لبنان
13 أيار 2021, 10:20

عازار: في يوم المدرسة الكاثوليكيّة تزداد قناعتنا بالتّربية والتّعليم لنحصّن تلامذتنا بالقدرة على الصّمود

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه الأمين العام للمدارس الكاثوليكيّة الأب بطرس عازار الأنطونيّ كلمة في يوم المدرسة الكاثوليكيّة قال فيها بحسب الوكالة الوطنيّة للإعلام:

"يتزامن يوم المدرسة الكاثوليكيّة هذه السّنة، وبالرّغم من قساوة الأيّام وضبابيّتها، مع مناسبات تحمل أكثر من علامة رجاء، منها: يتزامن هذا اليوم سنويًّا مع عيد صعود ربّنا إلى السّماء، وهو دليل على دور المدرسة الكاثوليكيّة في سعيها الدّائم والمتواصل "لتصعد" بأسرتها التّربويّة وبتنوّع مكوّناتها، إلى المراقي وإلى التّرفّع عن "عبادة الأنا التي هي أساس الفساد السّياسيّ والماليّ، ولأنّ على مذبحها يُضحّى بالقيم الأخلاقيّة ومخافة الله.

يتزامن أيضًا مع انتخاب حضرة الأب جان يونس، المرسل اللّبنانيّ، أمينًا عامًّا جديدًا للمدارس الكاثوليكيّة. وفي هذا الانتخاب دليل، ليس فقط على كفاءته وروحانيّته، وإنّما أيضًا على القناعة بضرورة استمراريّة الرّسالة التّربويّة التي تبنّتها الكنيسة وتجهد في لبنان في أن تكون دائمة الحضور في هذا النّشاط الإنسانيّ البالغ الأهميّة، وتفخر بأنّها تؤمّن التّعليم للعديد من الأولاد في كافّة أنحاء الوطن.

وهذا اليوم، يتزامن هذه السّنة، مع مناسبة عيد الفطر، وكأنّ العناية الإلهيّة أرادت من هذا التّزامن، الإضاءة على أنّ المدارس الكاثوليكيّة المنتشرة في كلّ لبنان الكبير، هي مؤتمنة، ليس فقط على التّعليم والتّربية، وإنّما أيضًا على التّنشئة على المواطنة الشّريفة وعلى احترام التّعدّدية والالتزام بثقافة العيش المشترك المسيحيّ الإسلاميّ، وبما تقتضيه من انفتاح فكريّ ومبادرات ومواقف، وهذه ميزة من ميزات تربيتنا.

هذا على الصّعيد اللّبنانيّ، أمّا على الصّعيد العالميّ، فلا بدّ من الإشارة إلى قرار المكتب الدّوليّ للمدارس الكاثوليكيّة باعتبار هذا اليوم، وابتداء من هذه السّنة، يومًا عالميًّا يتمّ الاحتفال به في أكثر من 103 بلدان، وبمشاركة أكثر من 68 مليون تلميذ.

في لبنان والعالم، ومع احتفالنا بهذا اليوم، تجدّد الأسرة التّربويّة الكاثوليكيّة التزامها بخدمة الإنسان "وصقل شخصيّته عن طريق تكوين الإرادة، والحرّيّة والمسؤوليّة واكتشاف مواهبه لرسم المستقبل وصنع التّاريخ.

بواسطة الميثاق التّربويّ العالميّ يضيء لنا قداسة البابا فرنسيس الطّريق لحسن الالتزام بهذه الخدمة ولمواجهة الواقع المأسويّ الذي سبّبته الأزمة الاقتصاديّة النّاتجة عن فيروس كورونا، من خلال ابتداع نماذج ثقافيّة جديدة، وباعتبار أنّ قوة التّربيّة هي التي تبدّل الأمور، لأنّها عمل رجاء، وهي أحد أكثر الطّرق فعاليّة لأنسنة العالم والتّاريخ، كونها، وقبل كلّ شيء، مسألة محبّة ومسؤوليّة.

نعم، في يوم المدرسة الكاثوليكيّة، تتوقّف مدارسنا عند كلّ هذه المحطّات الغنيّة، وعند غيرها أيضًا، وهو كثير، لنجدّد، نحن أهل التّربية والتّعليم، مناشدتنا لمن بيدهم القرار والسّلطة، احترام الحقّ بالتّربية لجميع النّاس، وحماية حرّيّة التّعليم وتأمينه للجميع، جودة ونوعيّة ومجّانيّة.

صحيح أنّنا في زمن لا يعطي فيه المسؤولون الأوّليّة للتّربية والتّعليم، كما يبدو، ولكنّ المدارس الكاثوليكيّة تحرص على التّعاون مع جميع المؤسّسات التّربويّة، ومع جميع أصحاب الإرادة الصّالحة، من هيئات إداريّة وتعليميّة وحكوميّة ومجتمعيّة ومدنيّة، على مختلف تنوّعها، للنّهوض بهذين الأساسَين من أجل بناء الوطن والإنسان.

هذا الحرص، النّابع من الالتزام بتوجيهات الكنيسة وتعاليمها، هو أيضًا جسر العبور إلى السّلام المنشود وإلى التّنمية المستدامة وإلى المواطنة الصّالحة. وكلّ ذلك لكي تبقى التّربية والتّعليم علامة رجاء للنّاس ورافعة الإنقاذ لوطن وعالم مصابَين بالإحباط بسبب الأزمات السّياسيّة والعقائديّة والاقتصاديّة، وحاليًّا بسبب جائحة كورونا التي قلبت حياة الشّباب رأسًا على عقب وزادت من نقاط ضعفهم.

في يوم المدرسة الكاثوليكيّة تزداد قناعتنا بالتّربية والتّعليم لنحصّن تلامذتنا بالقدرة على الصّمود وعلى إغناء أهداف التّنمية المستدامة بإبداعاتهم وتطلّعاتهم وبوقوفهم بوجه التّعدّيات على كرامة الإنسان وحماية الطّبيعة، بيتنا المشترك، ليبنوا لهم المجتمع الفاضل الذي يليق بهم وبمستقبلهم وبكلام الله المزروع في قلوبهم. أما قال عنهم يوحنّا الحبيب: "إنّكم أقوياء لأنّ كلمة الله ثابتة فيكم، ولأنّكم غلبتم الشّرير."

إنّنا نلتقي في هذا اليوم مع مكوّنات مدارسنا الكاثوليكيّة في لبنان وفي العالم، لنعلن التزامنا بروحيّة الميثاق التّربويّ العالميّ لقداسة البابا فرنسيس مقتنعين أنّ "بذرة الرّجاء تسكن في التّربية: رجاء السّلام والعدالة، ورجاء الجمال والصّلاح ورجاء الانسجام الاجتماعيّ".

بهذا الزّاد، وبغيره أيضًا، نمضي قدمًا، كلّنا معًا، كلّ واحد كما هو، وننظر دائمًا إلى الأمام ومعًا، لبناء حضارة الانسجام والوحدة، حيث لا يوجد مكان للجائحة السّيئة أيّ ثقافة الإقصاء، وهذه الثقافة هي ثمرة الأنانيّة والكبرياء والفساد، وكم هو خَطِرٌ انتشارها في العالم. 

آمل أن تعزّز هذه الخواطر فرح الاحتفال بيوم المدرسة الكاثوليكيّة، وطنيًّا وعالميًّا، وأن تعزّز التّحصّن بالرّجاء، مع التّوعية الموضوعيّة على المشاكل كافّة توصلًا إلى تجاوز السّلوك الأنانيّ والمصالح الخاصّة من أجل بناء حياة مشتركة ومسؤولة تهدف إلى تطوير الشّعوب، إنسانيًّا وأخلاقيًّا، وترسّخ روح العدالة والمصالحة والسّلام.

مبروك لمدارسنا في لبنان أمينها العام الجديد، ومبروك لمدارسنا في لبنان والعالم يوم نلتقي فيه معًا، لنجدّد معًا التزامنا بدور المدرسة الكاثوليكيّة الرّائد، وبرسالتها المنفتحة وبخدمتها للجميع. ذات يوم التزمت بهذا الدّور وبهذه الرّسالة، وبنعمة الله، سأبقى على هذا الالتزام".