عاش البطريرك الدويهي راعيًا تألّم من أجل قطيعه ومعه": الكاردينال سيميرارو
في خلال الذبيحة الإلهيّة الاحتفاليّة، ألقى الكاردينال سيميرارو عظة قال فيها: "في كثير من الأحيان، عندما نصلّي بالمزامير، يحدث أن نكرِّر الآية التي أنشدناها قبل إعلان الإنجيل: "الصدّيق كالنخل يزهر، ومثل أرز لبنان ينمي". وللنخل خاصّيّة: جذعه طويل وأجرد، ولكنه يرتفع نحو السماء وفي الأعلى يقدّم ثماره للبدو الذين يسيرون في الصحراء. هكذا يجب على الإنسان البارّ أن يكون: مصدر سلام وحياة لإخوته عندما يسيرون في الصحراء، أي في صعوبات الحياة. ثمّ هناك المقارنة الثانية التي تتحدّث عن "أرز لبنان" وعلى الأقلّ بالنسبة إليّ، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء؛ أنا الذي حضرت من روما، هذه الصورة لها تأثير خاصّ جدًّا. يتلألأ الأرز لجلالته ولخضرة أوراقه وجودة خشبه. وفي التفسير المسيحيّ، هو يمثّل المؤمن المغروس جيّدًا في بيت الله، الذي هو الكنيسة، والذي يمنح ذاته لخدمة إخوته".
تابع عميد دائرة دعاوى القدّيسين يقول: "عندما جاء البابا بندكتس السادس عشر إلى لبنان، ذكّر بأنّ الهيكل الذي بناه سليمان كان من خشب أرز لبنان، بالتالي لبنان كان حاضرًا في هيكل الله. نسمع كلمات البابا بندكتوس اليوم، مجدّدًا، بكثير من الرجاء: ليبقى لبنان اليوم، وسكّانه، حاضرين في هيكل الله! ليبقى لبنان مكانًا يعيش فيه الناس في وئام وسلام مع بعضهم البعض لكي يقدّم للعالم ليس فقط شهادة لوجود الله، وإنّما أيضًا شهادة للشركة بين الناس، مهما كانت انتماءاتهم السياسيّة والجماعيّة والدينيّة".
أضاف الكاردينال سيميرارو يقول: "بهذا الرجاء عينه، ننظر اليوم إلى الطوباويّ الجديد إسطفان الدويهي. لقد كان بطريركًا للكنيسة المارونيّة لأكثر من ثلاثين عامًا، في مرحلة صعبة جدًّا بسبب الاضطهاد الخارجيّ والانشقاق الداخليّ. وعلى مدى تلك السنوات كلّها، لم يعرف يومًا واحدًا من السلام والهدوء. لا بل وجب عليه مرّات عدّة أن يترك الكرسي البطريركيّ ليلجأ إلى أماكن أكثر أمانًا بالتأكيد، ولكن في ظروف صعبة. عاش كلّ شيء كدعوةٍ للمشاركة في آلام المسيح. لذلك لم يكن في قلبه أيّ استياء، بل كان يقول للذين أساءوا إليه واضطهدوه: "أنا أسامحك على ما فعلته بي، وأنا على استعداد لأن أعاني أكثر محبّةً بالربّ الذي تأّلّم ومات من أجلي".
تابع العميد يقول: "تشبّه الدويهي هكذا بصورة الراعي الصالح في الإنجيل واتّخذ يسوع قدوة ومرجعًا. سمعنا للتو كلماته: "أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف". هذه الصورة، إذا نظرنا إليها عن كثب، ليست مجرّد صورة راعي، وإنّما هي صورة "الراعي الصالح". وبالتالي ربّما علينا أن نفكّر في هذا القول للحظة. ماذا يريد الربّ أن يقول؟ وهل كانت هذه الإضافة ضروريّة؟ أعتقد ذلك، لأنّ النبيّ حزقيال كان قد تحدّث عن الرعاة الذين، بدلًا من أن يرعوا الخراف، كانوا يرعون أنفسهم. واليوم أيضًا، للأسف، تحدث مثل هذه الأمور".
أضاف الكاردينال سيميرارو: "ولهذا السبب يتحدّث يسوع عن الراعي "الصالح". نكون صالحين عندما نغذّي في قلوبنا النيّة لفعل الخير ثمّ نقوم به من خلال خيارات وتصرّفات مناسبة. لكن يسوع يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير: الراعي الصالح هو الذي يبذل نفسه في سبيل خرافه. وهذا ما اقتدى به الطوباويّ إسطفان حقًّا. عاش راعيًا تألّم من أجل قطيعه ومعه، وفعل جلّ ما في وسعه للدفاع عنه وحمايته ومساعدته على النموّ. لكنّه كان أيضًا حذرًا وحتّى دبلوماسيًّا. ففي إحدى رسائله المعروفة إلى الملك الفرنسيّ لويس الرابع عشر، كشف آلام الشعب كلّها وطلب منه أن يأخذ هذا الشعب تحت حمايته. هناك جانب آخر تميّز به الطوباويّ إسطفان، وهو جانب ذات آنيّة كبيرة في الكنيسة اليوم: الجانب المسكونيّ. في الواقع، مارس البطريرك إسطفان أيضًا المحبّة المسكونيّة، لأنْ حرّكه على الدوام شعورٌ قويّ بكاثوليكيّة الكنيسة التي تعيش في سياقات غالبًا ما تكون صعبة بسبب العلاقات مع الطوائف المسيحيّة الأخرى ومع الإسلام".
وختم الكاردينال مارتشيلو سيميرارو عظته بالقول: "إنَّ الأمثلة التي تصلنا منه هي إذًا أمثلة المحبّة الرعويّة، ومحبّة الكنيسة، والشعور بالأخوّة الكاثوليكيّة. لنطلب من الربّ إذًا أن نعرف نحن أيضًا كيف نعبّر بهذه الطريقة أيضًا، بشفاعة الطوباويّ إسطفان، عن كوننا كنيسة، وكوننا أصدقاء وإخوة في المسيح ربّنا".