك القيامَ بعمل الربّ في هذا العالم لخير العالم من دون خوف ومن دون حسابات".
تابع المطران عبد الساتر: "نحن الذين اجتمعنا في هذا المساء لنصلّيَ في عيد شفيع أبرشيّتنا، نحن مدعوّون أوّلًا لأن نثبت في يسوع لكي نعمل عمله وإرادته. ونحن مطلوبةٌ منّا مواجهةُ الشرّ من خلال مواجهة الظالم كائنًا من كان والمعتدي فلا ندعمُه حتّى ولو كان أخًا لنا. لنتصدَّ لكلّ انقسام في الوطن والعائلة لأي علّة كانت، لنفضح الفساد حيثما وُجد والمُفسدَ فلا نقفُ خلفَه ولو كان له فضلٌ علينا. نحن المسيحيّين في لبنان مدعوّون إلى قول الحقّ وإلى عدم محاباة الوجوه وإلى تقديم الإنسان وخيره على الانتفاع الماديّ الشخصيّ"، قائلًا: "كما أنّنا مدعوّون إلى أن نخرج من الكنيسة ونحيا قيمنا المسيحيّة ونعمل من أجل بناء عالم أفضل لأنّ القلق والتذمّر والخوف لا يُجدُون كما أنّ لعن الأيّام وشتم الآخر ومحاربته لا يغيِّرون شيئًا. آمين".
وفي ختام القدّاس الذي خدمته جوقة رعيّة مار يوسف - بيروت، رفع عبد الساتر والجمع الحاضر الصلاة على نيّة العدالة والسلام، وبخاصّة في قضيّة انفجار الرابع من آب، في مبادرة من اللجنة الأسقفيّة عدالة وسلام المنبثقة عن مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان.