لبنان
19 أيار 2025, 11:15

عبد السّاتر احتفل بقدّاس عيد دو لاسال في مدرسته بحضور خرّيجها الرّئيس عون

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة عيد القدّيس جان باتيست دو لاسال، مؤسّس المدارس المسيحيّة "الفرير"، احتفل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد السّاتر، خرّيج مدرسة الفرير- مون لاسال، بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة المدرسة في عين سعادة، بدعوة من رابطة القدامى فيها، عاونه فيه المونسنيور بيار أبي صالح والخوري شربل بشعلاني، بمشاركة الزّائر العامّّ لمدارس "الفرير" في الشّرق الاوسط الأخ حبيب زريبي ولفيف من الآباء والإخوة، وبحضور رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون خرّيج المدرسة، والوزيرين جو عيسى الخوري وبول مرقص، والنّائبين ابراهيم كنعان وسيمون أبي رميا، وعدد من القيادات العسكريّة والأمنيّة والقضاة والنّقباء، ورؤساء بلديّات، وشخصيّات سياسيّة وقضائيّة ونقابيّة وصحّيّة واجتماعيّة وثقافيّة وإعلاميّة، وعائلة المدرسة: رئيسها وأعضاء الهيئتين الإداريّة والتّعليميّة فيها، ولجنة الأهل، ورئيس رابطة الخرّيجين جورج خوري وأعضاء الرّابطة، وحشد من الخرّيجين.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد السّاتر عظة جاء فيها: "ها نحن نلتقي من جديد لنحتفل سويّة بعيد القدّيس جان باتيست دو لا سال، مؤسّس جمعيّة إخوة المدارس المسيحيّة، الّذي تحرّك قلبه لمّا رأى العديد من أطفال زمانه يعيشون في الطّرقات من دون علم ومن دون مستقبل. فترك بيته وباع ما يملك في سبيل تعليمهم وتربيتهم على القيم المسيحيّة والإنسانيّة الصّحيحة يساعده متطوّعون تركوا أيضًا عائلاتهم وتبعوه وكرَّسوا حياتهم لهذه الرّسالة وبدأت المسيرة الّتي لا تزال مستمرّة حتّى يومنا بنعمة الله وبسخاء القلوب المُحبَّة الّتي تتكرّس لهذه الخدمة.

وها نحن نلتقي أيضًا بالفرح حول فخامة رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون الّذي هو من قدامى هذه المدرسة والّذي يحمل في قلبه محبّة لبنان بكلّ مناطقه وكلّ أهله.

فخامة الرّئيس، نحن نوقن عِظَم التّحدّيات الّتي تواجهونها منذ تولّيكم خدمة الرّئاسة وصعوبة المهمّة. فنحن لا نزال نذكر كيف كانت حال البلد قبلكم. ونحن نلمس كيف تعملون بكدٍّ ومن دون راحة وبصمت وبكثير من الرّويّة والصّبر ومن دون أن تستفزّوا أحدًا وبالتّعاون مع باقي المسؤولين المخلصين لتعيدوا للبنان عافيته ورونقه ليعود وطن الإنسان والكرامة والتّلاقي. وإنّنا نُدرك أيضًا أنَّ نجاحكم في مهمّتكم يستوجب أن يقف إلى جانبكم شعب ومسؤولون يواجهون معكم الفساد، ويعملون بذهنيَّة جديدة بعيدة عن ذهنيّة التّجّار وبعيدة عن التّعصّب.

فخامة الرّئيس، وجودكم على رأس الدّولة يطمئننا ويضع فينا الأمل بمستقبل أفضل. تأكّدوا من محبّتنا لكم ومن صلاتنا لأجلكم ولباقي المسؤولين ليلهمكم الرّبّ ما فيه خير الوطن والمواطن.

إخوتي وأخواتي،

نعمل في مؤسّساتنا التّربويّة على تأمين المعرفة والمهارات الّتي يحتاجها طلّابنا وطالباتنا لبناء مستقبل مزدهر لهم وليساهموا بشكل فاعل في بناء مجتمعهم، وهذا أمر حسن. وتتنافس المؤسّسات التّربويّة في ما بينها على استيراد أحدث البرامج العلميّة والتّقنيّات وأوفر المعلّمين والمعلّمات علمًا وأكثرهم احترافًا، وهذا أمر حسن أيضًا. وقد يعتبر بعض هذه المؤسّسات نفسه ناجحًا فقط إذا قلّد الخارج في أسلوب التّربية أو إذا اعتمد قيمه وأفكاره ورؤيته للعالم وللإنسان. وهذا أمر غير حسن.

أتذكّر أنّني لمّا كنت على مقاعد مدارس الفرير كنّا نبدأ نهارنا وحتّى كلّ ساعة بصلاة قصيرة. ونبدأ أسبوعنا بتوجيه قصير من الأستاذ الأساسيّ للصّفّ، فيه يحكينا عن جمال القيم الإنسانيّة والمسيحيّة ويحثّنا على عيشها وينبّهنا من ارتكاب ما يسيء إلينا وإلى الآخرين. لقد كان معلّمونا والإخوة يقفون إلى جانب أهلنا ويساهمون في تربيتنا لأنّ التّربية كانت الهمّ الأوّل والغاية الأساسيّة من المدارس. أرى أنّه من الضّروريّ أن تعود المدرسة إلى لعب هذا الدّور فيتربّى فيها التّلاميذ والتّلميذات على النّزاهة والصّدق والانفتاح على الآخر المختلف وعلى محبّة الوطن وخدمته فلا تكون مجرّد مكان للتّلقين.

إخوتي وأخواتي،

أشكر رابطة قدامى مدرسة المون لا سال على دعوتهم لي للاحتفال بهذا القدّاس وأصلّي معكم من أجل لبنان وشعبه ومن أجل فخامة الرّئيس ومن يتعاون وإيّاهم من المسؤولين ومن أجل أن يعمّ السّلام الحقيقيّ في منطقتنا. ونصلّي أيضًا من أجل أن تكون هذه المدرسة العريقة دومًا صرحًا للتّربية أوّلًا وللعلم بجهود الجميع وبتضحيات الإخوة ومحبّتهم المجّانيّة لطلّابهم وطالباتهم. آمين".

وكانت كلمة للأخ زريبي قال فيها: "جاء في كتاب معايير الهويّة للمؤسّسة اللّاساليّة "يوحنّا دو لاسال أراد لتلاميذه أن يكونوا مواطنين صالحين ومسيحيّين ملتزمين De bons chrétiens et de bons citoyens"، وها هي مدرسة المون لاسال تلتزم وتنفذ ما طلب قدّيسها وشفيعها، فنحن بحضرة تلميذين من تلامذتها: مواطن صالح بامتياز، فخامة الرّئيس، ومسيحيّ ملتزم بكلّيّته صاحب السّيادة، فأهلًا بكما في عائلتكما و بين إخوانكما. فخامة الرّئيس إنّ هذا اليوم مميّز، إذ نحتفل فيه بذكرى قدّيس منه نستلهم القيم نزرعها في قلوب طلّابنا حبّاتٍ صغيرة نرويها أخلاقًا ووطنيّة ومبادئ روحيّة فتنمو دوحة تتشبّث جذورها في عمق أعماق تراب لبنان وتمتدّ أغصانها لتظلّل الوطن كلّ الوطن. إنّه لشرف كبير أن تستقبلك هذه المدرسة يوم كنت طالبًا ويوم غدوت عماد الوطن، واليوم حين أصبحت أمل المواطنين. هذه المدرسة الّتي تحمل إلى جانب رسالة التّعليم رسالة بناء الإنسان والمواطن الصّالح. كما أرحّب بكلّ اعتزاز بسيادة راعي أبرشيّة بيروت المطران بولس عبد السّاتر السّامي الاحترام في مدرسته إذ هو ابن المون لا سال الّذي حمل قيمها فرفعها إلى أسمى مراتب الخدمة والعطاء حتّى أصبح رمزًا يحتذى به في الايمان والقيادة الرّوحيّة.

يوحنّا دو لاسال لم يكن فقط رجل إيمان، بل عاش بين النّاس شعر بآلامهم، أدرك عطشهم إلى المعرفة والعلم فكانت الرّسالة اللّساليّة المبنيّة على الثّقافة والمحبّة والعدالة و خدمة الآخرين وخاصّة المعوزين منهم. إنّها القيم الّتي كنّا ولا زلنا وسنبقى نرتكز عليها في تربية طلّابنا.

فخامة الرّئيس إنّ حضوركم اليوم بيننا هو رسالة عميقة تثبت أنّ الدّولة ترافق المدرسة وأنّ السّياسة الحقيقيّة تبدأ من هنا من الصّفوف والملاعب، من دفاتر التّلاميذ وأحلامهم، وأنّ السّياسة والتّربية هدفهما واحد وطن يستحقّه أبناؤه، وأبناء يستحقّون وطنهم.

فخامة الرّئيس وسيادة الأسقف باسمي وباسم رهبنة إخوة المدارس المسيحيّة– الفرير وباسم كلّ الحاضرين أشكركم على تلبية دعوة رابطة قدامى المون لا سال فوجودكم في هذا الصّرح التّعليميّ يعبّر عن ثقتكم بالرّسالة التّربويّة وإيمانكم أنّ السّياسة هي فلسفة الجسد والتّربية هي فلسفة الرّوح والجسد والرّوح لا ينفصلان. عشتم، عاشت المون لاسال، وليحيا لبنان".

كما كانت في الختام كلمة لرئيس رابطة القدامى جورج خوري قال فيها: "إنّه ليومٌ مشهود، بل لحظةٌ تاريخيّة، أن نلتقيَ بكم اليومَ في رحابِ مدرستِنا الأمّ، هذه المؤسّسة العريقة الّتي شكَلت بداياتِنا ونَهلت منها أرواحُنا قيمَ العلمِ والمعرفةِ والوطنيّةِ الصّادقة. وإنّ حضورَكم الكريم، فخامة الرّئيس، بينَنا اليوم، لهوَ أبلغُ دليلٍ على أصالةِ الانتماء وصدقِ الوفاءِ لهذه الدّار الّتي جمعَتْنا ذاتَ يومٍ على مقاعدِ الدّراسة. نستقبلُكم اليومَ لا كرئيسٍ للجمهوريّةِ فحسب، بل كأخٍ عزيزٍ وزميلٍ كريم، عادَ إلى جذورِه ليُضيءَ هذا اللّقاءَ بوجودِه. إنّ مسيرتَكم المضيئة، فخامة الرّئيس، من هنا، من بينِ هذه الجدران، وصولًا إلى أعلى هرمٍ في الدّولة، لهيَ مصدرُ فخرٍ وإلهامٍ لنا جميعًا، نحن خرّيجي هذه المدرسة الأبيّة. لقد أثبتُّم قولًا وفعلًا أنّ بذرةَ العلمِ والأخلاِق الّتي غُرسَت هنا، تُثمر عطاءً وقيادةً حكيمةً تخدمُ الوطنَ والمواطنين.

إنّ رابطةَ خرّيجي المون لاسال، وهي تلتقي اليومَ بكم وبكوكبةٍ من أبناءِ هذه المؤسّسة، تجدِّد العهدَ على الاستمرارِ في حملِ رسالةِ المدرسة السّامية، رسالةِ العلمِ والوحدةِ والتّفاني في خدمةِ مجتمعِنا ووطنِنا الحبيبِ لبنان. نسعى دائمًا لتعزيزِ التّواصلِ بين الخرّيجين، ودعمِ المسيرة التّعليميّةِ للمدرسة، والمساهمةِ الفاعلة في نهضةِ مجتمعنا. فخامةَ الرّئيس، إنّنا على ثقةٍ بأنّ رعايتَكم واهتمامَكم الدّائمَين بشأن رابطةِ قدامى الـMont La Salle، هما الضّمانةُ لمستقبلٍ مشرقٍ لأجيالِنا القادمة. ونحنُ، كخرّيجي هذه المدرسة، على أتمِّ الاستعدادِ لنكونَ عونًا وسندًا لكم في مسيرةِ بناء الوطنِ ورفعتِه.

في الختام، باسمي وباسمِ جميع خرّيجي مدرسةِ المون لاسال، وباسمِ إخوةِ المدارسِ المسيحيّة الـFrères وباسم المؤتمنينَ على المدرسة، أتوجَّه إليكُم، فخامةَ الرّئيس، بخالصِ الشّكِر والتّقديرِ على تشريفِكم لنا هذا اللّقاء. ونسألُ الله لكم التّوفيقَ والسّدادَ في مهامِكم الوطنيّةِ النّبيلة. كما ونشكر كلّ من ساهم في إنجاح هذا النّهار والقدّاس ونخصّ بالذّكر سيادة المطران بولس عبد السّاتر، رئيس أساقفة بيروت للموارنة السّامي الاحترام، وأعضاء Promo 

الـ٨٢ على رأسهم الزّميل إيلي الداية المحترم. نرجو منكم، فخامة الرّئيس، تقبُّل منا هذا الدّرعِ عربونَ تقديرٍ واعتزاز. عشتم وعاش لبنان."